خبير: مواصفات التمور السعودية لا تساعد في تسويقها خارجيا
اعتبر مختص سعودي أن مواصفات التمور السعودية تشكل عائقا أمام تسويقها في الخارج, على الرغم من غزارة إنتاجها الذي يزيد على حاجة السوق المحلية. وقال لـ "الاقتصادية"الدكتور عبد الله الغامدي رئيس قسم التقنية الحيوية الزراعية في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل, إن تسويق التمور يعاني مشكلتين الأولى تتعلق بعدم مطابقة التمور المنتجة لدينا المواصفات والمقاييس العالمية، كما هو مطبق على بعض التمور الأوروبية أو العربية، والأخرى تتعلق بإهمال عملية التصنيع، إضافة إلى وجود بدائل اقتصادية تغني عن الحاجة إلى التصدير.
في مايلي مزيداُ من التفاصيل:
اختتمت أخيراً فعاليات ندوة النخيل الرابعة التي نظمها مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل، وقد خرجت الندوة بعدد من التوصيات التي ينتظر أن يكون لها دور إيجابي في تنمية القطاع الزراعي وتطويره.
"الاقتصادية" التقت الدكتور عبد الله بن صالح الغامدي، رئيس قسم التقنية الحيوية الزراعية في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل رئيس اللجنة العلمية للندوة لتسليط الضوء على أبرز تلك التوصيات، إضافة إلى أبرز التطورات التي تطرق إليها المشاركون في مجال التسويق ومكافحة الآفات الزراعية والقضاء عليها. هنا تفاصيل الحوار:
* اختتمت أخيراً ندوة النخيل الرابعة التي نظمها مركز أبحاث النخيل والتمور تحت عنوان تحديات التصنيع والتسويق ومكافحة الآفات، ما أبرز التوصيات التي خرجت بها الندوة؟
ـ أسهمت الندوة بشكل إيجابي في إثراء القطاع الزراعي بعدد من الإيجابيات من خلال عدد من الجلسات والمحاضرات وأوراق العمل وخرجت الندوة بعدد من التوصيات التي سيكون لها دور في توفير الحلول لعدد من المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي، ففي مجال التصنيع والتسويق فقد أوصى المشاركون بالاستفادة من الدعم والخدمات التي ستقدمها هيئة تنمية الصادرات لإيصال التمور السعودية إلى الأسواق العالمية، الاستفادة من الدعم الحكومي لإنشاء جمعيات تعاونية زراعية لتوفير العديد من الخدمات، إنشاء أسواق خاصة للتمور مع توفير جميع الخدمات، التأكيد على تطبيق نظام موحد لمواصفات أصناف التمور المتداولة، الاهتمام بالأبحاث الخاصة بحفظ التمور في المراحل المختلفة بالطرق الحديثة، تشجيع مراكز البحوث المهتمة بالهندسة الزراعية والميكانيكية على تطوير خطوط متكاملة لتصنيع منتجات التمور، فتح مسالك جديدة لامتصاص الفائض من الإنتاج من خلال أساليب تسويق داخلي والتصنيع في أشكال استهلاكية، تطوير البحوث المتعلقة بالاستفادة من مخلفات النخيل، أما في مجال مكافحة الآفات فقد شدد المشاركون على أهمية توفير استراتيجية متكاملة لمكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء مع حث مركز أبحاث النخيل والتمور والمركز الوطني للتمور بتكثيف الأبحاث الخاصة بمكافحة السوسة والقضاء عليها، وضع تصور كامل لبرامج مكافحة السوسة مع تبادل النتائج المتحصل عليها مع الدول المنتجة للتمور والمنظمات العالمية، إجراء حصر عام لآفات النخيل وتشخيص أضرارها ومعرفة دورها في الأنظمة البيئية المختلفة وحصر الأعداء الطبيعية لهذه الآفات، وضع نظام فاعل للحجر الزراعي لمنع انتشار آفات النخيل، وفي مجال الإكثار والتقنيات الحيوية فقد أكدت الندوة أهمية متابعة الدراسات للتأكد من طبيعة الصنف للنباتات المنتجة عن زراعة الأنسجة مع التأكيد على التفصيل الدقيق للطرق التي تم بها إنتاج هذه النباتات، وضع القوانين الأساسية لإنتاج شتلات النخيل النسيجية وإصدار شهادات المطابقة للمواصفات المعتمدة، الاهتمام بتنشيط البحوث والتطبيقات الخاصة بانتخاب وتسمية وتصنيف وتسجيل أشجار النخيل المذكرة والعمل على إنشاء مراكز لاختيار وتقويم وتخزين وحفظ حبوب اللقاح لتكون في متناول مزارعي النخيل في الوقت المناسب للتلقيح، تنظيم فريق عمل من العلماء والمهتمين بجوانب التقنية الحيوية المتعلقة بنخيل التمر لدراسة واقع التقنية الحيوية لنخيل التمر ووضع التصورات والمقترحات والتوجيهات المستقبلية، تقديم برنامج للدراسات العليا في مجال التقنية الحيوية لنخيل التمر في المملكة.
* على مدى عشرين عاما الماضية استضافت الجامعة ثلاث ندوات ما أبرز التوصيات التي خرجت بها تلك الندوات؟ وهل تم تطبيقها.
- لكل ندوة من تلك الندوات توصيات خاصة بها ومن المعتاد أن يتم تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات ولا يمكن السماح بعقد الندوة التالية إلا بعد تنفيذ جزء كبير من توصيات الندوة السابقة، ومن أبرز التوصيات التي اعتمدت في الندوات الثلاث السابقة إنشاء مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل، إنشاء بنك للأصول الوراثية المحلية وآخر للعالمية، التوصية بأهمية إنشاء المركز العربي لإنماء التمور، الاهتمام بتطوير مختلف الطرق الخاصة بإكثار النخيل، ضرورة اهتمام الدول العربية بزراعة النخيل للحد من ظاهرة التصحر، ضرورة وضع مشروع بحثي عن مقاومة سوسة النخيل الحمراء تشارك فيه الجامعات، المراكز البحثية، وزارة الزراعة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لوضع تصور كامل لبرامج مكافحة السوسة، إجراء حصر عام لآفات النخيل والأمراض الفطرية والبكتيرية والفيروسية وتشخيص الأمراض الفسيولوجية التي تصيب النخيل، الاهتمام بالحجر الزراعي الداخلي والخارجي في مجال نقل فسائل النخيل، البحث عن وسائل جديدة لتسويق الفائض من التمور، تطوير البرامج الإرشادية، إما بخصوص أهم التوصيات التي لم يتم تنفيذها فأهمها التوصية بإنشاء جمعية علمية لعلماء النخيل، إطلاق مجلة علمية خاصة بأبحاث النخيل، هيئة عامة على مستوى المملكة للاهتمام بتسويق التمور، فهناك بعض العوائق التي تقف أمام تنفيذ بعض التوصيات، إضافة إلى أن بعض التوصيات تتعلق بجهات أخرى غير الجامعة.
* أقيمت ندوة النخيل الثانية بعد الأولى بأربع سنوات فيما استضافت الجامعة الندوة الثالثة بعد سبع سنوات من الثانية، لكن الملاحظ أن الندوة الرابعة تأخرت عن الثالثة (14) سنة فما أسباب عدم الانتظام في إقامة الندوة؟ ولماذا لا تقام بصورة دورية كل أربع سنوات.
- ندوة النخيل الأولى التي عقدت عام 1982 م أوصت بإقامة الندوة كل أربع سنوات لكن عندما تتقدم بطلب تنظيم الندوة التالية يجب أن تكون مقومات النجاح متوافرة من بين تلك المقومات ماذا تم بشأن التوصيات السابقة، مدى توافر البحوث المناسبة التي يمكن أن تستعرض ويستفيد منها الباحث والمتلقي، أيضا هناك مشاركة من قبل جامعات ومراكز بحثية أخرى لتنظيم بعض الندوات والمؤتمرات حول النخيل منها جامعة الملك سعود في القصيم وبعض الجامعات في الإمارات ومصر، حيث تستقطب تلك الندوات عددا كبيرا من البحوث والدراسات فتصبح إقامة الندوة في توقيتها المحدد غير مجد لعدم توفر العدد الكافي من البحوث.
* ما مدى الفائدة التي حققها القطاع الزراعي من إقامة مثل تلك الندوات؟ وما الفائدة التي حققها المزارع العادي في المملكة.
- بالنسبة للقطاع الزراعي فأعتقد بأنه استفاد بشكل جيد من خلال عدد من الدراسات والبحوث التي قدمت في الندوات السابقة من بينها البحوث الخاصة بتحسين الإنتاج ومكافحة الآفات، زراعة الأنسجة (الاستنساخ)، حيث بدأت بعض الشركات الإنتاج بكميات تجارية، تصنيع التمور، أما بخصوص المزارع العادي فالتأثير لا يظهر مباشرة، بل يحتاج إلى وقت للاستفادة من البحوث والدراسات المقدمة، لكن عندما نتحدث عن الواقع نجد أن الاستفادة من الأبحاث التي قدمت خلال تلك الندوات لا تتجاوز (1) في المائة بسبب أن عددا كبيرا من تلك الأبحاث لا يزال رهين الإدراج بسبب وجود حلقة مفقودة بين الباحث والمزارع وصاحب القرار ويأتي ذلك نتيجة قصور من الباحثين والمرشدين الزراعيين لنقل تلك البحوث بصورة بسيطة ومقبولة بالنسبة للمزارع، لذا رأيت أنه من الضرورة جمع تلك الأبحاث ليستفيد منها الجميع، حيث انتهيت أخيرا من جمع أكثر من عشرة ألاف بحث تتعلق بالنخيل وقمت بفهرستها إلكترونيا على شبكة الإنترنت، حيث ستطلق خلال فعاليات الندوة وتلك تعد الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية فتتعلق بتحويل تلك البحوث من صيغة علمية إلى صيغة إرشاد زراعي حتى يستفيد منه المزارع.
* تحدثتم عن زراعة الأنسجة، هل لنا أن نتعرف على تلك التقنية ؟
- زراعة الأنسجة هي طريقة علمية لإكثار النخيل كخطوة أولى، وتتم عادة بأخذ جزء من النخلة ويفضل الجزء المهيأ للنمو كالبراعم الإبطية أو الطرفية، تتم زراعته في وسط غذائي معقم ثم يتكاثر بطريقتين الأولى عضوية وهي الأكثر أمانا والثانية جنينية جسدية، وهناك العديد من الشركات الزراعية في المملكة تستخدم تلك الطرق لإنتاج أعداد كبيرة من أشجار النخيل في غرفة واحدة سواء لزراعتها محليا أو للتصدير، وأسهم ذلك في انخفاظ أسعار فسائل النخيل خصوصا والفسائل المنتجة تعد سليمة وخالية من الأمراض ويمكن نقلها من موقع إلى آخر أو من بلد إلى آخر بسهولة لعدم وجود حجر زراعي عليها، أما الخطوة الثانية فتختص بالهندسة الوراثية بحيث يتم تحوير الصفات الوراثية للنخلة لتنسجم مع الظروف البيئية للمنطقة كإنتاج أصناف مقاومة للجفاف والملوحة أو مقاومة للآفات أو ذات إنتاج وفير، وأعتقد أن تشهد السنوات الخمس المقبلة طفرة أخرى في زراعة النخيل من خلال القدرة على التحكم في الصفات الوراثية للنخلة، وسوف تشهد الندوة الرابعة تقديم العديد من الأبحاث في هذا المجال من بينها التعريف العام بالأصناف عن طريق البصمة الوراثية، إمكانية حفظها في بنوك وراثية صغيرة، فالتقنية في مجال الإنتاج متطورة جدا لكن تبقى مشكلة التمور في المملكة في عمليتي التصنيع والتسويق.
* بما أنكم تحدثتم عن التسويق من أهم المحاور التي تطرقت إليها الندوة الرابعة اقتصادات تسويق التمور، من وجهة نظركم ما الأسباب الرئيسية للصعوبات التي يواجهها تجار التمور في المملكة مجال التسويق؟
- هناك العديد من الدراسات التي تطرقت لهذا الجانب، ومن خلال تلك الدراسات يتضح أن تسويق التمور يعاني مشكلتين الأولى تتعلق بعدم مطابقة التمور المنتجة لدينا للمواصفات والمقاييس العالمية، كما هو مطبق على بعض التمور الأوربية أو العربية، الأخرى تتعلق بإهمال عملية التصنيع، إضافة إلى وجود بدائل اقتصادية تغني عن الحاجة إلى التصدير.
* كلية العلوم الزراعية والأغذية من أهم الكليات في الجامعة وأكثرها حيوية، ما أبرز الخدمات التي قدمتها وتقدمها الكلية للمجتمع؟
- كليات العلوم الزراعية والأغذية في كل الحضارات والدول تعد هي الأولى من حيث الأهمية والاهتمام، لكن ما يحدث لدينا خلاف ذلك بسبب توجه الطلاب إلى كليات أخرى نظرا لكون المملكة بلدا غير زراعي بجانب صعوبة العمل في المجال الزراعي، أما بخصوص ما قدمته الكلية للمجتمع فمن المؤسف أن الكلية لم تقدم حتى الآن ما يوازي مكانتها، وعلى الرغم من دورها في إعداد المهندسين الزراعيين وتقديم بعض الدورات التدريبية وتحليل العينات والبحوث والدراسات والإرشاد الزراعي إلا أن المطلوب إسهامها في خدمة المجتمع بشكل أفضل.
* من الملاحظ تقلص عدد الدورات والبرامج التي تنفذها الكلية التي تعد ذات فائدة كبيرة للمزارع في المنطقة؟
- تم أخيرا إنشاء كلية العلوم التطبيقية في الجامعة وأنيطت بها مهمة تقديم الدورات التدريبية، كما أن كلية العلوم الزراعية والأغذية خضعت الفترة الماضية إلى إعادة هيكلة حيث تم استحداث أقسام جديدة كقسم التقنية الحيوية الزراعية، إضافة إلى تطوير البرامج التي تقدمها لتصبح 24 برنامجا بدل عشرة برامج في السابق من بينها برنامج عن المياه، برنامج عن التقنية الحيوية الزراعية، برنامج التقنية العلاجية، برنامج المصادر الطبيعية، برنامج الدواجن، إضافة إلى استحداث أربعة أقسام للطالبات تشتمل على اثني عشرة برنامج.
* تم تكليفكم برئاسة قسم التقنية الحيوية الزراعية ما أبرز البرامج التي يقدمها هذا القسم؟
- هناك ثلاثة برامج الأول عن التقنية الزراعية النباتية، والثاني عن التقنية الزراعية الحيوية، والثالث عن التقنية الزراعية العلاجية وهو يختص بكل ما يتعلق بالهندسة الوراثية من حيث تحسين المنتج ومقاومته للآفات.
* انتشار العديد من الآفات والأمراض الزراعية في السنوات الأخيرة ما أسبابه؟ وما أبرز وسائل العلاج؟
- جميع الأمراض الزراعية كانت موجودة في السابق لكن الجديد هو سوسة النخيل الحمراء، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار السوسة هي عدم نظافة الحقول وعدم الاهتمام بالحجر الزراعي، كما أن استخدام المبيدات الكيماوية قد يعطي مردودا سلبيا على الزراعة خصوصا في حالة الاستخدام بكميات كبيرة.
* ما الدور الذي تقوم به كلية العلوم الزراعية في سبيل مكافحة مثل تلك الآفات والتعريف بها؟
- الكلية قامت بالعديد من الأبحاث والدراسات في هذا المجال، لكن تبقى المشكلة في عدم الاستفادة من تلك الأبحاث بسبب عدم تحويلها إلى صيغة تتناسب مع إمكانات المزارعين البسطاء، كما أن هناك مشكلة أخرى تتلخص في عدم الاهتمام من أصحاب القرار بتلك الأبحاث والاستفادة منها.
* ما مدى التعاون القائم بين الكلية ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص سواء في مجال دعم الدراسات والأبحاث التي تجريها الكلية أو من خلال الاستفادة من تلك البحوث؟
- الكلية تعنى بالبحث العلمي وأعتقد بأنها لم تقصر في هذا المجال، لكن هناك قصور في التعاون بين القطاع الخاص والأكاديمي فرغم قيام القطاعين الحكومي والخاص بدعم بعض الأبحاث التي تجريها الكلية لكن هناك العديد من المشاريع البحثية والدراسات التي تحتاج إلى الدعم المادي من قبل تلك المؤسسات بجانب الاستفادة من البحوث التي تم إجراؤها من قبل الباحثين.
* يشكو القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة من نقص المياه فما مدى تأثير ذلك في الزراعة في المملكة؟
- من أهم المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي في العالم عامة والشرق الأوسط على وجه الخصوص هو نقص مخزون المياه، وسوف تكون الأوضاع أسوأ في الأيام المقبلة بسبب التوسع الذي يشهده القطاع الزراعي، ومن أبرز الحلول المطروحة حاليا هي الابتعاد عن زراعة المحاصيل التي تستنزف كميات مياه كبيرة مثل القمح والمزروعات العلفية، تقسيم المناطق بحيث تخصص مناطق لزراعة النخيل وأخرى للبيوت المحمية وذات الأمطار الكثيفة للمنتجات الموسمية، الاستفادة من الهندسة الوراثية في إنتاج أصناف تتحمل قلة المياه أو المياه المالحة والجفاف، وإن كنت أعتقد بأن الوقت لا يزال مبكرا لإنتاج أصناف محورة وراثيا تتحمل الظروف المناخية في المملكة مع قلة المياه.