رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التسويق في عصر الثورة الرقمية

اشتملت تجربة العملاء في فترة ما قبل الثورة الرقمية على ثلاث مراحل، حيث كان لها بداية ومنتصف ونهاية. وكان هدف المسوقين بسيطا نسبيا، ألا وهو توجيه المستهلكين بشكل سلس للقيام بعملية الشراء، ولكن دورهم كان ينتهي بمجرد إتمام الصفقة.
تتخذ الأمور في هذه الأيام منحى بالكاد يكون منتظما. حيث أصبح احتمال التشويش قائما أكثر من أي وقت مضى مع وجود هاتف ذكي في جيب كل مستهلك. وإضافة إلى ذلك، فإن رسائل التسويق المدفوعة أصبحت أقل ازعاجا عما كانت عليه في السابق. كما أصبح على العلامات التجارية العمل بشكل دؤوب للنجاح بإيصال صوتها وسط الضجيج الذي يعج به الفيسبوك وتويتر والمنتديات. كما تعد وسائل الإعلام الاجتماعي وتعليقات مستخدمي الإنترنت عن المنتج، أكثر جدوى من الإعلانات التقليدية بالنسبة للمستهلكين الذين يستخدمون التقنية الرقمية. فاليوم تتطلب قنوات التسويق الإلكترونية حول العالم، من العلامات التجارية أن تظهر حماسها للتواصل مع عملائها من خلال قنوات الاتصال المتاحة المختلفة.
تعد قنوات التسويق الكلاسيكية معروفة. ولكن ينبغي على المسوقين الابتعاد عن طرق التسويق القديمة المباشرة والبدء بتعلم طرق أخرى أقل مباشرة. ولا يوجد صيغة عالمية واضحة لكيفية التعامل مع التسويق الرقمي. وعلى الرغم من اختلاف تجربة العميل باختلاف العلامة التجارية، إلا أنه يوجد نقاط عامة ينبغي على جميع المسوقين أن يأخذوها بعين الاعتبار:
ينبغي على العلامات التجارية تدعيم محفظتها التكنولوجية لمواكبة سرعة التغير التكنولوجي. وهذا هو سبب توقع "غارتنر" أنه بحلول عام 2017 ستتجاوز نسبة إنفاق مديري التسويق على تكنولوجيا المعلومات، من تلك التي يصرفها عادة مديرو تقنية المعلومات. فوفقا لأبحاث موقع "إي باي"، يستخدم المستهلكون معدل ما يصل إلى خمسة أجهزة أو منصات، للقيام بعملية شراء واحدة. والتحدي هنا ذو شقين، الحفاظ على تجربة سلسة وممتعة للمستخدمين عبر جميع قنوات التواصل، وفي الوقت نفسه تلبية متطلبات الإدارة بالحصول على عائد في المقابل.
لم يعد كافيا معرفة عملائك بشكل سطحي. حيث ينبغي اليوم للمسوقين أن يكونوا على دراية بكل عميل طوال فترة ارتباطه بالعلامة التجارية. ويجب الاستعاضة عن أسلوب التعميم في التواصل مع العملاء، بآخر مصمم وموجه لمساعدة شرائح مختلفة من العملاء خلال مراحل ارتباطهم بالمنتج - سواء كان ذلك من خلال تحميل تطبيق، أو إعادة نشر تغريدة تحوي رابطا ترويجيا أو من خلال إضافة عنصر على حافظة المشتريات. منطقيا ستتعمق علاقة العميل بالعلامة التجارية في جميع المراحل، حتى يصبح العميل على استعداد للدفاع عن العلامة التجارية عبر شبكة الإنترنت.
ترتفع أعداد المؤيدين على وسائل الإعلام المتاحة أكثر من أي وقت سبق (على سبيل المثال، المجتمعات المحلية على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي)، وبشكل أكبر من تلك المدفوعة (الإعلانات التقليدية) أو تلك المملوكة من الشركة (مثل موقع الشركة على الإنترنت والمدونات). وهذا لا يقلل من أهمية الأخيرين. فتلك الوسائل المدفوعة والمملوكة يجب أن تستخدم لإيجاد تجربة جذابة للعملاء. ولكن تتحدث الأرقام عن مخاطر الاعتماد بشكل كبير على المواقع المدفوعة لكسب ثقة العملاء عبر الإنترنت. حيث ذكرت إحدى الدراسات الحديثة، أن 84 في المائة من جيل الألفية لا يفضلون الإعلانات، ويثقون برأي أصدقائهم المقربين بمقدار الضعف عن رسائل التسويق.
وببساطة يكمن الحل بتحويل العملاء إلى أشخاص متعاونين. أطلقت أشهر العلامات التجارية في العالم بداية من "بربري" إلى "ستاربكس" حملات ناجحة على وسائل الإعلام الاجتماعي، تتمحور هذه الحملات حول المحتوى الذي يقدمه المستخدمون. وبحسب المراقبين فإن طرح الأسئلة على متابعيهم عبر إنستغرام رفعت نسبة المشاركة 11 في المائة. تسهل أدوات الرصد في وسائل الإعلام الاجتماعي، على العلامات التجارية التعرف على ما يقال عنها على الشبكة. يعد ذلك خطوة جيدة كبداية، ولكن ينطوي استخدام مستوى أعلى من أدوات الرصد، على الانتقال من كونك مستمعا إلى المشاركة بمحادثات رقمية على نحو يساعد على إضافة قيمة للمستهلكين. كما يمكن الاستفادة من هذه المحادثات كأساس لاتخاذ خطوات جادة وسريعة.
نتحدث هنا عن احتياج الشركات لكسر الحواجز من أجل تلبية متطلبات مستهلكي العصر الرقمي، الذين ينظرون إلى أي تأخير بسبب البيروقراطية على أنه بمنزلة ازدراء حتى أهم العلامات التجارية لا تتابع من كثب ما يكتبه متابعوها على وسائل الإعلام الاجتماعية. حيث أظهرت دراسة أجرتها "فريش ديسك" للبرمجيات في وقت سابق من هذا العام، أن أفضل 100 شركة في عام 2014 تستغرق معدل ثماني ساعات للرد على تغريدات عملائها، ولم يتمكنوا من الرد على ما يقارب 80 في المائة من تغريداتهم.
قد يكون من الضروري الحصول على بعض المساعدة للحاق بركب العملاء. على سبيل المثال، أتاحت الشراكة بين شركتي"اوبر" و"سبوتيفي"، لعملائهم إمكانية ربط قوائم التشغيل بمكبرات الصوت في السيارة أثناء القيادة، وهو ما يعد طريقة رائعة لشركتين ناشئتين تتداخل أعمالهما من الانخراط في الترويج المتبادل. وبالمثل، بإمكان العلامات التجارية الاستفادة من المجال المتنامي للتسويق عن قرب. ومثال على ذلك، استخدمت شركة "هيلشير" العام المنصرم تقنية "آي بيكن" في محال البقالة ضمن عشر مدن في الولايات المتحدة، بهدف إرسال إخطارات حول نقانق "أميركان كرافت" على الأجهزة الخلوية للمتسوقين في المتجر. أسهمت الحملة في زيادة المبيعات ورفع نسبة ارتباط عملاء "هيلشير" بمقدار 20 ضعفا.
تعطى النقاط الخمس المذكورة أعلاه صورة شاملة عن تغيرات طرق التسويق منذ ظهور التقنية الرقمية. حيث لم يعد الهدف الوصول إلى مليون شخص من أجل تحقيق 100 عملية شراء. بل من خلال الوصول إلى عشرة أشخاص، يصلون بدورهم إلى 100 شخص آخر، ومن ثم يصل هؤلاء إلى 1000 شخص آخر، وهكذا. لذا ينبغي أن تهدف الحملات التسويقية الموجهة إلى تحويل أشخاص ذوي تأثير إلى سفراء للعلامة التجارية داخل المجتمعات الرقمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي