تناقضات السوق المالية
1. يتم تغريم امرأة بسيطة مبلغا من المال والتشهير بها، لأنها تقدم توصيات على أسهم الشركات بمقابل مالي، بحجة حماية السوق المالية، بينما تطلق الهيئة العنان للأشخاص المرخصين بإصدار شتى أنواع التوصيات. لا نعلم ما الحماية المفترضة هنا وكيف يمكن لتوصيات شخص عادي أن تشكل خطرا على متداولين قبلوا بها وأخذوا بها طواعية دون إكراه؟ هل جودة توصيات هذه السيدة أقل من جودة توصيات أولئك الذين رخصت لهم الهيئة بنشر التوصيات، وبذلك فالهيئة تحمينا من هذه السيدة بمنعها من القيام بذلك؟ هل تعتقد الهيئة أن توصيات الأشخاص المرخصين أفضل من توصيات غير المرخصين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل لنا الحق في مقاضاة الهيئة عندما تخفق توصيات مرخصيها، الأمر الذي يحدث كثيرا؟
2. بينما تعاني وزارات كبرى كوزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل ووزارة الشؤون البلدية والقروية صعوبة التشهير بمرتكبي مخالفات عظيمة تمس حياة المواطنين وصحتهم، نجد هيئة السوق المالية تمارس، بسهولة تامة، التشهير بأفراد بسطاء لارتكابهم مخالفات هامشية ليس لها أي تأثير في السوق المالية، تتم برضى وقبول من الطرفين!
3. تقوم هيئة السوق المالية بشكل شبه أسبوعي بإيقاع مخالفات مالية متنوعة بحق بعض الشركات المدرجة، لأسباب مثل: "عدم ذكر جميع الأسباب والمؤثرات الجوهرية في ارتفاع صافي الربح" أو لإعلان شركة عن خسارة بلغت سالب 64 مليون ريال بينما الصحيح سالب 56 مليون ريال، أو لأخرى أعلنت عن نتائجها المالية قبل التداول بأقل من ساعتين بينما من المفروض أن تعلن بأكثر من ساعتين. وفي المقابل نجد الهيئة تقف حائرة أمام شركات قامت بتزييف كامل لقوائمها المالية وبشكل مضلل وكاذب، حيث تكتفي الهيئة في أفضل الأحوال بإيقاف تداول الشركة، الأمر الذي يوقع العقاب بالمتداولين وليس بالشركة ولا بملاكها المؤسسين.
4. حينما ترغب شركة في زيادة رأسمالها عن طريق منح أسهم مجانية، وهي عملية محاسبية هامشية تتم بمناقلة أرصدة من بند لآخر دون دخول أي أموال جديدة، فعليها أخذ موافقة الهيئة التي تقوم بدراسة الطلب وفحصه ومناقشة الشركة حول ذلك من عدة جوانب ومن ثم تعلن الهيئة موافقتها على ذلك، بينما تقذفنا هيئة السوق بين الحين والآخر بشركات جديدة محملة بعلاوات إصدار ضخمة تستغل السوق المالية للتخارج من استثماراتها بأسعار عالية! أيهما أكبر ضررا على المتعاملين، زيادة رأسمال شكلية أم إدراج شركات مبالغ في تقييمها؟
5. بينما تقوم كل من الهيئة و"تداول" بمعظم الجهود، من إدراج وإصدار تراخيص وتشغيل نظام التداول وإجراء المقاصة والحفظ والتسوية والإيداع والتسجيل ونشر البيانات والتثقيف والتوعية والمراقبة والمعاقبة وغيرها، إلا أن معظم عمولات التداول تذهب لقمة سائغة لشركات الوساطة التي تقدم خدمات متواضعة وغير مكلفة، تتمثل في مجرد فتح نافذة على السوق المالية ليتمكن المتداولون من الوصول إلى السوق المالية! بحسب مقالة سابقة في هذه الصحيفة، بلغت عمولات التداول خلال الأحد عشر عاما الماضية ـــ وبتحفظ شديد ـــ نحو 30 مليار ريال، حصلت المصارف والوسطاء على نحو 25.5 مليار ريال منها والباقي تقاسمته الهيئة و"تداول"!
6. تسمح الهيئة بعقد مزاد خاص، يتم بتوجيه دعوات خاصة لجهات مرخصة، وبغياب تام للشفافية، وذلك من أجل المزايدة على أسهم لم يكتتب بها أصحابها، بينما يوجد لدى الهيئة مزاد عام، مفتوح لجميع المتداولين، يعمل بشفافية تامة، اسمه السوق المالية، لم يستغل للتخلص من هذا المزاد العجيب، المربح فقط لمن يحظى بدعوة من قبل مدير الاكتتاب. تم في وقت سابق شرح الطريقة الممكن توظيفها من أجل القيام بالاكتتاب مباشرة من خلال السوق وبشكل فوري.
7. تفرض الهيئة وحدات عشوائية لتغير أسعار الأسهم أثناء التداول، 5 و10 و25 هللة، بشكل يؤثر سلبا في السيولة اليومية ويضر بصغار المتداولين، بينما جميع الأسواق الإقليمية والعالمية تتعامل بأصغر وحدة للتداول، ما يعادل هللة واحدة. لماذا على الرغم من جميع الجهود التطويرية التي تقوم بها الهيئة لا يزال يُعمل بهذه الطريقة العقيمة؟
8. أصدرت الهيئة ضوابط غير عادلة لعمل صناديق المؤشرات المتداولة، حيث أصبح تداولها غير شفاف ومكلفا على المتداولين، لدرجة عدم وجود أي تداول على هذه الصناديق بتاتا، ما أدى إلى فشلها فشلا ذريعا، بينما صناديق المؤشرات المتداولة تنجح بشكل كبير في الأسواق الأخرى، لدرجة أن تداول أحد هذه الصناديق في الولايات المتحدة يفوق حجم تداولاته اليومية حجم تداولات أكبر الشركات الأمريكية المدرجة.
9. بالعودة إلى الوسطاء الذين يحصلون على الحصة الكبرى من عمولات التداول، يجد المتداول عن طريق بعض الوسطاء أن أسعار الأسهم متأخرة بما لا يقل عن 15 دقيقة، بينما الأسعار موجودة على موقع "تداول" مجانا بتأخير قدره خمس دقائق! وبينما تعريف تأخير الأسعار في الأسواق الأخرى يعني أن الأسعار تتغير بشكل مستمر ولكن بجعلها متأخرة خمس دقائق أو عشر دقائق، نجد أن "تداول" تفسر مفهوم التأخير على أن الأسعار تبقى ثابتة لمدة خمس دقائق ومن ثم تحدّث مرة واحدة وتبقى كذلك لمدة خمس دقائق أخرى. أي أن المفروض أن الأسعار المنشورة تكون أسعارا متغيرة بشكل متواصل، غير أنها أسعار ما قبل خمس دقائق.
10. تسارع الهيئة بمساءلة الشركات حين تصعد أسعار أسهمها بشكل قوي وسريع وتطالبها بإيضاح أسباب الارتفاع، بينما تحدث حالات كثيرة تهبط فيها بعض الأسهم بشكل صاروخي موجع دون قيام الهيئة بطلب توضيح عن أسباب الهبوط!
11. تشترط الهيئة على الشركات المدرجة إعلان نتائجها المالية بشكل واضح من خلال جدول محددة فقراته بشكل جيد، غير أن الجدول يخلو من أهم بند من بنود النتائج، ألا وهو بند المبيعات، وقد قيل إنه من الممكن التلاعب بأرقام الأرباح بسهولة وبطرق عديدة، غير أن التلاعب بأرقام المبيعات أصعب من ذلك بكثير.
12. التداول المبني على معلومات داخلية يعد من أخطر الجرائم المالية وأكثرها متابعة من قبل البورصات العالمية، بينما في السوق السعودية لم نسمع إلا عن حالتين أو ثلاث طيلة السنوات الماضية. فهل نحن شعب نظامي منزه ماليا، بشكل مغاير لبقية الشعوب، أم أن لدينا تقصيرا في متابعة مثل هذه الحالات؟