بنوكنا وسياسة الإقراض

بنوكنا تكاد تختصر خدماتها الاجتماعية في الإقراض، مع أن الناس تودع عندها أموالها، وأغلبها رواتب وأجور الموظفين والعاملين في الحسابات الجارية التي لا تمنحهم عليها عمولة قرشا واحدا لصالحهم، بل على العكس تأخذ رسوما على هذه الحسابات مع كل حركة سحب أو إيداع، ناهيك عن الجملة الغامضة "خدمات إدارية" لمن تورط في صناديقها أو في تسهيلاتها!!
رغم هذا الزهد من قبل بنوكنا في الإسهام في خدمة المجتمع، وما أكثر تلك الخدمات في عرف ومهام بنوك العالم.. إلا أن بنوكنا، علاوة على اختصارها خدمة المجتمع في الإقراض فقط فإنها أحرص ما تكون على إخضاع المقترض لقائمة من الشروط الضامنة لحقوقها والمتثبتة من أن المقترض مربوط من دخله الشهري في الأساس.
أما بعد مصيدة الإعلانات المغرية وكلمات الترحاب الرخيصة
بقصد قنص المقترضين، فالعاقبة معها وبيلة من أولها لأولئك الذين يقعون تحت قبضتها، فالمقترض يُرغم على دفع خدمة القرض بنسبة ربحية ليست قليلة بالدرجة الأولى، ثم هو يرغم على الانصياع لنظام إقراض لا مثيل له في العالم، حيث يدفع المقترض أقساط قرضه الشهرية بنسبة ربح مركب، فإذا ما كان البنك قد أقرضه بنسبة فائدة 5 في المائة مثلا، فإنه سيظل يدفع هذه النسبة عند كل قسط يحل عليه سداده دون أن يتم خصم الأقساط المدفوعة من مجمل القرض، أي أن المقترض يدفع النسبة المئوية المطلوبة للقرض على كل قسط من أول قسط إلى آخر قسط كما لو كانت كل دفعة هي الدفعة الأولى، وهو ما يعني تحميل المقترض ربحا مركبا يتم فيه استنزاف الزبون من أول مدة القرض إلى آخر دفعة فيه بالفائدة الربحية ذاتها وكأن شيئاً لم يكن، وبالتالي يكون المقترض قد دفع على مجمل الدفعات فائدة مالية عالية جدا لقرض كان يفترض ألا يكلفه سوى حاصل مجموعة النسبة المئوية متناقصة كل مرة مع تناقص حجم ما يتم تسديده من دفعات، وهي في النهاية ستكون مبلغا إجماليا يقل كثيرا عما يدفعه المقترضون في نظام بنوكنا الحالي.
يحدث ذلك منذ سنوات طوال تحت سمع وبصر الجهات المعنية بالنظام المصرفي في بلادنا، التي لم يصدر عنها أي توجيه أو تعليمات لتصحيح هذا الإجحاف بحق الذين تضطرهم ظروفهم للاقتراض.. وهم كثيرون، سواء أولئك المقترضون بقصد الاستثمار أو المقترضون بقصد سداد حاجات ضرورية.
وما دام الأمر كذلك، وهو كذلك بالفعل، فنظنه حان الوقت لكي تتدخل مؤسسة النقد السعودي لوقف هذا الاستمراء لسياسة إقراض لا تتفق إطلاقا مع الأنظمة المصرفية المعمول بها في العالم وما زالت تثقل كواهل المواطنين بما ليس عدلا!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي