رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مراجعة مؤسسة النقد لجداول عملاتها

تولي الأسواق والمختصون أهمية كبيرة لبيانات البنوك المركزية. وتورد مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي) في نشراتها الإحصائية معدلات صرف للريال السعودي مقابل بعض العملات الأجنبية. ولا تورد المؤسسة أساسا لاختيار هذه العملات، ويبدو أن المؤسسة لم توفق في بعض الاختيارات. حيث ترد في سلة العملات المختارة بعض العملات التي هي عملات عادية، ولا تمثل أهمية نسبية لتجارة المملكة، كما أنها ليست في قائمة العملات العالمية الرئيسية والمهمة. ومن هذه العملات مثلا الريال الإيراني أو الراند الجنوب إفريقي أو الكرونين النرويجي والدنماركي. ولا تعتبر هذه العملات ذات أهمية عالمية، كما أن وزنها النسبي لواردات المملكة متدني، حيث تنخفض واردات المملكة إلى مستويات عادية أو منخفضة من هذه الدول. ويرد الريال الإيراني مثلا في جداول عملات المؤسسة على الرغم من أن الواردات من إيران قلت عن 450 مليون في عام 2013، كما أن العملة الإيرانية ليست من العملات المهمة عالميا، وهي غير مستقرة أيضا حيث تعاني إيران معدلات تضخم عالية مقارنة ببقية دول العالم.
وفي المقابل لا ترد في جداول نشرات مؤسسة النقد العربي السعودي معدلات صرف عملات مهمة جدا لتجارة المملكة من السلع والخدمات. ويبدو أن القائمين على إعداد البيانات في كثير من الأحيان وفي كثير من المؤسسات الحكومية يستمرون على نمط معين من البيانات ولا يجرون عليها التغيرات اللازمة والمطلوبة حتى لو ظهرت متغيرات جديدة ومهمة. وارتفعت أهمية الصين الاقتصادية والتجارية حتى غدت أكبر دولة مصدرة للسلع في العالم وثاني اقتصاد عالمي، ونتيجة لذلك ارتفعت واردات المملكة من الصين إلى مستويات كبيرة حتى احتلت أحد المراكز الأولى في تجارة المملكة الخارجية. واستوردت المملكة من الصين سلع تتجاوز قيمها 78 مليار ريال أو نحو ثمن الواردات السعودية من العالم في عام 2013 (وهو آخر عام تتوافر حوله بيانات)، ومع هذا لا نجد في جداول بيانات المؤسسة معدلات صرف العملة الصينية. وينطبق الحال على عملات أخرى ارتفعت أهميتها لتجارة المملكة الخارجية، خلال السنوات الماضية وتجاوزت مستوى الواردات من كل دولة من هذه الدول عشرة مليارات ريال في عام 2013. ومن أبرز تلك العملات الوات الكوري الجنوبي، والروبية الهندية، والبات التايلاندي، والريال البرازيلي، والليرة التركية.
ويأتي الاتحاد الأوروبي كمجموعة كأهم مصدر للمملكة، حيث قارب قيم الواردات السعودية من الاتحاد الأوروبي 160 مليار ريال في عام 2013، ويجري استخدام اليورو في معظم تجارة الاتحاد الأوروبي. وتستخدم الدول الأوروبية من خارج منطقة اليورو سياسات نقدية منسجمة مع سياسات منطقة اليورو ما عدا بريطانيا، التي تملك سياسة نقدية مستقلة وتستخدم عملة قوية تاريخيا. ولهذا يمكن استثناء الصادرات البريطانية من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي لتحديد تأثير تغيرات معدلات صرف اليورو على واردات المملكة من أوروبا. وجاوزت قيمة واردات المملكة من الاتحاد الأوروبي ما عدا بريطانيا 143 مليار ريال في عام 2013، ومثلت بذلك نحو 22 في المائة من واردات المملكة. وتراجعت معدلات صرف اليورو مقابل الريال السعودي بين شهر مارس 2015 والشهر المقابل من العام الذي قبله بنحو 22 في المائة. واحتلت الولايات المتحدة المركز الثاني في أهمية المصدرين للمملكة في عام 2013، حيث تجاوزت قيمة الواردات منها 85 مليار ريال، وبذلك بلغت حصتها من واردات المملكة 13.5 في المائة. ولا يوجد أي تأثير لتغيرات الدولار الأمريكي في معدلات صرف الريال أو تجارة المملكة الخارجية، نظرا لتثبيت معدل صرف الريال مع الدولار الأمريكي. ويثبت عدد من الدول أسعار صرف عملاته مع الدولار أو يجعله شبه مثبتة، ومع هذا تشهد هذه العملات بعض التغيرات التي قد تكون ملحوظة في بعض الأحيان. ومن أبرز تلك العملات اليوان الصيني الذي تراجعت معدلات صرفه بنسب محدودة بين شهري مارس 2015 والشهر المقابل من عام 2014. ويحاول عديد من الدول الآسيوية مثل تايوان وتايلاند وكوريا الجنوبية ألا تبتعد معدلات صرف عملاتها عن منافسيها الآسيويين ومعدلات صرف الدولار الأمريكي، وذلك بسبب التنافس الحاد بين تلك الدول على الأسواق الأمريكية خاصة والعالمية بوجه عام. من ناحية أخرى، تستورد المملكة من دول مجلس التعاون الخليجي كميات كبيرة من وارداتها، فقد وصلت قيمة واردات المملكة من دول المجلس إلى أكثر من 48 مليار ريال في عام 2013، وتثبت دول المجلس معدلات صرف عملاتها مع الريال ما عدا الدينار الكويتي. ونظرا لصغر حجم الواردات من الكويت مقارنة بالدول الأخرى، خصوصا الإمارات، فلا يوجد بشكل شبه تقريبي تأثيرات عملة في تجارة المملكة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وينظر بعض المحللين إلى جداول صرف العملات التي تصدرها المؤسسة وتغيرات بعضها الكبيرة، ويعتقدون أن معدلات صرف الريال ارتفعت بهذه المعدلات، وهذا من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها أحيانا بعض المختصين. ولتحديد تأثير تغير العملات العالمية على العملة المحلية لا بد من معرفة الأهمية النسبية لهذه العملات في تجارة البلد المعني قبل إطلاق أحكام حول نسب تغيرات العملة. ولهذا لا بد من مراجعة جداول صرف العملات في بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي وحذف العملات منخفضة الأهمية لتجارة المملكة واستبدالها بالعملات التي ارتفعت أهميتها في السنوات الأخيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي