ضرائب الخدمات الرقمية والواقع الملموس «1 من 4»

عكف قادة الاتحاد الأوروبي على مواجهة الجائحة العالمية خلال العام الماضي، وأدركوا حينها احتياجهم إلى ميزانية أكبر، وللمساعدة على تحمل هذه التكلفة، ستتجه أنظارهم إلى الشركات الأكبر حجما، الشركات التكنولوجية العالمية العملاقة.
واتفق قادة الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على فرض ضريبة رقمية على أن يتم تحديد التفاصيل لاحقا. وبينما لن تكون هذه الضريبة هي المصدر الأكبر للإيرادات اللازمة لتمويل ميزانية الجائحة، فإنها قد تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في كيفية فرض الضرائب على الشركات في الدول الأوروبية. وتدعم هذه الخطة اتجاها ظهر منذ فترة طويلة لإعادة تقييم كيفية دفع الشركات التكنولوجية العملاقة ضرائبها، والآليات التي يمكن من خلالها لمختلف الدول حول العالم المطالبة بنصيبها العادل من الإيرادات التي تساعد على توليدها.
ومن شأن النظم الضريبية الجديدة -حال نجاحها- أن تسهل على الدول تحصيل الإيرادات المتولدة داخل حدودها والحد من سخط العامة تجاه النجاح الضخم الذي حققته شركات أمريكية، مثل: "أمازون" و"فيسبوك"، و"أبل" و"ألفابت" وهي الشركة الأم لـ "جوجل"، بينما قد يؤدي فرض مزيج من الضرائب الرقمية غير الفاعلة، إلى إشعال فتيل الحروب التجارية، وإبطاء وتيرة الابتكارات دون توليد إيرادات ذات قيمة.
ويتوالى الزخم الوطني والإقليمي تدريجيا، إلى جانب الدفعة القوية المستمدة من أعضاء منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي البالغ عددهم 137 بلدا. غير أن أي تحرك عالمي في هذا الصدد يستغرق وقتا طويلا، ولا سيما أنه يتجاوز المجال الرقمي إلى مجموعة أكبر من الشواغل المتعلقة بضرائب الشركات عموما، فضلا عن توقف جميع هذه المساعي بعد أن احتلت جائحة كوفيد - 19 موقع الصدارة. ونتيجة لذلك، قرر عدد من الدول فرض ضرائب فردية على الخدمات الرقمية، وأثار موقفها الصارم ردود أفعال عنيفة. وفتحت الولايات المتحدة تحقيقات تجارية ضد مجموعة من الدول بدءا من فرنسا حتى إندونيسيا، زعما منها أن هذه الضرائب تنطوي على تمييز غير عادل ضد الشركات الأمريكية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن إجبار الشركات التكنولوجية على دفع ضريبة أكبر يخدم العدالة الاجتماعية، وكانت فرنسا في طليعة الدول الساعية إلى المبادرة بتطبيق الإجراءات الأوسع نطاقا الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وتشجيعها. وأبدت الولايات المتحدة اعتراضها مشيرة إلى أن هذه التحركات الفردية تقوض المباحثات العالمية وتراجع الدول عن خوض حرب تجارية في كانون الثاني (يناير) ـ ولكن التوترات لا تزال مرتفعة رغم ضآلة الإيرادات المالية المحتملة.
وقال باسكال سانت ـ أمانز، مدير مركز سياسات وإدارة الضرائب التابع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، يمكن حل إحدى أكثر القضايا إثارة للنزاع بنقل إيرادات لا تتجاوز بضعة مليارات، لكنها تظل قضية جديرة بالنقاش والطرح. وفي حالة عدم التوصل إلى حل متعدد الأطراف من المحتمل اتخاذ تدابير فردية، وهو خطر جسيم قد تترتب عليه عقوبات أو توترات تجارية... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي