إصلاح التعليم الثانوي

يوما بعد يوم تشهد المرحلة الثانوية تراجعا خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة فقد انعكست نتائجه في مخرجات ضعيفة ونوعية من الطلبة الاتكاليين المحبطين فاتري الهمة والعزيمة ضعيفي المهارات والتأهيل الأمر الذي جعل الجامعات، ومؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة تضج بالشكوى من هذا التغيير المفاجئ في عقلية وسلوك طلاب المرحلة الثانوية، خاصة إذا ما قارنوهم بمن سبقوهم من الخريجين الذين كانوا شبابا يعتمد عليهم ترى فيهم الطموح والانضباط وعلو الهمة، فما الذي تغير؟
هذا التراجع أدت نتائجه إلى أن تحولت المدارس الثانوية بكل ما لديها من إمكانات إلى مرحلة شكلية بلا قيمة وبشهادة غير مؤثرة لا يزيد تقييمها على 20 في المائة، واختُرع من القرارات والمقاييس مثل طيب الذكر "اختبار القياس" ما ساهم في تهميشها وإضعافها ولم يعد الطالب ينظر إليها بجدية واحترام مثل السابق، فعطاء الطالب وتفاعله مع مدرسته في حدود الحصول على 20 في المائة فقط المقررة له.
لقد سُلبت هذه المرحلة المهمة حقها في إعداد الأجيال الواعدة، وسُلبت منها قيمة التنافس الشريف، وتنمية المواهب والمهارات، وزرع الطموح، وتحولت إلى محطة عبور مهملة بأقل جهد وبأي ثمن، وأصبح طالب المرحلة الثانوية سلبيا واتكاليا وغير قادر على التفاعل وفضل الكثير منهم قضاء أوقات طويلة من العام الدراسي في المقاهي والمنتزهات ولا تسأل بعد ذلك عما يجدونه من المتربصين ومختصي الإجرام والانحراف والإرهاب أيضا.
هذا المشهد البائس للمدارس الثانوية لم يكن موجودا في السنوات السابقة، وحين كنت أدرس في تلك المرحلة كانت الجدية والانضباط أساس الاستمرار، وكانت مدرستي حافلة بالأنشطة على مدار السنة من مسرح، ومسابقات، وألعاب رياضية وأيام مفتوحة، ورحلات علمية، في أجواء مفعمة بالتنافس نعرف من خلالها إن الطريق إلى الجامعة أو الوظيفة آنذاك للأكثر تميزا وجدية وانضباطا، وهذا ما جعلنا نعرف قيمة مدرستنا ونتسابق للتفاعل مع كل ما فيها.
إن إصلاح التعليم الثانوي يبدأ من إعادة الهيبة والجدية وليس بالتقليل من قيمتها وتهميشها لحساب جهات ومراكز خارج المرحلة ظلت تغذي أفكارنا بالوهم والتنظير الرخيص دون وعي بقيمة الوطن ومستقبل أبنائه.
ولا أبالغ إذا قلت إن ترسيخ هيبة الدولة وتعزيز الأمن الوطني بمفهومه الشامل يتركز في المرحلة الثانوية وعلى الجهات المسؤولة في الدولة وعلى رأسها وزارة التعليم، ووزارة الداخلية، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح فمستقبل الوطن أهم وأبناء الوطن لا يليق بهم أن يبقوا أسرى للتجارب العابثة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي