محللون: قصور مبادئ الشفافية والإفصاح لا يشجع الاستثمار الأجنبي على القدوم للبورصات الخليجية

محللون: قصور مبادئ الشفافية والإفصاح لا يشجع الاستثمار الأجنبي على القدوم للبورصات الخليجية

بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء جولة سوق دبي المالية إلى العاصمة البريطانية الشهر الماضي تأتي جولة مشابهة لسوق أبو ظبي للأوراق المالية هذه الأيام وفي المكان نفسه، وللهدف ذاته "طرق الأبواب" لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المؤسساتية التي تتخذ من لندن مقرا رئيسيا لتوزيع سيولتها على مراكز الاستثمار كافة في العالم.
ويبدو أن تزايد حجم الاستثمار الأجنبي في الفترة الأخيرة في أسواق المال الإماراتية خصوصا من الأجانب من غير الخليجيين والعرب، الذي يراوح بين 8 و10 في المائة يوميا في سوق دبي يرتفع إلى 20 في المائة في فترات النشاط المحموم حفز المسؤولين في إدارات الأسواق على التخطيط لجولات ترويجية للأسهم الإماراتية في الأسواق العالمية وبالتحديد أوروبا وأمريكا وأسيا تركز على استقطاب الصناديق ومحافظ الاستثمار المؤسساتي

36 % من التعاملات .. للأجانب
طبقا لإحصائيات سوق دبي يقدر عدد المستثمرين الأجانب من غير الخليجيين والعرب بنحو 33.397 مستثمرا يمتلكون نحو 2.2 مليار سهم وبلغت قيمة مشترياتهم في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أيار (مايو) الماضي نحو 15.6 مليار درهم من تنفيذ 103.6 ألف صفقة اشتملت على 2.8 مليار سهم, وتشكل تداولات الأجانب ككل (خليجيين وعرب وجنسيات أخرى) نحو 36 في المائة من إجمالي تعاملات السوق خلال الأشهر الخمسة مقابل 64 في المائة للإماراتيين, ويقدر إجمالي عدد المستثمرين الأجانب 126.751 مستثمرا بما يعادل 24.6 في المائة من إجمالي عدد المستثمرين في السوق البالغ 514.491 مستثمراً.
ولعب الاستثمار الأجنبي الشهر الماضي دورا محوريا في حالة النشاط التي شهدتها الأسواق واحتلت معها صدارة الأسواق العربية بنسبة ارتفاع نسبتها 15 في المائة بعد أن ظلت السوق طيلة الربع الأول من العام على انخفاض تجاوز 4 في المائة غير أن ضخ سيولة ضخمة من قبل محافظ أجنبية ساهم في حالة الانتعاش التي تشهدها السوق حاليا.
وعلى حد وصف المحلل المالي رامي صيدلاني نائب رئيس مجموعة الأصول في "شعاع كابيتال" فإن الأسهم الإماراتية أصبحت على "رادار" جميع مديري صناديق الاستثمار العالمية بعد أن أصبح جزءا كبير من الأسهم المدرجة مفتوحا للاستثمار الأجنبي, وهناك نية كما أعلنت وزيرة الاقتصاد الشيخة لبنى القاسمي لفتح الاستثمار بالكامل للأجانب لأكثر من 51 في المائة في بعض الشركات وهو ما سيعزز من الاستثمارات الأجنبية.
وعلى الرغم من أن المهتمين بأسواق المال يشيدون بأهداف حملات "طرق الأبواب" في استقطاب الاستثمار المؤسساتي الأجنبي، الذي يزيد السوق عمقا ورشدا بعيدا عن المضاربات إلا أنهم يجمعون على وجود قصور جوهري في بنية الأسواق تقلل من جاذبيتها للاستثمار الأجنبي وتدفعه للهروب في حال مجيئه مع أول اختبار للشفافية, وتتمثل في ضعف مبادئ الشفافية والإفصاح التي لا تزال رغم تطورها تخضع لأمزجة مجالس إدارات الشركات.

أنظمة لا تضمن الشفافية
وخلال الربع الأول من العام الجاري واجهت الأسواق عمليات هبوط حادة أرجعها الدكتور حبيب الملا الرئيس السابق لسلطة دبي للخدمات المالية التابعة لمركز دبي المالي العالمي إلي هروب استثمارات أجنبية تقدر بنحو خمسة مليارات درهم بسبب أن أنظمة الأسواق لا تضمن الشفافية أو الحوكمة أو محاسبة المديرين والموظفين أو حماية المساهمين وحقوقهم، مضيفا أن معظم القوانين والتنظيمات بعيدة عن المستوى العالمي، وما يجري من تطوير عليها لا يكفي فأسواقنا الخليجية حصلت على تصنيف متدن 4 في المائة مقارنة بالحد الأدنى لهذا النوع من التصنيفات المقيم بـ 6 في المائة، وتأتي الإمارات في مرتبة أقل من هذا التصنيف.
كما يستند أصحاب هذا الرأي أيضا إلى مثال واضح يتعلق بعدم الإفصاح الكامل عن صفقة إعمار دبي القابضة منتصف آذار (مارس) الماضي حيث أدى عدم وضوح الرؤية وغياب تفاصيل الصفقة كافة إلى هبوط حاد في سعر السهم من 13 درهما إلى اقل من 11 درهم بضغط من عمليات بيع مكثفة من جانب الاستثمار الأجنبي، الذي تخوف من الصفقة وعدم الإفصاح الكامل عن تفاصيلها الجوهرية.
في المقابل يرى المسؤولون في هيئة الأوراق المالية والسلع الجهة الرقابية على أن الأسواق شهدت بالفعل تطورا جوهريا في هذا الاتجاه بدليل أن الشركات المدرجة كافة، التي وصل عددها إلى قرابة 120 شركة تلتزم بالإفصاح الدوري في موعده, وتتبع الهيئة أسلوب "الثواب والعقاب" في تكريم الشركات التي تتسابق في الإفصاح عن نتائجها المالية, وتوقيع غرامات لمحاسبة الشركات التي تتخلف عن الإفصاح في الموعد المحدد، وإن كانت الهيئة عدلت مهلة الإفصاح الدوري من شهر إلى 45 يوما ومن شهر إلى ثلاثة أشهر للإفصاح السنوي عن النتائج وهو القرار الذي لم يلق قبولا من المستثمرين والمحللين الماليين، الذي يرونه إعطاء فرصة أكبر للمضاربين لنشر الشائعات حول نتائج الشركات وبالتالي الإضرار بالسوق.

سوق دبي: تعزيز مكانتنا عالميا
والسؤال هنا: هل تنجح جولات "طرق الأبواب" في إقناع صناديق ومحافظ الاستثمار الأجنبي بالتعامل بالأسهم الإماراتية في ضوء هذا القصور الذي يراه كثيرون؟

عيسى كاظم رئيس مجلس إدارة شركة سوق دبي المالية يعرض تقييما لنتائج الجولة الترويجية، التي قام بها الشهر الماضي إلى لندن لمدة ثلاثة أيام.. يقول: إن الجولة حققت بالفعل أهدافها حيث التقينا مع 230 ممثلا لصناديق ومحافظ استثمارية عالمية من بينها سيتي جروب, دويتشة بنك, مورجان ستانلي، وميريل لينش ولاحظنا بالفعل اهتماما من قبل هذه المؤسسات لمعرفة المزيد من التفاصيل عن الشركات المدرجة للاستثمار فيها.
بالتأكيد هدفنا هو جذب المحافظ والصناديق الاستثمارية العالمية التي تتخذ غالبيتها من لندن مركزا رئيسيا لعملياتها للمجيء للاستثمار في السوق، خصوصا أننا وضعنا هدفا عالميا للسوق لتعزيز مكانتها على المستوي العالمي بعد أن تحولت إلى شركة مساهمة عامة وهو الإجراء ذاته الذي تعتزم سوق أبو ظبي اتخاذه في الفترة المقبلة بالتحول إلى المساهمة العامة.
ووفقا لـ كاظم فإن سوق دبي وضعت خطة تسويقية للترويج لأسهمها في الأسواق الخارجية حيث شكلت لجنة متابعة للإشراف على تطبيق هذه الخطة، التي تتضمن عقد لقاءات مع ممثلي المؤسسات المالية في أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا بهدف شرح الفرص والآفاق الاستثمارية في السوق والشركات المدرجة فيها.
ورفعت شركات عدة في سوق دبي من حصص الأجانب في رأسمالها مثل شركة إعمار التي رفعت النسبة من 20 في المائة إلى 49 في المائة، كما عدلت شركة تمويل من نظامها الداخلي للسماح للأجانب بتملك 40 في المائة من رأس المال, وسمحت شركة سلامة للتأمين للخليجيين بتملك 100 في المائة من رأس المال, وغالبية الأسهم المدرجة في سوق دبي تسمح للأجانب بالتملك باستثناء عدد من شركات التأمين، التي لا تلق عادة تداولات نشطة.

سوق أبو ظبي: فرص مغرية لصناديق التقاعد الأجنبية
الهدف نفسه تسعى إليه سوق العاصمة أبو ظبي بعد أن ظل أكثر من خمس سنوات من تأسيسه عام 2000 بعيدا عن أنظار الاستثمار الأجنبي لأسباب عدة أهمها سيطرة الحكومة على غالبية حصص الشركات المدرجة الأمر الذي كان يحرم الأجانب من التعامل في أسهم السوق غير أن تأسيس شركات جديدة وتعديل أنظمة العديد من الشركات خصوصا القيادية مثل الدار وصروح وطاقة, وآبار وعدد من أسهم البنوك وغيرها استقطب استثمارات أجنبية ضخمة خصوصا في الشهرين الماضي والجاري وهو ما شجع المسؤولين عن السوق على خوض جولة "طرق الأبواب" كما فعلت سوق دبي أيضا في العاصمة لندن.
وتظهر الإحصائيات أن صافي الاستثمار الأجنبي في سوق أبو ظبي بلغ خلال الأشهر الماضية من العام الجاري 2.5 مليار درهم.
راشد البلوشي القائم بأعمال المدير التنفيذي لسوق أبو ظبي للأوراق المالية يشير إلى الهدف ذاته الذي وضعته سوق دبي وهو تعريف المحافظ وصناديق الاستثمار وكبار المستثمرين في لندن ونيويورك بالفرص الاستثمارية المتوافرة في سوق أبو ظبي، إضافة إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المؤسساتية، التي بدأت تتجه نحو الاستثمار في السوق بسبب جاذبية أسعار الأسهم.
وعرض مدير سوق أبو ظبي خلال اللقاء الذي جرى مع مديري المحافظ والصناديق فرص الاستثمار في مشاريع متوقع تنفيذها في السنوات الخمس المقبلة تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدراهم تمثل على حد قوله فرصا جيدة للشركات البريطانية وصناديق التقاعد والمعاشات وهو ما يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.

الأكثر قراءة