فئات ضالة بقناعات خاطئة يغذيها مرضى فقدوا عقولهم

فئات ضالة بقناعات خاطئة يغذيها مرضى فقدوا عقولهم

ما زال مجتمعنا يواجه فكرا منحرفا يبث سمومه في أوساط الشباب، مما أسهم في تبنيه الكثير من الأعمال الإجرامية التي تسببت في وقوع الضحايا والخسائر في الأنفس والممتلكات, في حين تبذل الدولة الكثير من الجهود لمواجهة هذا الفكر، وتمثل حملات المناصحة التي تنفذها وزارة الداخلية، جزءا من هذه الجهود التي تأتي بالتوازي مع ما يتم تحقيقه من إنجازات أمنية استباقية لدحر المخططات الإجرامية التي تستهدف أمن الوطن واستقراره، وكان لحملات المناصحة دور كبير في تراجع العديد من المنتمين إلى خلايا الإرهاب أو من يحملون الفكر الضال.
"الاقتصادية" سلطت الضوء على هذا الفكر والسبل الكفيلة بمواجهته والقضاء عليه، فكانت هذه الندوة التي شارك فيها عدد من المختصين الشرعيين وهم: الشيخ الدكتور يوسف بن أحمد القاسم الأستاذ المساعد في المعهد العالي للقضاء في الرياض، الشيخ الدكتور صالح العصيمي الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشيخ الدكتور إبراهيم بن علي المغيرة الأستاذ في جامعة الإمام محمد ين سعود الإسلامية، الدكتور عبد الله الجا ر الله أستاذ علم القراءات، الشيخ محمد بن مطر السهلي إمام وخطيب جامع الأميرة شيخة والداعية المتعاون في مركز الدعوة في مكة، والشيخ سامي الخلف مستشار شرعي.

"الاقتصادية": كيف يمكن مواجهة الفكر الإرهابي واجتثاث جذوره؟

الدكتور يوسف القاسم: أعتقد أن مواجهة الإرهاب كما تكون بالقوة, تكون أيضاً بمقارعة الحجة بالحجة، فالفكر يقاوم بالفكر ولا سيما أن كثيراً من المتورطين في هذه الحوادث, هم من صغار السن المغرر بهم, وما قامت به الجهات الأمنية في المملكة من تشكيل لجنة خاصة بالمناصحة تقوم بدور التوجيه, وإزالة الالتباس وتصحيح الفكر, هو إجراء ناضج وذكي وسليم, أثبت دوره وفاعليته, وتصريحات المسؤولين عن نجاح هذه اللجنة هو أكبر شاهد على هذا, وقد قرأت تصريحاً في إحدى المجلات المحلية لمدير الشؤون الدينية في الإدارة العامة للعلاقات والتوجيه في وزارة الداخلية, ذكر فيه أن اللجنة قامت بمناصحة 700 شخص ممن يحملون الفكر المتطرف, وقد تراجعوا كلهم عن هذا الفكر بقناعة تامة, وبعد خروجهم من السجن, وبعد المتابعة الأمنية لم يرجع من هؤلاء إلا نزر يسير, لا يتجاوزون عدد الأصابع, وهذا شاهد على النجاح الكبير الذي قامت به الوزارة ممثلة في هذه اللجنة, ولغة الأرقام هي دليل حسي وذكي على هذا النجاح. وهنا أسجل دهشتي واستغرابي من بعض الكتاب في صحفنا المحلية, ممن يحاول بشكل أو بآخر التقليل من جدوى هذه اللجنة, وهي تشكل نجاحا عظيماً بهذا المستوى، وفي تقديري أن من لديه وطنية حقيقية يفرح بهذا الإنجاز ويسعد به, أما من لا يؤمن إلا بقوة السلاح, وصوت الذخيرة, فهذا من وجهة نظري تطرف فكري يحتاج هو الآخر إلى علاج, كما يحتاج إلى لجنة مناصحة من نوع خاص.

الدكتور صالح العصيمي: الحقيقة أن هذا الفكر منذ ظهر في هذه البلاد والجهود الحثيثة مستمرة للقضاء عليه واجتثاث جذوره، وهذا الفكر يجب مواجهته بالتوعية والتوجيه ودحض الشبه، وإقامة الندوات التي تطرح من خلالها شبه أصحاب الأفكار الضالة والإجابة عنها، وسيكون لذلك أثره الطيب والفاعل في القضاء على هذا الفكر، ولا سيما أن الكثير منهم مغرر به ويحتاجون إلى مزيد من العمل الجاد حتى يتم القضاء على الفكر الذي يحملونه.

الدكتور إبراهيم المغيرة: على رغم شيوع ظاهرة الإرهاب واصطلاء عدد من المجتمعات بنارها، واكتواء عدد من شرائح الشباب بشررها، وعلى رغم الجهود المبذولة في علاجها على امتداد عالمنا الإسلامي، فإنها بقيت في غالب الأحوال في دائرة التغطية الإعلامية والمساجلات الفكرية العابرة والتوظيف الفكري لانتصار تيار فكري على خصومه واستنبات دواعي الخوف منهم أو الكره لهم، وكثيرا ما استثمرت في نقد بعض المفهومات السلوكية غير المرغوبة لهذا التوجه الفكري أو ذاك، دون معالجة حقيقية لهذا المشكل في أغلب الأحوال، فلا بحوث جادة ولا دراسات معمقة ولا مراكز للبحث المتخصص ولا خطوات عملية في تحصين المجتمع من الظاهرة ولا تعاطي حقيقيا مع هموم شرائح الشباب التي تأثرت بالظاهرة وباتت وقودا لها، ويمكن مواجهة الفكر الإرهابي واجتثاث جذوره بعدة وسائل : أولا: بصرف النظر عن تحديد معنى منضبط للإرهاب على أهميته، فإن علاج ظاهرة الإرهاب ومواجهة جذوره الفكرية من أهم ضرورات الشرع ومسلمات العقل السوي، وذلك لما يحدثه هذا الفكر من ضرر بالغ على الحياة الإنسانية بأسرها، ولما يعود به في كثير من الأحوال على الإسلام من التشويه والتنفير والتخويف من دعاته والمخلصين له، ثانيا: على خطورة هذا الفكر والسلوك وبالغ ضرره، فإنه لا يستعصي على العلاج وبخاصة في مجتمعات الخليج حيث قوة بناء لحمة المجتمع وترابطه، وعمق الولاء بين مكوناته، ووفرة الموارد وعمق التدين، وعلو مكانة أهل العلم والرأي بين شبابه، مما يعين على محاصرة هذا الفكر في شرائح محدودة يسهل الوصول إليها ومعرفة همومها وأسلوب تفكيرها كلما صدق العزم وتوافرت الخطط العملية المنهجية ذات الطبيعة المستمرة، إذ النجاح في معركة الفكر أكثر فائدة وأقل تكلفة وأصلح للجميع، ثالثا: الإرهاب والتطرف يمثل ظاهرة عالمية لا يرتبط بعنصر أو دين معين دون آخر، وإن كانت ماكينة الإعلام الغربي المتصهين كثيرا ما تستغل الأحداث في تشويه الإسلام ومحاربة أهله، رابعا: إن من المسلمات المنطقية والواقعية أن نجاعة علاج أي مشكلة مرتبط بمعرفة أسبابها، ولذا قيل : " إذا عرف السبب بطل العجب "، حيث بمعرفة السبب يسهل رفعه فيرتفع نتيجة لذلك أثره وينتهي وجوده.

الدكتور عبد الله الجار الله: كل فكر منحرف نشأ من مروجين مهرة لهذا الفكر بغرض تصديع المجتمع الإسلامي وتشتيت الشمل وزرع بذور الفرقة وعدم الثقة فيكون معول الهدم من داخل المجتمع ويفعل ما لا يستطيعه جيش بكامل أسلحته وعتاده، ولمواجهة مثل هذه الأفكار المنحرفة المخالفة للكتاب والسنة وإجماع المسلمين لابد من التصدي لها على كل المستويات، فعلى المستوى العام لا بد من الآتي: حصر وسائل ومصادر وأدوات ترويج الأفكار المنحرفة بين أفراد المجتمع عامة وفئة الشباب والناشئين خاصة، زرع تعظيم الولاء والمحبة والسمع والطاعة لولاة الأمر، وأن هذا من أمور العقيدة وأصول الدين بين أفراد المجتمع كافة وبخاصة فئات الشباب المستهدفة أكثر من غيرها بهذه الأفكار المنحرفة، إشراك جميع فئات المجتمع وبخاصة الشباب من الجنسين في التخطيط والتفكير لمواجهة الإرهاب بأفكاره المنحرفة والمخالفة للكتاب والسنة، معرفة الحرية الحقيقية في الإسلام، فالحرية مكفولة في الإسلام ولكن بضوابطها، فكما يوجد هناك تطرف في ناحية الالتزام في الإسلام، فإن هناك أفكارًا أخرى تمثل التطرف المقابل الذي يدعو للتحلل من قيم ومبادئ الإسلام، وكلا التطرفين مرفوض، النظرة الصحيحة لهؤلاء المنتسبين لهذه الفئات الضالة أنهم مرضى محتاجون للعلاج، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في موقفه مع الخوارج الذين ثبت عنده ضلالهم والذين استحلوا دماء المسلمين قال فيهم: "إخواننا بغوا علينا"، وفي قتاله مع معاوية رضي الله عنهم جميعًا كانوا يقتتلون طوال اليوم وفي آخر النهار يجمعون قتلى الفريقين ويصلون عليهم وهذا مما يؤلف قلوبهم ويجعلهم أكثر حضورا لسماع الحق والاستجابة إليه، وهذا ما هو معمول به ولله الحمد من قبل وزارة الداخلية والجهات الأمنية المختصة، اعتماد أسلوب الحوار في العلاج، كما ذكر ذلك وزير الداخلية حين قال إن الفكر لا يعالج إلا بالفكر, فجميع الأعمال التي تصدر عن الإنسان غالبا إنما تصدر عن معتقداته خصوصا تلك المصيرية منها، فالتصرفات الخاطئة ناتجة عن معتقدات خاطئة، ولا يمكن تعديلها مهما مورس على الإنسان من ضغط جسدي أو نفسي، نعم قد يكف عنها نتيجة الخوف، ولكن ذلك يكون لأجل محدد وتظل تلك المعتقدات تسيطر عليه حتى إذا ما وجد الفرصة المناسبة خرج ليحقق معتقداته، السعي إلى تفعيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع التي هي ولله الحمد قائمة مدعومة بأجهزتها في هذه الدولة المباركة، لأنه صمام الأمان لهذه الأمة، والعمل على محاربة جميع المنكرات الظاهرة في المجتمع، ونشر الفضيلة والتقوى فيه، كل ذلك سيكون بإذن الله سببًا لنزول الخيرات والبركات وقد وعدنا بذلك ربنا جل في علاه.
الشيخ محمد مطر: يمكن مواجهة الفكر الإرهابي واجتثاث جذوره بالفكر، والفكر يواجه بالفكر والجدل ومقابلة الحجة بالحجة، ولذلك أرسل علي رضي الله عنه، ابن عباس لمجادلة ومناقشة الخوارج، كما ذكر ذلك ابن حزم في الإحكام، وغيره من السلف.

الشيخ سامي الخلف: يمكن مواجهة الإرهاب واجتثاث جذوره بما يلي: عدم الاعتماد في حل هذه المشكلة على الأسلوب الأمني فقط، بل لا بد من محاولات محاورة من قبض عليهم حتى يرجعوا عن فكرهم لكي يؤثروا في غيرهم للأحسن والفضل مع استمرار الحل الأمني وسيكون ذلك من أبرز الحلول الناجعة وقاية وعلاجا لتلك المشكلات، السعي الحثيث لإزالة المنكرات وعدم ظهورها، كون ذلك الأمر يدفع من لا فقه له في إنكار المنكر وبخاصة من الشباب المهتدي الجديد أو صاحب الشبهة حتى إلى إزالة هذا المنكر وفقا لما يراه من أساليب الإزالة التي ربما تدفعه الى إيجاد أي وسيلة ولو كانت بالتفجير والتدمير، إيجاد المجالات المناسبة المحافظة لامتصاص طاقات الشباب وخاصة المتدين منهم، حيث يجد كثر من الشباب غير المتدين الكثير من الملاهي والأماكن المهيأة التي قد تستهلك وقته وطاقته، بينما يجد الشاب المتدين ضيقا فيما يستنفد جهده وطاقته في بعض البلدان، وهذا يشعر ضعيف العلم بأنه أسير مقيد فيستجيب لأي دعوة تدعوه لكسر القيد والتحرر من الأسر ولو بأعمال مشينة، فتح المجال أمام الدعاة المعتدلين الذين يفهمون الإسلام فهما شموليا من خلال القنوات الفضائية والمذياع والصحف وتوجيههم بإلقاء المحاضرات العامة والدروس في المساجد ونحوها، وهذا من شأنه أن يقلل من فرص نشأة التيار المتطرف الذي يتبنى العنف، ويجعل من التدمير وإزهاق الأرواح طريقا لإيصال فكرته وتحقيق أهدافه، إن أسلوب الحوار في العلاج هو الأسلوب الناجع في كثير من الأحيان لتصحيح المفاهيم الخاطئة مع أصحاب الفكر الفاسد والمنهج المنحرف، لكون تلك التصرفات ناتجة عن معتقدات خاطئة، ولا يمكن تعديلها مهما مورس على الإنسان من ضغط جسدي أو نفسي، نعم قد يكف عنها نتيجة الخوف وبصورة مؤقتة. فهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى الخليفة الزاهد استطاع أن يجعل من فترته أهدأ فترات الدولة الأموية من حيث المشكلات التي كان يثيرها الخوارج والمعارك الداخلية من خلال الحوار العلمي الفكري الرصين الملم بالشبهات والرد عليها، ويجب أن يشعر الطرف الآخر بأن الحوار المجرى معه مبني على الندية والتساوي لا الفوقية والتعالي، أو التوبيخ واللوم ونحوها مما يكون له أثر غير طيب في الطرف الآخر، أدراك كل من المؤسسات التربوية على اختلافها وتنوعها المسؤوليته الملقاة على عوائقها والقيام بها على الوجه الأتم والأكمل من حيث التوجيه والإرشاد لفهم تعاليم الشريعة فهما صحيحاً بدءاً بالخلية الأولى وهي الأسرة التي تعد نواة المجتمع الأولى والمحضن الأول والطبيعي للناشئة، وهي كما قال الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منا * على ما كان عوده أبوه !!.
وكما يقول آباؤنا في المثل الشعبي " العود من أول ركزه"، فإذا أدى الوالدان أو أحدهما ما افترضه الله تعالى عليهما من واجبات تربوية تجاه تربية وتعليم الأولاد وفقاً للمنهج السليم فإن ذلك يكون بمثابة الحصانة القوية للنشء بإذن الله من أن تجتالهم الشياطين أو أن يكونوا لقمة سائغة لحبائل شياطين الإنس خاصة، ناهيك عن إحكام الرقابة على الأبناء ومعرفة رفاقهم، بل اختيار الأصلح والأنسب لأولادهم ذكورا وإناثاً بالطرق التي تضمن عدم تمرد النشء ونفوره من تلك الرقابة، والحديث في تربية الأبناء وتوجيههم يطول بسطه وقد كتب في ذلك الثقات المتخصصون. وأثني على القول بدور المدرسة الذي لا يقل أهمية عن دور الأسرة بل يرتبط ارتباطاً وثيقا بدور المنزل، فلو تأملت وضع الطالب في المدرسة من حيث قضاء قرابة ثلث يومه الحيوي في المدرسة وما يتلقاه من معلميه ويتلقفه من أصدقائه لأدركنا إدراكاً تاما أن المدرسة قد تكون سببا قويا في تغذية وتحويل مسار النشء وتلقينه قواعد الفكر ومفاتيح الحياة، وبخاصة تلك الفترة التي تتوافق مع بداية مراهقته وحدوث التغيرات النفسية والفكرية المعقدة التي تتطلب تعاملاً خاصا مع تلك الفترة العمرية الحساسة، وتتطلب أيضا القدوة الصالحة. ومن هنا أذكر بما جاء في الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته"، قال: وحسبت أن قد قال "والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" نسأل الله تعالى أن يلهم الجميع الصواب ويمدهم بالإعانة.

"الاقتصادية": ما المحاضن التي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في معالجة هذا الفكر ومسبباته ؟

الدكتور القاسم: المحاضن التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في المعالجة كثيرة, بدءا بالبيت والأسرة, ومروراً بوسائل الإعلام المحلية والفضائية, وبالشخصيات العلمية والثقافية النزيهة والمؤثرة, وانتهاء بالمحاضن التعليمية والتربوية, فمحيط الأسرة له أثره الكبير في تربية الابن, وتوجيهه الوجهة التربوية السليمة, ولا سيما إذا كانت الأسرة مستقرة, وأجواؤها مطمئنة, يملؤها الجو العاطفي, والحنان الأبوي, وحضن الأم الدافئ, ويمثلها القدوة الحسنة في الأب والأم, وحينئذ يستقر الابن, وتطمئن نفسه, وتهدأ جوارحه, ويملأ البيت جوانحه بالأنس والسرور والسعادة, ولا يفتش خارج المنزل عن صديق يسد فراغاً عاطفياً في نفسه, ولا ينقب عن صاحب يلملم جراحاته, ويكفكف دموعه وآهاته، ومن المعلوم أن الولد الذي يربى بالقسوة والعنف, ويعيش في بيت تكتنفه الغلظة والجفاء, لا ينشأ إلا عاقا, ينتظر الفرصة للانتقام من مجتمعه, أو من مربيه.
أما وسائل الإعلام المختلفة, فقد دخلت كل بيت, وملأت كل زاوية, وتسللت إلى كل قلب, وتوظيفها في مقارعة الفكر المتطرف بكل صراحة وموضوعية - بعيداً عن التجريح والإسفاف - له دوره الكبير والفعال أيضاً, وما تقوم به "الاقتصادية" مشكورة عبر هذا الحوار هو جزء من هذا الدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسات الإعلامية، أما الشخصيات العلمية والثقافية, فعليهم واجب آخر لما يحملونه من علم, وثقافة, سواء باللسان أو بالقلم كل بما يستطيع, والعلماء وطلاب العلم والمثقفون الشرفاء ممن عرفوا بالصدق والنزاهة والوطنية هم أجدر بالقيام بهذا الدور المهم، لأنه من أبسط الحقوق التي يفرضها الواجب الديني, ويمليها الحس الوطني, ولئلا يوظف هذا الموضوع من قبل من يتشدق بالوطنية لأغراض وأهواء داخلية, أو أجندة خارجية, فيساوم على الوطنية أو يجيد اختطافها متى سنحت له الفرصة بذلك، أما المحاضن التعليمية والتربوية, الحكومية منها والأهلية, على المستوى الجامعي وما دونه, هذه أيضاً عليها دور مهم جداً, وذلك من خلال تدريس المواد الشرعية والتربوية التي تغرس في نفوس الطلاب بعض المعاني الإسلامية الوسطية السامية, التي تحث المسلم على فعل المعروف, بدءا بحقوق المسلم على أخيه المسلم, سواء كان أماً أو أباً أو زوجاً أو قريباً, وسواء الراعي والرعية, ومروراً بحق الإنسان, أياً كان مسلماً أو غير مسلم, بإماطة الأذى عن الطريق, وإعانة الضعيف, والإحسان إلى الجار والفقير, وانتهاء بحق الحيوان, وعرض نماذجه الحية في الإسلام, كما في سقي الكلب الذي أدخل البغي الجنة, وحبس القط الذي أدخل المرأة النار, فغرس هذه المعاني السامية التي تحث على فعل المعروف بالمسلم والإنسان والحيوان, والمعاني الأخرى التي تمنع من المنكر وتحذر منه, كالنصوص الشرعية التي جاءت بتحريم قتل النفس المعصومة, وإثم ترويع الآمنين, ونحو ذلك مما حذر منه الإسلام, غرس هذه المعاني له أثره الكبير والعميق, ولا سيما إذا كان التعليم على أيد مؤهلة, تحمل هم الدين, وتكرس معنى الوسطية, وتشعر بعمق الانتماء لهذا الوطن.

الدكتور صالح العصيمي: المحاضن التي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا هي، المساجد والمدارس وحلقات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية، من خلال بيان خطورة هذه الأفكار وتحذير الشبيبة منها بالحوار والإقناع، بل أثبتت التجارب أن هذه المحاضن من أبعد المجالات عن الأفكار الضالة، وغالب أصحاب هذه الأفكار يحرمون الدراسة، بل بعضهم يحرمون الصلاة خلف الأئمة والخطباء، فأماكن تجمع الشباب يجب أن تدعم ماديا ومعنويا، ففرصة أن يتجمع الشباب ونوجههم، أما أن نظلم أصحاب المراكز الصيفية وحلقات تحفيظ القرآن ويتهمون بما هم منه براء فهذا يؤجج الفتنة. ومن أعظم وسائل القضاء على هذا الفكر التوعية للعامة والخاصة، وفتح باب الحوار بين العلماء والدعاة، ومن علقت برؤوسهم شبهة، مع إعطائهم الأمان ليقولوا ما في عقولهم، فإذا قال ما في عقله وهو مطمئن أن لن يصيبه أذى فسيرجع كثير من أصحاب هذه الأفكار، وأظن أن فتح باب الحوار الآمن وسيلة ناجحة لأنني أظن أن هناك من يتمنى أن يطرح ما في عقله حتى يرتاح، ولن يعجز العلماء عن تفنيدها بإذن الله، وعدم قدرة الشباب على طرح أفكارهم يجعلهم لقمة سائغة لمن يستغلونهم في الإفساد والتخريب ونشر الفوضى وقتل الأبرياء، كما أن من الوسائل الناجحة منع الكتابات المضادة للدين من قبل بعض الكتاب الذين استغلوا مساحة الحرية استغلالاً سيئا، فكان لهم دور في إثارة هؤلاء الشباب وشجعوهم على ما هم فيه والجميع يقرون على ذلك، فالخطأ لا يعالج بالخطأ والوقاية خير من العلاج.
الشيخ محمد السهلي: بالنسبة للمحاضن التي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في معالجة هذا الفكر فهي كثيرة من أهمها: منبر الجمعة وما فيه من مقومات التأثير التي لا تتوافر في غيره من منابر الدعوة والإعلام، الدروس والمحاضرات، لأن الفئة المبتلاة بهذا الداء إنما وقعت فيه بدعوى حب الدين والذود عنه، الإذاعة والتلفزيون؛ حث إنها يوصلان المعلومة لكل بيت وبوسائل تأثير قوية، مواقع الإنترنت، وقد تكون من أخطر المؤثرات، فبحسب الخبرة والواقع توصل إلى أن الإنترنت أكبر مصدر تغذية وتلق لهذا الفكر، ويتوارى خلف متجاهليه أقوام لا يعرف في كثير من الأحيان من هم.
الدكتور المغيرة: بالنسبة لظاهرة الإرهاب فكرا وسلوكا على مدار التاريخ مرتبطة بأسباب متعددة ومتلونة حسب طبيعة الأشخاص والمجتمعات والظروف والأحوال التي تصاحبها، ويمكن تلخيص هذه الأسباب في التالي: عدم الرسوخ العلمي مع حداثة السن وقلة التجربة وشبوب العاطفة وارتفاع مستوى الغيرة عن الحد المأذون به شرعا، مما يشكل فراغا نفسيا وعلميا يعطي الفرصة لبناء قناعة تتلاءم مع هذه الطبيعة النفسية لحماس الشباب واندفاعه والتماس المعاذير التي تبرر سلوكه، التأثر بفكر الغلو الذي يعطي مبررا لممارسة أعمال العنف ومسوغا لتكفير الآخرين واستحلال ضروراتهم، تشكل الطبيعة النفسية الحاقدة على المجتمع المستعلية على قيمه الواثقة بأنها التي تضحي بأنفس الأشياء، والآخرون مفتونون بحطام الدنيا والتنافس على ملذاتها، مما يشكل حاجزا يحول دون الانتفاع بحكمة الآخرين وفقههم، بل هذه النفسية تنظر إلى بعض رموز الفكر والعلم نظرة إشفاق أو احتقار لاجتهاداتهم وشعور بالرفض والتحدي لحججهم؛ مما يعميهم عن التأثر بهم أو الثقة بمواقفهم واجتهاداتهم، روح الإحباط واليأس من تغلب المجتمعات الإسلامية على مشكلاتها وعوامل ضعفها، والصمود أمام الضغوط الخارجية والمظالم الدولية للمسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال، والشعور الغامر بأن مفتاح التغيير هو المواجهة المسلحة وتهديد مصالح الغرب ومن يعتقدونه مسالما لهم. وبالجملة فالتطرف والنزعة للأعمال لإرهابية ثمرة لمجموعة من العوامل والاحباطات، أهمها الجهل بأحكام الله، واتباع الهوى المؤدي للتعسف في تأويل النصوص طلبا للشهرة والرياسة والزعامة وفق نفسية منحرفة تميل إلى العنف والحدة مما يؤدي إلى إسقاط الثقة بالعلماء، والانحراف الخلقي حيث المفاسد الاجتماعية المعلنة. وأخطر أسباب الإرهاب الفراغ الروحي، فعدم وجود ما يشبع رغبات الشباب خاصة إذا وافق ذلك بطالة وعدم وجود سبل الرزق وكسب العيش، كفيل بضياعهم وربما انحرافهم، مما يسهل توجيههم واستغلالهم من قبل أي إنسان كان وحسب رغبته وخططه، وربما كان هذا الفراغ سببا للجريمة والإفساد في المجتمع، فما بالك إذا كان ينظر إليه على أنه رمز للتضحية والاستعلاء، وقدم له من المال والإشباع النفسي ما تستغل به طاقته في تحقيق أهداف مشبوهة.

الدكتور الجار الله: أما على المستوى الخاص فأرى أن مواجهة هذا الفكر المنحرف تكون من خلال: حلقات نقاش مفتوحة بين الشباب والناشئين كتلك التي تمت في مؤتمرات الحوار الوطني لاستطلاع الأفكار المنحرفة وبيانها وتفنيد حقيقتها والمنهج الصحيح في مواجهتها والرد عليها وبيان خطرها على الفرد والمجتمع والأمة، الاهتمام بالناشئة منذ نعومة أظفارهم في مراحل الدراسة الأولى من خلال تجريم الأفكار المنحرفة وزرع روح الإسلام السمحة وتحريم الإفساد في الأرض والتعدي على حرمات المسلمين والخروج على إمامهم، بعقد حلقات متنوعة في الوسط النسائي وبخاصة منهن من كن في سن الشباب لأنهن أمهات المستقبل ومربيات الجيل، وذلك للمساهمة في تعزيز جميع الوسائل الممكنة التي تعينهن على مواجهة المنهج المنحرف والأفكار الضالة لدى الناشئة. وكما قال الشاعر : "الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعبا طيب الأعراق"، متابعة ما يدور في أفكار الشباب والناشئة فما كان منها مخالفا للمنهج الشرعي تتم مناقشته لإظهار الحق وإبطال الباطل وما كان منها سليما موافقا للدين والعقل فإنه يعزز ويشكر ويذكر، من خلال عمل مخيمات شبابية واستثمار الأندية الرياضية والأنشطة المدرسية ومن خلال فعاليات مختلفة ومحببة للشباب ويقوم على تلك المناشط والفعاليات رجال موثوقون ومؤثرون ومقبولون ومؤتمنون في ديانتهم ووطنيتهم، فتكون تلك الفعاليات والمناشط محاضن يتعلم منها الناشئ كيف يرد على من يحاول بث الأفكار المنحرفة وبذلك يكون لديه حصانة ومناعة بإذن الله ضد هذه الانحرافات والضلالات، بل يكتسب مهارات كيفية تغيير الفكر المنحرف للإسلام الصحيح بالحكمة والموعظة الحسنة، فتح خط ساخن بين من لديهم الخبرة والمهارة والعلم الشرعي لمناقشة الشباب، وهم ولله الحمد كثر وذلك لتقديم النصح والإرشاد للتائبين والراغبين.

"الاقتصادية": ما دور العلماء والدعاة ووسائل الإعلام في مجابهة هذا الفكر ووضع الحلول المناسبة؟

الدكتور صالح العصيمي : دور العلماء والدعاة دور كبير من خلال دحض شبه هؤلاء وذكر الأدلة الشرعية التي تحرم مثل هذه الأفعال، واستضافة من تراجعوا عن هذه الأفكار ليحكوا تجاربهم، كذلك نقل الآثار السيئة لهذه الأفعال للناس حتى يرتدعوا ويتوبوا، كذلك العدل في الطرح فلا يقحم الجهاد المقدس مع هذه الأفعال، وأن يبين الفرق بينهما، لأن هناك من تهجم على الجهاد بظنه أن هذه الأفعال من صوره، والحقيقة تخالف ذلك، فيبين للناس أن هذا ليس بجهاد، وهل يجاهد أحد في بلاد الحرمين ومعقل التوحيد، هذا ليس جهادا وهذا ضلال وإفك، فيبين للأمة أن قتل أهل الإسلام أو المعاهدين، وتفجير البلاد، بلاد الحرمين، ليس جهادا، بل تخريب وضلال وتعد على حدود الله، وإعانة العدو على ترويع أهل الحرمين، وزرع للفتنة بين المسلمين، وليعلم الجميع أن ولاة أمرنا من خيرة الحكام في زماننا، وحب الإسلام لديهم معروف وملموس، وغيرتهم عليه ظاهرة.

الدكتور الجار الله: بالنسبة لدور العلماء والدعاة فإنه يدور حول عدة محاور منها: تفعيل دور الدعاة المشهورين والمؤثرين في المجتمع وبخاصة في أوساط الشباب والناشئين في المشاركة الفعالة والمستمرة في مواجهة هذا الفكر الضال من خلال خطة عمل طويلة ومستمرة، لما لهم من محبة وقبول وفرح بهم وسرور وتأثير لدى جمهور المسلمين، التخطيط المتقدم لبرنامج احتواء هذا السلوك المنحرف والمعتقدات الباطلة من خلال برامج علمية متخصصة وسهلة التطبيق، إعلام الناس بغاية الشريعة الإسلامية التي هي مصدر التشريع وتقوم عليها حياة المسلم كلها فيتعرف المسلم على مقاصد الشريعة وأهدافها بأسلوب سهل ميسر ومشوق يفهمه الصغير والكبير، أن يعطي الدعاة والعلماء والمفكرين من أوقاتهم وجهودهم لعامة الشباب والناشئين, وأن يسهلوا عملية التواصل معهم والاتصال بهم من قبل جمهور المسلمين, وقد حصل ذلك في حوار ابن عباس رضي الله عنه مع الخوارج، كما تكرر ذلك في زماننا من سماحة الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى حين ناقشه بعض أعضاء الجماعات المسلحة، ورجع بسبب تلك المناقشات عدد كبير من الخارجين والمسلحين، بيان انعكاس السلوك الإرهابي على صورة الإسلام وأهله عند غير المسلمين مما ينفرهم من قبول الإسلام ويصدهم عن أنواره وأحكامه وتشريعاته، وفي الوقت نفسه بيان أن مثل هذه الأعمال المشينة تكون وسيلة للمتربصين من أعداء الدين لتشويهه وصد الناس عنه، تفعيل دور المساجد الكبيرة والمؤثرة في مواجهة تلك الانحرافات العقدية خصوصا منها تلك التي يقوم على إمامتها بعض القراء المشهورين والأئمة المؤثرين من خلال مناشط وفعاليات مختلفة تقام وتعقد فيها, حيث إن من رواد تلك المساجد المباركة عدد كبير من الشباب والناشئين، دور الإعلام بوسائله المختلفة هو تنوير المجتمع وتبصيره وتثقيفه بمخاطر هذه الأفكار المنحرفة والفئات الضالة الخارجة عن الكتاب والسنة من خلال كتابات مسؤولة غير متشنجة ولا متحيزة ومن خلال استقطاب الكفاءات من الكتاب والدعاة والعلماء والمفكرين من غير تحامل ولا استعداء، فلا يجوز أن يكتب في الإعلام ما يغمط ما تقوم به بعض الجهات المسؤولة من جهد مشكور في محاربة هذه الضلالات والانحرافات، وعلى رأس تلك الجهات وزارة الشؤون الإسلامية بوزيرها المبارك، حيث بذلت وما زالت جهودا جبارة وأعمالا مشكورة في هذا المجال، وأحيل في ذلك إلى موقع الوزارة على شبكة الإنترنت ففيه مادة علمية مسبوكة ومنوعة كتبها ثلة من المخلصين من دعاة هذا البلد وعلمائه ومفكريه، كما لا يجوز أن يسمح الإعلام بوسائله المختلفة بظهور ما يكون فيه خروج على الدين وكلياته وأصوله مما يتعارض مع النظام العام للدولة التي دستورها القرآن والسنة. وواجب الإعلام أن يكون وسيلة لتأليف القلوب وجمع الكلمة ومباركة الجهود المبذولة لمحاربة هذه الانحرافات والضلالات من الجهات المختلفة سواء على المستوى الرسمي أو مستوى الأفراد والجماعات ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدعوية، وإن وجد تقصير أو خلل فيكون هناك نصح ومناصحة وتعاون على تعديل المسار من غير تشهير ولا تشف سعيا لنجاح هذه الجهود في إحداث الأثر الذي ينشده كل مخلص وغيور على دين هذا البلد ومقدراته وقياداته، فضلا عن أن دور الإعلام يظهر من خلال فتح جميع قنوات الاتصال بالجماهير أمام دعاة التيار المعتدل الذين يفهمون الإسلام فهما شموليا دقيقا وعميقا من تلفاز ومذياع وصحف ومحاضرات ونحوها لأن في ذلك نموا للفكر الإسلامي الصحيح المعتدل.

الشيخ محمد السهلي: لا شك أن دور العلماء والدعاة دور مهم جدا، لأن المنتسبين لهذا الفكر ينطلقون من أفكار دينية مشوشة، ولا يزيل ذلك الالتباس إلا العلماء، وكذلك الإعلام له دور مهم جدا في إيصال صوت العلماء والدعاة لكل بيت ولكل تجمع، ولذلك أرى أن هذه قضية مصيرية ينبغي أن يستنفر لها الجميع.

الشيخ الخلف: واجب العلماء والدعاة وكذلك وسائل الإعلام في معالجة هذا الفكر كبير، فالعلماء والدعاة عليهم مسؤولية عظيمة ومهمة جليلة فهم النجوم التي يستضاء بها في المدلهمات، وهم كسفينة نوح بالنسبة إلى الأمة والسير بها الى شواطئ النجاة، فهم مطالبون ببذل قصارى جهدهم لوصف الدواء الناجع لهذا المرض وتوعية هؤلاء المتورطين وما يسيطر عليهم من أفكار وأحوال واتخاذ الخطوات اللازمة للقضاء أو التخفيف من هذه المصيبة التي حلت بالأمة، وباختصار أورد هذه الخطوات أو المهام في نظري على النحو الآتي: التخطيط المتقدم واحتواء هذا السلوك، فالتخطيط المدروس إذن خطوة مهمة وهي تشمل تحديد المشكلة وخطورتها وطرح الحلول واستقراء وجهات النظر والاستفادة من خبرات الغير في مثل هذه القضايا الشائكة، تحديد الأسباب التي تشجع على السلوك الإرهابي ويتم ذلك من خلال الحوار معهم، والاطلاع على منتدياتهم في وسائل الاتصال الحديثة، ومعرفة الرموز التي يستمعون إليها ويطيعونها ماذا تقدم وعلى أي شيء تركز منطلقات حديثها إليهم، توجيه الناس من قبل العلماء والدعاة لأفراد المجتمع للمحافظة على هويتهم وانتمائهم لعقيدتهم وقيمهم ووطنهم، إيضاح الأثر السلبي الذي يحدثه السلوك الإرهابي في الصد عن دين الله تعالى وتسببه في صد غير المسلمين والتسبب في تشويه الإسلام وأنه لا يصلح ديناً يعتنقونه، لأنه في نظرهم دين يقوم على القتل والترويع والإتلاف.
الدكتور المغيرة: عند الحديث لعلاج ظاهرة الغلو والإرهاب ودور العلماء فيها لا بد مما يلي: تمكين العلماء الربانيين المخلصين والمشهود لهم بالعلم والإخلاص والتجرد وعدم التبعية أو التعصب من توجيه الناس وفتح القنوات الإعلامية لهم ليقدموا نصيحة صادقة مخلصة للشعوب المسلمة، إجراء حوارات ولقاءات ومناظرات مع من يحمل فكرا فيه غلو أو تطرف أو عرضت عليه شبهة بقصد تشخيص المشكلة ومعالجتها، بعيدا عن المزايدات والتشهير وكيل التهم واستباق الأحكام والبحث عن مكاسب دنيوية، إنشاء لجان تضم خبراء من الشرعيين والنفسانيين والاجتماعيين والاقتصاديين والأمنيين والإعلاميين لمعالجة ظاهرة الغلو والتطرف في المجتمعات، عبر دراسات علمية وميدانية جادة ومخلصة، عدم الاكتفاء بالحل الأمني في العلاج وعدم التضييق على حريات الناس المنضبطة واحترام المخالف وعدم التعسف في حقه، تحسين الوضع الاقتصادي للشباب وإتاحة فرص العمل والإبداع والمشاركة وإعادة تأهيل الشباب ليكون فردا صالحا في مجتمعه وأمته والقضاء على هاجس الرزق ومنع استغلال هذا الفقر من قبل البعض لتجنيد الشباب لتحقيق أهداف غير مشروعه، ملء الفراغ الروحي لدى الشباب من خلال: عقد الندوات والمؤتمرات التثقيفية على مدار السنة، تنشيط الرياضة ودعم الأندية الثقافية، وتهيئة وسائل الترفيه المشروع، تفعيل دور المساجد ومراكز التوجيه في توعية الناس، إقامة المعسكرات الصيفية للتثقيف والترويح، وإزالة الحاجز النفسي بين الآباء والأبناء والمربين والطلاب للوصول إلى قلوبهم ومعالجة ما يعتلج في عقولهم من آراء ونزعات.

المناهج الدراسية
د القاسم: من المحاور التي يمكن الحديث عنها المناهج, هل هي الأخرى تحتاج إلى تغيير لأنها كما يقول البعض أسهمت في تصدير هذا الفكر: أرى أن هذا كلام مستهلك, ومن يطعن في مناهجنا فإنه يطعن في كل من تتلمذ عليها من الساسة والعلماء والمثقفين والمفكرين ووجهاء المجتمع وغيرهم, وهذه المناهج موضوعة منذ عشرات السنين ومع هذا لم يطل علينا هذا الإرهاب بوجهه البغيض إلا منذ سنوات قليلة, وهذا مؤشر واضح على عدم وجود أي علاقة بين المناهج والإرهاب, وهذا لا يعني أبداً أن مناهجنا قرآن منزل لا يجوز فيها التحديث والتطوير, بل ينبغي أن تكون هناك لجان خاصة موثوقة وأمينة ترعى موضوع التطوير بما لا يتعارض مع ثوابتنا, ولكن بما يحقق النهوض بها نحو الأفضل, بشرط ألا يكون هناك فرض أو وصاية من الأجنبي, ويتأكد التطوير أيضاً في العلوم المادية التي تتطور بتطور العلم, وبظهور المكتشفات الحديثة، وأقترح أن تضاف مادة شرعية في آخر المرحلة الثانوية, أو في أول المرحلة الجامعية, تتحدث عن موضوع الكافر, وما له أو عليه من حقوق, سواء كان مستأمناً أو معاهداً, أو محارباً, وسواء فيما يتعلق بدار الإسلام, ودار الحرب، لأني أرى أن هناك لبساً واضحاً في كثير من المسائل الفقهية المتعلقة بهذا الموضوع, وكثير من الشبه المطروحة من قبل أصحاب الفكر المتطرف لها تعلق بهذه المسائل.

الأكثر قراءة