جائزة الشفافية .. خطوة على الطريق

من أخطر ما نواجهه في معركتنا مع الفساد هو الترويج الإعلامي المتصاعد والذي يروج لأخبار الفاسدين وبطولاتهم دون وعي، واستعراض مخالفاتهم بطريقة بطولية تجعل منهم نجوما ونافذين وأثرياء على حساب أولئك الشرفاء النزيهين، لدرجة يخشى منها أن تصبح هذه الأخبار شيئا اعتياديا يجعل التعاطي مع الفساد أمرا مألوفا على المستويين الاجتماعي والإعلامي.
وقلت في مقال سابق إننا في حاجة إلى الاحتفاء بالمؤسسات ذات السمعة العالية في مجال النزاهة وبالكفاءات النزيهة وهم الغالبية في مجتمعنا وليس أقلية أو أشخاصا نادرين ومنقرضين كما يصورهم الخطاب الاجتماعي الساخر الذي يتداول كثيرا في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
هذا الاحتفاء لابد أن يكون من خلال جوائز متخصصة للنزاهة ومبادرات فاعلة في هذا الجانب.
وقد لفت نظري الأسبوع الماضي خبران مهمان في هذا السياق الأول: اختيار الدكتور حمد بن عبد الله المانع وزير الصحة الأسبق لجائزة النزاهة العربية من قبل "الاتحاد العربي لمكافحة التزوير والتزييف" المنبثق عن جامعة الدول العربية، وسيتم تكريمه باحتفاء خاص في دولة الكويت خلال الفترة من 25 إلى 26 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم 2015 نظير جهوده في مجال النزاهة رغم أنه ترك منصبه الحكومي منذ أكثر من ست سنوات لكن بقيت جهوده الطيبة محل ثناء الناس، ولا أحد ينكر جهود الرجل في محاربة الفساد في وزارته وأيضا نجاحاته الإدارية الأخرى، ولعل كتابه الرائع "سيرة وزارية صريحة" يوثق جملة من المبادرات الناجحة التي تركها الوزير المانع في وزارته.
والثاني ما أعلنته مؤسسة السعفة الخيرية ـــ مؤسسة المجتمع المدني المعنية بتعزيز قيم النزاهة والشفافية في المجتمع ـــ من قرب إعلان المرشحين لجائزتها السنوية للشفافية، وبدء فرز ملفات المتقدمين لنيل الجائزة هذا العام والتي ترشح لها مجموعة من منظمات القطاعين العام والخاص وفق الشروط التي أعلنتها مسبقا، ويؤكد الخبر المنشور أن الجائزة شهدت هذا العام إقبالا غير مسبوق، تنافس عليها وزارات وهيئات حكومية ومؤسسات قطاع خاص متنوعة.
والجائزة، كما أعلنت مؤسسة السعفة، تهدف إلى تعميق و زيادة الوعي حول الشفافية، والنزاهة، والعدالة، والمساءلة، ومن المؤسف أن الجائزة لم تحظ بالدعم الإعلامي الذي يتواكب مع رسالتها الرائدة وإلا كانت في مصاف أهم الجوائز الوطنية الأخرى.
يجب أن يتحقق لجائزة الشفافية كل الدعم الاجتماعي والإعلامي لتأخذ مكانتها بجانب المبادرات الوطنية الأخرى باعتبارها مبادرة وطنية تؤسس لثقافة أخلاقية أصيلة.
مثل هذه المبادرات كفيلة بإخراج نماذج مضيئة وبارزة في أجهزة الدولة كانت الأموال تجري من تحت أيديها إلا أنها اختارت الطريق الحق وظلت متمسكة بقيم الأخلاق والنزاهة الأصيلة ولم تتورط في شبهات الفساد، ويبقى إبراز دورهم ونزاهتهم مطلبا ملحا لتعزيز القدوة الحسنة وتعزيز السلوك الأخلاقي النبيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي