وعي المواطن الذي كنا ننتظره

خلال أقل من شهرين حققت الأجهزة العسكرية سواء على مستوى وزارة الدفاع أم على مستوى الأمن الداخلي إنجازات مميزة. فـ «عاصفة الحزم» أسهمت في تحقيق نجاحات أسميتها في مقال سابق بإعادة هيبة السعودية على الخريطة الدولية.
في الأمس القريب فاجأتنا وزارة الداخلية ببيان يضاف لنجاحاتها السابقة بالقبض على أحد المشتبه بهم في تورطهم في حادثة التعرض لإحدى دوريات الأمن بإطلاق نار من سيارة مجهولة الهوية، نتج عنه استشهاد رجلي أمن، أثناء تنفيذ مهامهما الاعتيادية في شرق الرياض. كما أشار البيان إلى ضرورة التعاون في القبض على المطلوب الآخر الذي نسأل الله أن يعجل بالقبض عليه ويكفينا شره وشر من وراءه من التنظيمات الإرهابية المنحرفة والمتطرفة كتنظيم داعش والنصرة والقاعدة وغيرها.
ما يميز هذه العملية النوعية لوزارة الداخلية سرعة تفاعل المجتمع معها بكل أطيافه بصورة تعكس التلاحم بين أبناء المجتمع. هذا التفاعل كان موجودا في السابق لكن ليس بهذا القدر. فقد سبق أن كتبت مقالا قبل سنتين في هذه الجريدة (الأحد 11 جمادى الآخرة 1434 هـ) بعنوان "قضايا الوطنية والعارضة.. الأولوية لمن؟" وكانت مناسبة المقال بعد أن ضبطت قوات الأمن السعودي خلية كان لها ارتباط مباشر بالاستخبارات الإيرانية، حسب البيان الصادر من وزارة الداخلية وقتها. وذكر البيان وقتها أن الخلية مؤلفة من 18 عنصرا، منهم 16 سعودي الجنسية. لكن مع الأسف أن التعامل مع بيان وزارة الداخلية وقتها كان محدودا على المستوى الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي كـ "تويتر" أو "الفيسبوك" أو "الوتساب" أو غيرها. فالحادثة على الرغم من كونها تتعلق بالأمن القومي لكن التفاعل معها لم يكن بمستوى الحدث إن لم نقل إنه كان ضعيفا. لذا كتبت المقال السابق من باب العتب ومن باب أهمية أن تعطى المواضيع التي تتعلق بالأمن الوطني أولوية ومساحة توازي أهميتها وحجمها الطبيعي.
المبهج أن حجم التفاعل مع بيان وزارة الداخلية الأخير كان أكبر بكثير من ذي قبل، وخير دليل على حجم هذا التفاعل الإيجابي من جميع فئات المجتمع الانتشار السريع لصور المطلوب لدى وزارة الداخلية نواف بن شريف سمير العنزي عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي من "فيسبوك" و"تويتر" و"واتساب" وغيرها من القنوات الإعلامية المختلفة بما في ذلك القنوات الفضائية. وكلنا أمل أن يسهم هذا التفاعل الإيجابي في سرعة القبض على المدعو نواف العنزي.
ولعل الأحداث الأخيرة التي تمر بها دول المنطقة وحجم الأخطار والمؤامرات التي يكيدها أعداء الدين لهذه البلاد وأهلها، زادا من اللحمة الوطنية وأصبح المواطن يشعر بأنه شريك حقيقي في تحقيق أمن ووحدة هذه البلاد. فالخطر الإيراني الممزوج بخطر الجماعات الإسلامية المتطرفة زاد من وعي المواطن وتفاعله مع القضايا الوطنية خصوصا أن تلاحق الأحداث في منطقة الشرق الأوسط أصبح سريعا ومخيفا؛ لذا فالمواطن أصبح يدرك بما لا يدع مجالا للشك، أن تكاتفه مع أجهزة الدولة المختلفة هي الضمانة لنا كمجتمع لمواجهة هذه الأخطار. فالمواطن أصبح يعي أهمية دوره وأهمية شراكته مع الأجهزة الأمنية. فتحقيق الأمن مسؤولية مجتمعية. فالمواطن أصبح يدرك أنه لم يعد كافيا بأن يكون متابعا أو متفرجا، بل أصبح يدرك أن دوره في هذه المرحلة يتطلب منه أن يصبح شريكا في ضمان أمن هذه البلاد. فالمواطن رجل الأمن الأول كما كان يردد دائما الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله-.
الدور الأمني للمواطن لم يعد مقصورا على مجرد التبليغ عن المطلوبين أمنيا إلى دور المشاركة في توعية أبناء هذا الوطن بخطر هذه الجماعات المشبوهة على الدين قبل الوطن والدولة. كما أصبح الأب يتحاور مع أبنائه ويحذرهم من خطر هذه الجماعات المتطرفة.
أسأل الله أن يرد كيد الحاقدين ويحفظ بلادنا بحفظه ويجعلنا متكاتفين ومتعاونين في الحفاظ على وحدة هذه البلاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي