رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المملكة دولة الطاقة .. حلم أم رؤية مستقبلية؟

كمتابعة لمسيرتي في التوعية بمقالاتي لأهمية أن يكون لدينا رؤية مستقبلية واضحة ومتميزة عن بقية دول العالم. وكيف أننا دولة النفط ولكن ليس لدينا دراية به سواء كمواطنين أو مؤسسات. وإننا من المفروض أن نكون مستشارين للعالم في شؤون النفط. أعود وأوكد أننا كمجتمع ودولة أفراد ومؤسسات يجب أن يكون لدينا رؤية مستقبلية واضحة ومبنية على قدراتنا ومقدراتنا، فمعظم دول العالم تسعى لأن يكون لها مسمى يعكس حضارتها وما تسعى إلى الوصول إليه. وقد سبق أن أشرت في مقال سابق إلى الصراع بين بعض الدول الآسيوية مثل ماليزيا وتايلاند وسنغافورة ومسميات مثل آسيا الجديدة وآسيا السياحية والاقتصادية والتجارية. بينما تبقى أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم تفتقد رؤية مستقبلية واضحة لما نهدف إليه. وماذا ستكون رؤيتنا التي نحملها للأجيال المقبلة عندما ينتهي مخزوننا من النفط. أو عندما يتضجر العالم من مشاكل التلوث البيئي خاصة بعد التوجه العالمي الأخير لتجنب الطاقة النفطية. ومحاذير ذلك علينا من فرض ضرائب أو عقوبات. أليس من الأولى أن نبدأ من الآن في وضع رؤية وخطة مستقبلية للاستفادة من مدخراتنا النفطية لتطوير تقنية تقليل التلوث من الوقود وفي الوقت نفسه تطوير البدائل الأخرى للطاقة والتي حبانا الله بها مثل الطاقة الشمسية والكيميائية وغيرها. وأن نسخر إمكاناتنا للبحث العلمي والتطوير لتلك البدائل وندرب أبناءنا من خلال برامج مشتركة مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال. وما الذي يمنعنا أن نحلم أن نكون دولة أو مملكة الطاقة Energy Kingdom.
وعندما نتحدث عن الطاقة في بلدنا فإننا نتحدث عن دولة حباها الله بثروات من الطاقة بدءا من النفط ومشتقاته إلى البدائل النظيفة للطاقة. ثروات من وفرة الأشعة الشمسية والشمس اللاهبة. وثروة هائلة من الرمال التي يصنع منها السليكون للشرائح الضوئية. وإلى صحراء ووديان مناسبة لمجار أو أنفاق هوائية لتحريك مراوح الطاقة الهوائية وإلى محاصيل التمور التي يستفاد منها في الطاقة الكيميائية من حرق السكر وتحويله إلى أنواع الوقود الكحولية.
مجموعة كبيرة من المخرجات والثروات التي لا بد من تبني فكرة تطويرها حسب الأولوية والأهمية من خلال خطة طويلة المدى وعلى مراحل من عشرات إلى مئات السنوات. فالعالم يتوجه إلى هذا المسار.
وأكثر ما يشدني إلى هذا الموضوع هو ما أراه حالياَ من تسابق عالمي تتزعمه ألمانيا حالياَ وتنافس فيه سويسرا وأمريكا وهو للتوجه إلى أهم بديلين حاليين للطاقة النفطية وهما الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية. وتسعى حالياَ الصين والهند وكندا للدخول بقوة في هذا المجال، الذي أزف وقته.
والطاقة الشمسية لها على الأقل اتجاهان لتوفير الطاقة. الأول هو الاستفادة من حرارة الشمس وهو أسلوب تقليدي معروف. ولكن ما يتم حالياَ هو تطوير التقنية لتركيز حرارة الشمس في بؤرات عاكسة لتسليط حرارة شديدة تساعد على التبخير للمياه ومن ثم تقطيرها. وبذلك فإنه سيكون هناك قريباَ إمكانية تطوير محطات تحلية مياه صغيرة جداَ ويمكن استعمالها لكل منزل. وقد تكون مناسبة للمزارع والمصانع البعيدة عن المدن. والاتجاه الآخر للطاقة الشمسية هو الأكثر تعقيداَ وتكلفة وهو استعمال الخلايا الضوئية (فوتوفولتك) لتوليد الطاقة الكهربائية وتخزينها. وهو المجال الذي تتسابق إليه الدول. وقد كان العائق أمام هذا البديل هو عدم جدواه اقتصادياَ بسب التكلفة العالية لصناعة الخلايا الضوئية الفولتية. ولكن التطور الأخير، الذي جعل تلك التكلفة تقل 50 في المائة عما سبق هو الذي أعاد الاهتمام بها.
وتطالعنا الصحف في الأسبوع الماضي إلى أن دولة ألمانيا تخطط لزيادة التركيز على تطوير الطاقة الشمسية، حيث إن اعتمادها الحالي على الطاقة الشمسية يصل إلى 5 في المائة من احتياجاتها. وتسعى لرفع ذلك إلى 20 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.
ويعود الاهتمام الحالي ومجدداَ لاستعمالات الطاقة الشمسية إلى التقدم الحاصل في تخفيض تكلفة تقنية الطاقة الشمسية، حيث تفيد التقارير والأبحاث الأخيرة إلى أنها وصلت إلى نصف التكلفة القديمة مما يجعلها الآن أكثر منافسة للطاقة التقليدية. ومن المتوقع أن تتقدم التقنية حتى تصبح مساوية أو أقل من تكلفة الطاقة التقليدية. وهذا السبب الذي جعل الاهتمام بالطاقة الشمسية يتجدد.
ويحتل المركز الثاني في بدائل الطاقة مصدر المراوح الهوائية لتوليد الطاقة وبنفس التوجهين السابقين للطاقة الشمسية، فالمراوح الهوائية كانت تستعمل في هولندا بطريقة تقليدية وميكانيكية بسيطة لنقل المياه من جهة إلى أخرى. كما كانت تستعمل لضخ المياه من الآبار الضحلة. ولكن التوجه الحالي هو لاستعمال تقنية المراوح الهوائية لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال مزارع من المراوح الكبيرة، التي تبلغ ريشتها عشرات الأمتار. وتدير تلك المراوح توربينات ضخمة وكافية لتوليد طاقة كهربائية لإنارة مدينة كبيرة.
وفي نهاية المطاف يأتي في المركز الثالث بدائل الوقود البيولوجية أو الكيميائية مثل الوقد بالكحول والهيدروجين والغازات الأخرى. ويستخرج الكحول من محاصيل زراعية معروفة كمصدر للسكر أو الجلوز. وقد يكون ما لدينا من ثروات التمور في المملكة ما يمكنا من تصدير هذه الطاقة للعالم.
هذا التدرج في الطرح البسيط لبدائل الطاقة يجعلني أتساءل عن دور المسؤولين أو المختصين في هذا المجال عن مدى مساهمتهم في توعية المجتمع إلى تلك البدائل. وإلى مدى اهتمامه في نشر أو طرح آخر ما توصلوا إليه من أبحاث في هذا المجال. وهل نجحت التجربة السابقة لبرنامج الطاقة الشمسية في قرية العيينة، الذي سمعنا عنه مرة واحدة منذ بدء البرنامج من 30 عاما ثم لم نسمع عنه أي شيء. صحيح أن التطور في هذا المجال سريع وأن التجربة السابقة قد لا تكون جيدة. ولكن الأهم هو إعادة التفكير في بدائل الطاقة وخاصة الشمسية.
موضوع بدائل الطاقة هو موضوع مصيري لمعظم دول العالم ومنافسة شديدة على من يقود الزمام أم يبقى خلفه. لذلك فإننا يجب أن نسارع إلى وضع خطة ورؤية مستقبلية متميزة وتميزنا عن غيرنا. وأن نسخر لذلك البحث القدرات المالية والبشرية والعلمية للتطوير وأن نزرع في أبنائنا هذه القدرات وأن نوجههم التوجيه الصحيح من خلال جامعات ومعاهد تدريب. وأن نسعى لأن نكون دولة الطاقة بكل ما يحمله الاسم من أبعاد.
اقتراح بسيط أو سهل ممتنع يجب أن يطرح على طاولة النقاش مع غيره من الاقتراحات لرؤية وطنية متميزة بأمل أن يرى طريقه إلى النور ويصبح الحلم حقيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي