ما دور التكنولوجيا والابتكارات في تطوير المصرفية الإسلامية وكيف تتم الاستفادة من منصات الإنترنت؟

ما دور التكنولوجيا والابتكارات في تطوير المصرفية الإسلامية وكيف تتم الاستفادة من منصات الإنترنت؟

ينبغي أن ننظر إلى التطورات الحالية التي تمر بها تكنولوجيا المعلومات في عالم الأعمال المصرفية والمالية على أنها فرصة لتعزيز التعاون الذي نحن في أشد الحاجة إليه بيننا.
وفي الوقت الذي تعمل فيه التكنولوجيا والابتكارات على إزالة العوائق عبر الحدود الجغرافية، فإننا في حاجة إلى الاستفادة من عالم الاتصالات اللاسلكي الذي قرب بيننا لخلق منصة إنترنت متكاملة لتكون سبيلاً لمشاركة الأفكار، نتائج الدراسات، مداولات المؤتمرات، والأحكام الشرعية وغير ذلك من المعلومات الحيوية حول الأعمال المصرفية والمالية الإسلامية. ورغم أنه توجد حالياً مواقع رئيسية على الإنترنت خاصة بالأعمال المصرفية والمالية الإسلامية، إلا أن ما يوجد تحت تصرفنا هو عدد لا يحصى من المواقع على الإنترنت لا يوجد بينها رابط يذكر، وهي تعرض شذرات ونتفاً من المعلومات إلى جانب عدد قليل ومتباعد من الدراسات الممتازة حول المصرفية الإسلامية.
إن الخطوات السريعة التي تسير بها التطورات التكنولوجية تخلق فرصاً لا مثيل لها لكل من منتجي ومستهلكي المنتجات والخدمات المالية. وعن طريق منصات الإنترنت تستطيع البنوك استهداف مستهلكين على مسافات تبعد كثيراً عن نطاق أي فرع من فروعها بل وعبر الحدود ثم إن الإنترنت تفتح آفاقاً جديدة أمام العملاء للتسوق بحثاً عن الخدمات المالية وفرض الأسعار واختيار الجهات التي تقدم لهم الخدمات المالية. وتسهم هذه التطورات في تعزيز الكفاءة والقدرة التنافسية لدى المؤسسات والأسواق المالية، وتقليص تكاليف الخدمات المالية، وتخصيص الموارد المالية بصورة أفضل من ذي قبل، وفتح سبل جديدة لتنويع وإدارة المخاطر.
إن التكنولوجيا لم تعد اليوم تعتبر أنها أحد مراكز التكلفة، وإنما ينظر إليها الآن باعتبارها أداة استراتيجية لتحقيق الميزة التنافسية. وأخذت تمحى الآن الحدود التقليدية بين البنوك وشركات التكنولوجيا، على اعتبار أن البنوك الآن تقدم بصورة نشطة خدمات تكنولوجية، في حين أن شركات التكنولوجيا آخذة بشق عدد من الطرق في مجال الخدمات المصرفية. كما تعقد البنوك الآن شراكات مع شركات التكنولوجيا لتقديم منتجات وخدمات مالية إلى مستخدمي الإنترنت. من الناحية الأساسية جلبت التكنولوجيا معها بيئة تنافسية عالية يعمل من خلالها العالم المالي.
وفي ظل هذه الخلفية من الصناعة المالية المتطورة باستمرار التي تتسم بالتنافس الحاد، فما الصورة التي ينبغي أن تتطور من خلالها المصرفية الإسلامية؟ ينبغي أن تسعى المصرفية الإسلامية لتحتل موقع المركز من المجرة المالية. وينبغي أن تكون المصدر الرئيسي للطاقة الذي تدور حوله كل مؤسسة مالية وكأنه يمثل مجالاً مغناطيسياً في غاية القوة. ولتحقيق هذا المسعى فإن الحاجة تدعو إلى اتخاذ عدد من الخطوات الاستراتيجية في التخطيط لمستقبل قابل للوجود والتطور للمؤسسات المالية الإسلامية في هذا العصر المليء بالتحديات.
لقد أصبح الابتكار بالتأكيد قوة حيوية في الصناعة المصرفية هذه الأيام. وكما نعلم تماماً، فإن الابتكار في حاجة إلى بنية تحتية مادية ومالية واجتماعية، وهي البنى التحتية التي يفتقر إليها أساساً عالم المصرفية الإسلامية. ومن بين السبل التي تستطيع بها المصرفية الإسلامية الوفاء بهذه المتطلبات عقد شراكات ذكية وتحالفات استراتيجية. وتستطيع المؤسسات المالية الإسلامية تحسين أدائها وخلق التعاضد بالاستفادة من الأفكار والتقنيات والخبرة المطورة خارج الصناعة المصرفية. ويمكن للمؤسسات المالية الإسلامية التي تفتقر إلى المهارات والإمكانات اللازمة لإجراء الأبحاث والدراسات والتطوير وتفتقر إلى الابتكار يمكن لهذه المؤسسات أن تستفيد من إقامة شبكات جادة وعاملة مع الجامعات ومراكز الأبحاث للاستفادة من إمكاناتها في مجال الأبحاث. وهذا الأمر مهم على وجه الخصوص في مجال الهندسة المالية الإسلامية من أجل هيكلة صكوك مالية إسلامية صالحة للتداول ومتنوعة، وتفي كذلك بمتطلبات المستهلكين، وتلتزم في الوقت نفسه بأحكام الشريعة الإسلامية.
إن عصرنا هذا هو بالتأكيد عصر يتميز بفرص وتحديات فريدة أمام المؤسسات المالية الإسلامية وأجهزتها التنظيمية والرقابية.
إن تطوير الصناعة وتصميم الإطار التنظيمي والرقابي للمصرفية الإسلامية سيتطلب كذلك المزيد من التعاون المكثف والمتطور بين السلطات والأجهزة الرقابية والمؤسسات المالية والجهات الأخرى المشاركة في السوق. ويقع على عاتق الحكومات أن تلعب دوراً حيوياً في تأمين البنية التحتية المساندة الأساسية، كما أن الأجهزة الرقابية بحاجة إلى وضع إطار مرن يتناول الجوانب الأساسية التي تميز المصرفية الإسلامية دون التضحية بمتطلبات المعايير الحصيفة.
إن المصرفية الإسلامية الآن على عتبة تطورات مثيرة. وإن أمواج مد المصرفية الإسلامية تجلب معها مرة أخرى قدراً أكبر من التعاون والمشاركة والفهم لروعة وعظمة الإسلام. وفي الوقت الذي نستمد فيه القوة من تراثنا الغني فإن أمامنا فرصة حقيقية لوضع أنموذج مالي ليسير عليه بقية العالم.

محافظة البنك المركزي الماليزي

الأكثر قراءة