الأندية والموارد المالية
التركيز على الجانب الرياضي في الأندية طغى، وغاب عن مشهدها أي نشاط سواه، بينما يرى البعض بأن هذا هو الأصل وأساس الهدف من إنشائها، وبالرغم من أن مسمى كل ناد يأتي في سياقه "ثقافي اجتماعي" ومكاتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب ترعى وتنظم المسابقات الاجتماعية والثقافية وتحث على التواصل الاجتماعي غير أنها مناشط دائما ما تكون في الظل ويخالف البعض ويرى بأن الأندية "حُملت ما لا تحتمل" فميزانياتها بالكاد لا تكفي للجانب الرياضي للألعاب، التي يجب على النادي أن يشارك بها فلا بد من "ثلاث ألعاب جماعية وأخرى فردية" من أجل أن تصل الإعانة المقررة للخزينة ومتى خالف فالحرمان نصيبه.
ومع استمرار هذا الجدل فما زالت رعاية الشباب بنفس المسمى، ولم تتغير وما يجب ذكره في هذا المجال أن الأندية الأدبية التي تمخضت فكرة إنشائها من خلال رأي عرضه الأديب عزيز ضياء على الراحل فيصل بن فهد عام 1395هـ، باركه الأمير الراحل وظلت تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب ولم تُنقل رعايتها لوزارة الثقافة والإعلام إلا في عام 1426هـ، وأنتجت هذه الأندية أضخم وأهم سلسلة تعريفية في مدن ومحافظات المملكة، لا مناص ولا سبيل لأي باحث عن الرجوع إليها، كذلك فالأندية يبرز نشاطها الاجتماعي بين فترة وأخرى ففي الفترة القريبة الماضية قامت إدارة نادي الهلال برعاية حفل الزواج الجماعي لـ107 أفراد من ذوي الإعاقة الحركية في مقر في الصالة المغلقة في النادي وتكفلت بكل تكاليف الزواج بالتنسيق مع جمعية الإعاقة الحركية، وفي نادي النصر تتوالى وتتواصل شراكة العمل الاجتماعي مع الداعية غرم البيشي، وشهد النادي عددا من الفعاليات، سواء داخل مقر النادي أو خارجه.
أما شراكة نادي الشباب مع مجموعة إنسان ظاهرة وبارزه وما ذكرته فهو ضرب مثال لا استقصاء لكل ناد وجهده وفي الوقت نفسه أتساءل عن الجانب الثقافي، وأين موقعه من كل هذا الدعم والحضور، ولماذا لا تتولى إدارة الاستثمار والتسويق في كل ناد رعاية مشروع ثقافي يكون رمزاً للنادي وسبيلاً لجذب شريحة أخرى من المجتمع لداخل النادي ومد يد الشراكة معها، والاستفادة من الأفكار والرؤى، التي من الممكن أن تسهم في تطوير النادي للنموذج المؤسسي في ظل الخطوات المتسارعة، التي نرى الأندية تخطوها في هذا الجانب خاصة، ونحن نرى أثر هذا ظاهراً بعد دخول مجموعة من رجال الأعمال الشباب للعمل في القطاع الرياضي، وهم من يهمهم التنظيم وإيجاد مصادر أخرى للدخل، وكذلك استقطاب من يقدم وسائل الاستثمار غير المتوقعة كرصيد إضافي لكل ناد، ولقد دار جزء من هذا النقاش وكانت بدايته عندما رأيت مسودة بحث عن النشاط الرياضي وتطوره كموروث شعبي في الجزيرة العربية بين يدي الدكتور خليف الشمري، وتساءلت لماذا الأندية بعيدة عن رعاية الجانب الثقافي والمساهمة في رعايته وإبرازه طالما هي تبذل الكثير في الجوانب الأخرى، فنادي الهلال على سبيل المثال استحدث منصب إدارة المسؤولية الاجتماعية وأوكل مهمته لـ "سعود السبيعي"، الذي يقدم العمل الجميل من خلال هذا المنصب، فلماذا تتغافل الأندية عن الرعاية الفكرية، ومتى نرى صالة النادي تزدحم بالبرامج الثقافية على اختلاف أنواعها، فمن المفيد والمجدي استغلال فترة توقف النشاط الرياضي في الإعلان وإقامة البرامج الثقافية وتكون فرصة من أجل تسويق منتجات النادي وبيع بطاقات العضوية، وكذلك جعل النادي متنفسا اجتماعيا خلال هذه الفترة والفائدة في النهاية لخزينة النادي، التي ستستفيد من انضمام متابعين ومحبين جدد فتكامل الأدوار التي تقوم بها الكيانات يجعلها قريبة من كل شرائح المجتمع، وتضمن بهذا نجاح أي مشاريع استثمارية داخل النادي وخارجه.