رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فشل المشاريع العامة.. من المسؤول؟

[email protected]

كنت قد نشرت مقالا في هذه الجريدة بعنوان "صيانة عقود التشغيل والصيانة" بتاريخ 16/2/1427هـ, مثيرا لقضية قديمة لا أعتقد أنها ستحل جذريا أو حتى على المدى القريب, لاستمرار القطاع العام في تنفيذ المشاريع بالأسلوب الخاص جدا بالرغم من صدور تعديلات تطويرية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية نهاية العام الماضي. وها أنذا أكتب مرة أخرى لتسليط الضوء على مواطن ومكامن الخلل المسبب لاستمرار المشكلة بغية الاهتمام بحقوق الطرفين, والتنويه عن أهمية التقييم الدوري المنهجي لإنجاز المشاريع العامة, ولإكمال الصورة سيتم في مقالة لاحقة تسليط الضوء على ما استجد في لائحة المنافسات والمشتريات الحكومية نفسها.
مبدئيا وبصفة عامة نجد أن المشاريع لا تدرس بعناية وتبعا لاستراتيجية تمتد لـ 25 عاما - على الأقل - وبخطط تنفيذية مرنة ولكن ملزمة لضمان ديمومة حسن الأداء وجودته, ويكون العائد مجديا اقتصاديا أيضا. يتبع ذلك أسماء المشاريع في الميزانية، حيث تعد الجهة المشروع وتطلق عليه اسما قد لا يتوافق وما ينفذ فعلا وبالطبع سيظل غير دقيق, ولأنه لا يخضع من قبل الجهاز المركزي بصفة عامة إلى تمحيص في ماهية وفائدة المشروع، حيث إن الثقة موضوعة في مُعِديه في المناطق أو الإدارات العامة، ومن ثم ينتهي المشروع إلى غير ما يحقق للجهة مآربها خصوصا إذا كان أحد مشاريع الإنشاء أو الترميم أو التجهيزات الضخمة. وبما أن الإعداد والتجهيز والاستلام والأمر بالتنفيذ إجراءات تمت بسرعة ومن دون تخطيط جيد وحرص على الاستفادة منها كما يجب فإن الصرف أيضا يتعثر لأسباب متعددة لا حصر لها. صحيح أن النماذج الجديدة إضافة إلى تكثيف المراقبة وتوضيح الجزاءات (كتابيا ونظاميا) خطوة في المسار الصحيح إلا أن الصرف لأنه يمر بخطوات عديدة متسلسلة - متناسين استخدام التقنية وما يمكن أن تسهله علينا - سيظل مشكلة تؤزم وضع تنفيذ المشاريع لأن في كل حلقة هناك إمكانية للتأخير والتعطيل, ولا بد من وقفة حازمة ومتابعة لصيقة من قبل الإدارة العليا في هذا الشأن.
من ناحية فحوى العقود فهناك مثلا ملاحظة حول موضوع السعودة وتوطين الوظائف حيث تضمن "عقد صيانة"، جداول تحدد عدد الوظائف المفترض سعودتها ومن ثم فتح أسماء الوظائف بأسلوب يترك تقدير المرتب للمقاول, وفي مكان آخر من العقد, يشترط سعودة الوظائف بل يجب أن تكون في حدود النسبة المذكورة في العقد. لقد خولت الفقرتان للمقاول التضحية بالغرامة عن الالتزام بالسعودة لأن قيمتها أقل من قيمة المرتبات لكامل الوظائف وبالتالي يكون الجهاز خاسرا من ناحيتين والمقاول كاسبا من ناحية, لأن المشكلة أن العقد كتب بطريقة متناقضة ولا يمت أوله بصلة لما ضم آخره مما أظهر فداحة الخطأ المرتكب في كتابة العقود وممارسة الإدارة المختصة بتنفيذ العقد والعمل بطريقة غير منهجية. بعد ذلك هناك سؤال يطرح نفسه: من سيكون المسؤول والمشرف على التنفيذ؟, ومن يقوم بإصدار أوامر التنفيذ ويتابع مع المقاول الأداء وإعداد التقارير إذا كان معظم المسؤولين الذين يتعامل معهم المقاول مباشرة أو بطريق غير مباشر لهم حق تفسير العقد كما يرون ولديهم صلاحيات غير مقننة بقرار نظامي؟ عموما من ناحية تقييم أداء المشروع فلا أعرف قطاعا عاما خدميا تابع أداء مشاريعه مستخدما ومطبقا دائما أحدث الأساليب العلمية ابتداء من الإعداد وانتهاء بالصرف. فعادة لا يتم التقيد بـ: خطة يمكن وضعها مستخدمين أفضل برامج حاسوبية لإعداد ثم متابعة المشاريع بشكل عام, إعداد نسبة الإنجاز الشهرية مقدرة حسابيا بجدول زمني آخذين في الحسبان مقارنة ما تم بما تبقى من المشروع للتنفيذ, وتحليل الأداء وتحديد القيم المكتسبة... إلخ.
الاستناد إلى أي مؤشرات تنير للجهاز الإشرافي طريقه من حيث قياس أداء المشروع من ناحيتي التكلفة والإنتاجية، ولا في أساليب تحقيق الوفر في تكلفة إنجاز المشروع خلال فترة تنفيذ العقد.
للأسف مع أن لدينا طفرة هائلة في المشاريع الإنشائية والترميم والتجهيز والتشغيل والصيانة, إلا أننا نفتقد قيادات إدارية متميزة يمكنها إحداث نقلة نوعية في إدارة وإنجاز هذه المشاريع مستخدمة ما توافر من تقنية لرفع مستوى الأداء, على العكس قد يقوم مسؤول بتكليف بسيطي أو عديمي الخبرة, ولنا أن نتخيل نتائج مثل هذه الحلول "قصيرة الأجل".
أتمنى أن يكون في تحديث نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الكثير مما يعالج هذه السلبيات من هذا العام فصاعدا حسبما أقر أن يتم تنفيذه بعد 120 يوما من صدوره في الرابع من رمضان عام 1427هـ. كما أتمنى تضافر الجهود ليشهد النصف الثاني لهذا العام تصاعد الاهتمام الشخصي للمسؤول الأول والإدارة العليا في كل قطاع لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 23 وتاريخ 20/8/1425هـ، المعني بإنشاء وحدات للرقابة الداخلية في الدوائر الحكومية, والتشديد على قراءة التقرير نصف السنوي أو الدوري من قبل الوكلاء ومديري العموم والعمل على التعامل مع المخالفات والاجتهادات بكل حزم. هذا يدعونا إلى المطالبة بعدم المطالبة بإنشاء هيئات تسهم مع القطاعات في حل مشكلاتها حتى لا تتكرر مأساة الازدواجية ومن ثم نضطر لتنقيح وتقنين الأدوار مرة أخرى مهدرين بذلك الوقت والمال وجهد الرجال, والله المستعان

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي