رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإرهابيون .. والكبت الجنسي

"تكفى يا سعد" أرقت منامنا. طلقة الرصاص أتعبتنا، كدرت عيشنا أكثر. ليس لأن هذه الحادثة مختلفة كثيرا بمعناها عن كل ما سبق، بل لأنها أشبه بمشهد سينمائي خاطب فينا الوجدان والأخلاق والشيم والمروءة والوطن والأرض والتاريخ والخلفية الثقافية. كنا تناقلنا قبل أيام فقط مقطعا لعسكري تستقبله أمه، لم نكن نعرف من هو، لكن مشهد الاحتضان والقبل كان مؤثرا جدا على خلفية كلمات الشيلة الملائمة للحدث. وكأن المشاهد السينمائية بصدفها توثق حياة الشهيد اليتيم مدوس العنزي. وذلك كثير ليحتمل. نشعر أحيانا بتكرار أنفسنا بالتنظير وطرح الآراء في مواضيع كهذه، إلا أن الأمل هو المساهمة وأن تنتقل الأفكار النظرية إلى حلول فعلية. وقد بحثت غير مرة منذ مدة في فكرة ارتباط الكبت الجنسي بالإرهاب، وقد هاجمني البعض المختلف مع الفكرة.
الملتحقون هم من فئة شباب مراهقين أعمارهم حتى بداية الـ 20. الملتحقون من هذا العمر أغلبهم انتحاريون كأدوات تنفيذ وليسوا جنودا ولا أمراء "دواعش". الانتحاري يختلف عن الجهادي الاعتيادي من ناحية الهدف تجاه "الجنس" بين دنيوي وأخروي. لا سيما انتحاريي الداخل ممن يعملون من مواقعهم. عندما يتعرض الذكور للحرمان الجنسي في فترة المراهقة والشباب، فالعدوانية والاعتداءات الجسدية علميا هي الأعراض الجانبية الأكثر شيوعا.
الكبت الشديد يجعل الشاب عدائيا مؤذيا ذا أفكار وسلوكيات هدامة ناجمة عن الإحباط. فهو يجعل الجسم لا ينتج الإندورفين المسؤول عن الرضا عن الذات، ولا يوجد بدائل أخرى سوى ما تحرمه الشريعة والذي يرتبط بالشعور الدائم بالذنب. فترة المراهقة حتى بعد الـ 20 هي فترة حرمان وتوتر طويلة حرجة مع غياب بدائل النشاط والانشغال الفكري والجسدي. ربما يختلف البعض حول فكرة أن الأسباب غير مباشرة تماما، لكن الأمر مرتبط حتما باللاوعي، حين يتلقى الشاب منافذ للعدوانية والتفجير متزامنة مع التحريض والفتاوى والتأييد من رموز دينية محلية لها دغدغة جماهيرية.
يمارس المتطرف الشاب العنف للهرب من مخاوفه الذاتية وإحباطاته. عمر سعد 22 سنة وعمر أخيه 18. والتحاق المرحوم ابن العم الشاب مدوس 21 سنة بالعسكرية كان بحسب الخبر الذي قرأته قبل شهر فقط. وهذا أمر غير منطقي ظاهريا، حيث كان بالإمكان إيجاد بدائل لثني ابن العم مثلا لو أرادوا. هل كانت غيرة نفسية تجاه المغدور؟ لا نعرف حيثيات ذلك لكن الأمر أقرب إلى حالة نفسية مضطربة منها إلى مسرح حقيقي. القضية مع هذا النوع من التطرف المستحدث هي قضية فتح منافذ لإفراغ الإحباط الداخلي. تماما مثل ما تفعل أعراض نقص معادن أو فيتامينات معينة في الجسد. وهذا ليس تسطيحا للقضية بل هو في أصلها وثغراتها.
معظم الانتحاريين تقريبا من صغار السن واليافعين جدا. لا شك أن هناك انتحاريين من فئات عمرية مختلفة وهؤلاء قلة يعانون حالة عدم نضج نفسي لا تختلف عن المراهق. الحلول والتحديات هي في إبطال مخاوف وإحباطات المتطرف. الشبان الصغار واليافعون يمتلكون استعدادات فائرة ومتوثبة تقابل بالكبت. كما أن أي محاولات إفراغ لهذه الطاقة بطرق مختلفة يقود إلى إحباط آخر وهو شعور بالذنب والنقص والسلبية. من هذا الثقب يتسلل الإرهابيون والدواعش إليهم. في الحقيقة، المعركة في وجه ما يحدث شديدة التعقيد لكنها تحتاج إلى حلول من جهات عدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي