نعم .. لإلغاء السنة التحضيرية
القرار الذي أعلنه الدكتور عزام الدخيل وزير التعليم بمراجعة جدوى استمرار السنة التحضيرية في الجامعات تمهيدا لإلغائها قرار شجاع ومنطقي جدا ولامس تطلعات النخب الاجتماعية بمختلف تخصصاتها، فمن ناحية استراتيجية هو منسجم مع توحيد الرؤى والموارد والأهداف والخطط الاستراتيجية بين التعليم العام والتعليم العالي، ومن ناحية اقتصادية فالكل يعرف أن السنوات التحضيرية باتت تمثل عبئا ماليا على الدولة وأنفق عليها مليارات، وأسند بعضها إلى شركات ومعاهد خاصة ولم يتحقق أي نجاح يذكر. حتى الذين كانوا متحمسين لفكرتها ويراهنون عليها في الارتقاء بشخصية الطالب، ورفع قدراته وتطوير مهاراته وتهيئته لتخصصه الجامعي. باتوا اليوم أكثر قناعة بإلغائها بعد تردي نتائجها وتراكم سلبياتها.
الاستطلاعات الإعلامية والنقاشات الاجتماعية لطلاب وطالبات السنة التحضيرية في مواقع التواصل الاجتماعي والحوارات المباشرة معهم تكشف لنا افتقاد القائمين على برامج السنة التحضيرية كثيرا من المهارات لإدارتها وسيطرة القرارات المرتبكة والمتناقضة، وترك الأمر للشركات المتعاقدة التي اهتمت بالمردود المالي دون تقديم جهود موازية في تأهيل الطلاب في بيئات أكاديمية مكتظة وتفتقد للرقابة. ومكنت هذه الشركات أصحاب المؤهلات الضعيفة والوهمية من التدريس في السنة التحضيرية لمجرد تكملة العدد والإيفاء بالعقد. في ظل غياب ملحوظ لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية في التأثير والتطوير.
استهلكت السنوات التحضيرية طاقة الطالب الجامعي، وجعلته يدخل في دوامة من الإحباط والتشاؤم والضغط النفسي وأجبر على دراسة مواد تقليدية لا تضيف له شيئا، وأصبح مضطرا لقضاء ساعات طوال بين أساتذة أصحاب أداء ضعيف وباهت.
ولم تخرج المواد التي تدرس للطالب عن الثقافة الإسلامية، والرياضيات، واللغة الإنجليزية، والحاسب الآلي وهي مواد عادية ومكررة يمكن أن تكون ضمن مواد الإعداد العام كما درسناها سابقا ولا يحتاج إلى أن تفرد لها سنة كاملة تضيع من عمر الطالب وتزيد العبء على جامعاتنا ذات الموارد المالية المحدودة والمثقلة بعشرات الآلاف من الطلاب.
نجحت السنة التحضيرية في جامعة الملك فهد وطالب المتحمسون بتطبيقها على كل الجامعات ونسوا الفارق الهائل بين جامعة الملك فهد وبقية الجامعات، فجامعة الملك فهد لا يتجاوز عدد طلابها 1200 طالب والمناهج مختارة بعناية والإشراف والتطبيق من قبل الجامعة نفسها ولا يمكن مقارنة هذه التجربة التي يصاحبها خبرة تراكمية هائلة على جامعة لديها 30 ألف طالب وطالبة وتعاني نقصا حادا في أعضاء هيئات التدريس وتفتقد الرؤية في تخريج طلاب متفوقين مهاريا وتعليميا.
تأهيل الطالب للجامعة وزيادة مهاراته يبدآن من التعليم الأساسي وخاصة المرحلة الثانوية وليس بهذه الطريقة التي يقذف بها الطالب في بيئات جامعية مكتظة وعديمة الموارد ثم نطلب منه أن يكون في عام واحد طالبا متفوقا متميزا يملك كل مهارات الحياة تحت مظلة وهم كبير اسمه "السنة التحضيرية".