رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الحلم الخطوة الأولى للنجاح

كل منا يحلم بأن يحقق أهدافا إما سهلة وميسرة وإما صعبة المنال، وتحتاج لوقت، وجهد وتفكير، وتخطيط، ويمكن الجزم بأن كل فرد في هذا الكون لا بد له أن يحلم بشيء من الأشياء، وقد يوفق المرء، ويحقق ما يريد، أو قد يخفق، وتطير أحلامه في الفضاء.
تقابل زملاء المدرسة بعد طول انقطاع وتتجاذب الحديث معهم لمعرفة أين يعملون وكيف أوضاعهم في الحياة فتفاجأ بأن بعضهم حققوا ما كانوا يحلمون به، فهذا أصبح مدرسا وحقق حلمه الذي كان يردده، والآخر التحق بسلك العسكرية وتدرج في سلمها حيث كانت عشقه وأمنيته التي طالما أكثر الحديث عنها، والثالث أصبح طبيبا وتحقق له ما كان يصبو إليه.
على الطرف الآخر زملاء آخرون كانوا يحلمون كغيرهم لكن لم يتحقق لهم شيء مما كانوا يحلمون به وسلكوا مسالك مختلفة عن أحلامهم، وربما حققوا نجاحات باهرة في مجالاتهم التي سلكوها، كما أن آخرين لم يتمكنوا من تحقيق أحلامهم وخياراتهم التي اختاروها ولم يحالفهم النصيب فيها، ولم يبرزوا فيها. السؤال المهم إزاء هذه الحالات الواقعية: ما السر في ذلك؟ هناك عوامل شخصية مرتبطة بالفرد تتمثل في استعداداته وقدراته العقلية، إذ قد يكون المجال الذي يحلم به تتفق متطلباته مع ما لديه من قدرات، ويبذل الجهد المطلوب، لذا يتحقق النجاح فيما كان يحلم به، ولا غرابة في هذا الأمر، أما من جاءت اختياراتهم خلاف ما كانوا يحلمون به، ونجحوا فيها فإن الأمر مرده أن أحلامهم إما أن تكون غير واقعية، ولم يتسن لهم اكتشاف ذواتهم وقدراتهم بالشكل السليم، أو أن هذه الأحلام والأماني كانت مجاراة، وتأثرا بالبيئة المحيطة بهم دون إدراك لما يتطلبه المجال الذي طالما حلموا به، لذا فإن اختياراتهم الجديدة تكتشف بالمصادفة، أو بعد تجارب عديدة مروا بها أقرب ما تكون إلى المحاولة والخطأ حتى تمكنوا من معرفة الإيجابيات والسلبيات التي لديهم ليعيدوا رسم مسارهم من جديد.
الصنف الثالث هم أولئك الذين كان لديهم أحلام لكنهم لم يحققوها، ولم يبرعوا في المجالات التي انخرطوا فيها، إما رغبة، اضطرارا، وغالبا اضطرارا، فقد تكون المجالات أغلقت أبوابها في وجوههم وما عليهم إلا الانخراط فيما هو متاح، وليس بالضرورة متفق مع استعداداتهم، أو رغباتهم، وهؤلاء ربما لديهم من القدرات ما يهيئ لهم التفوق لو قدر لهم اكتشافها.
البيئة المحيطة بالفرد لها دورها في توجيه سلوك الفرد، واختياراته المهنية، ذلك أن البيئة الصغيرة ممثلة في المنزل، ونوع المهن التي تشيع بين أفراد الأسرة قد تكون سببا في الاختيار، فأسر قد يغلب على أبنائها العمل في التجارة سيرا على خطى الآباء، والإخوان، وأسر أخرى يغلب على أبنائها العمل في سلك التعليم، وثالثة في الصناعة، حيث يبرع الأبناء في اكتساب مهارة صنعة من الصنائع حتى تكتسب الأسرة شهرة فيها، وربما تحمل اسم صنعتها، كالصباغ، والنجار، والحداد، والوراق، والنخلي.
دور الأسرة يمتد للتأثير في اختيار الفرد، وطموحه من خلال ما يتلقاه من دعم، وتشجيع، ومساندة، وتبصير، أو قد تكون النتيجة عكس ذلك فقلة الدعم أو التثبيط يسبب فتورا وقلة دافعية يجعل الفرد يفقد الحماس ومواصلة المشوار والتبلد الذهني.
البيئة بمفهومها الشامل تتسع لتشمل الحي والمدينة والوطن بكامله، فثقافة التنافس والتحدي التي تسود في مجتمع من المجتمعات، إضافة إلى حيوية المجتمع وتنوع المناشط فيه تشجع على التحرك والعطاء الأكثر وهذا خلاف المجتمعات التي تنعدم فيها الفرص، أو تسود فيها حياة الدعة والرفاه الكاذب، كما هو الحال في المجتمعات الخليجية، حيث يغلب على شبابها تجنب الأعمال ذات الجهد، واختيار المهن ذات الجهد المتواضع ومن ثم المردود المحدود كالأعمال الإدارية البسيطة.
الحلم فكرة، ورغبة، كالشجر إن تمت رعايته، والاهتمام به نما، وترعرع، وأثمر، وإن أهمل ذبل، ومات، ولذا كم من حلم قبر في مهده وأصبح ذكرى يجترها الفرد وتؤلمه، وكم من حلم تحول إلى حقيقة يجد الفرد آثارها في نفسه وعائلته ومن حوله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي