رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الموازنة العامة للدولة.. مليئة بالتحدي والإصرار

إن أفضل بداية للحديث عن الموازنة العامة للمملكة في هذا المقال، هي ما انتهى به خطاب خادم الحرمين الشريفين من أن هذه البلاد ولله الحمد تنعم بالاستقرار والأمن، وأن الدولة ستستمر في المحافظة على كل ذلك لمواصلة مسيرة النمو والتنمية، وبذلك جاءت ميزانية هذه العام مليئة بالتحدي والإصرار بالرغم من الظروف الاقتصادية والسياسية المضطربة، وكما قال خادم الحرمين الشريفين، إن التوجيهات صدرت بأن يتم التنفيذ بكفاءة بما يسهم في استدامة الوضعِ المالي القوي، وأن تعطى الأولوية في العام المالي المقبل لاستكمال تنفيذ المشاريع المقرة في الميزانياتِ السابقةِ، وهي مشاريع كبيرة.
هذه هي الرؤية التي بنيت عليها ميزانية العام المقبل، وبوضوح استكمالا للمشاريع القائمة بالرغم من ضخامتها، لكن مع الاهتمام بكفاءة التنفيذ والمحافظة على الاستقرار المالي. وتحقيقا لهذه الرؤية فإن أي مفاجأة في ارتفاع مستوى الإنفاق في الميزانية عن السنة المالية السابقة سوف يزول تماما حيث ارتفعت النفقات خمسة مليارات ريـال، وكل هذا للمحافظة على إنجاز المشاريع التنموية التي تعمل عليها مؤسسات الدولة المختلفة، وإذا كان من شاهد على ذلك فإن الميزانية المقبلة سوف تحافظ على مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وكذلك مشروع تطوير التعليم العام حيث استمرت الدولة في تعهداتها بإنفاق 80 مليارا لتطوير التعليم، هذا المشروع الأخير من أهم مشاريع الدولة في الأعوام المقبلة، ولم نزل نعول عليه لتحسين قدرات أبنائنا ومن ثم مستقبل هذه البلاد، فهذه 80 مليارا ستتضمن دعما بمبلغ 42 مليارا لإنشاء مجمعات تعليمية تصل إلى ثلاثة آلاف مجمع خلال خمس سنوات.
ويجري حاليا بناء أكثر من ألف مجمع مع تأهيل 500 مبنى تم اعتمادها في هذه الميزانية، كما سيتم ضخ أكثر من ثمانية مليارات لتطوير مبانٍ قائمة، وتجهيزها بوسائل الأمن والسلامة، وأكثر من مليار لتطوير التعليم الإلكتروني، وفي مجال الجامعات سيستمر الإنفاق على الوتيرة نفسها لإنجاز مقار الجامعات بأكثر من 12 مليار ريـال إضافة إلى الجامعات الجديدة باختصار لا قلق على تطوير التعليم.
في مجال الصحة اعتمدت الميزانية إنشاء 117 مستشفى جديدا، خمس مدن طبية مدنية وثلاث مدن طبية عسكرية، لزيادة عدد الأسرة بأكثر من 14 ألف سرير، فلا قلق على الصحة أبدا، وفي البلديات كذلك مشاريع تصريف وحماية من السيول بأكثر من 25 مليارا، و63 مليارا للنقل إضافة إلى استمرار الصرف بقيمة 115 مليارا على مشاريع النقل القائمة.
لكل هذا نقول إنها ميزانية عنوانها لا داعي للقلق فالاقتصاد في وضع مستقر، لكن كيف يتحقق هذا إذا استمرت أسعار النفط تتهاوى بينما ما زلنا نعتمد عليه كمصدر رئيس للدخل فإذا تأثر تأثرت حتما جميع المصادر الأخرى؟ من المهم أن ندرك أن المملكة تصر من خلال هذه الميزانية على أن تحافظ على مستويات النمو الاقتصادية، ولن تتحقق ما تستمر الدولة في الإنفاق على المشاريع القائمة التي نعول من خلالها على أن يعمل القطاع الخاص بوتيرة أفضل، ومن ثم تحقق الدولة ترشيدا ناجحا في الميزانية للسنوات المقبلة إذا كان هذا ضروريا مع قدرة القطاع الخاص على إيجاد توازن في الإنفاق يحقق النمو الاقتصادي مهما تراجعت قدرة الحكومة على الصرف. هذه المعادلة هي التحدي الذي علينا أن نخوضه في المستقبل، لا شيء مقلقا حتى على المدى الطويل، فلقد نجحت الدولة في تحقيق مكاسب هائلة خلال سنوات الفوائض، وهي تبدأ هذا العام في الاستفادة منها في تغطية العجز المتوقع، ولدينا قدرة هائلة على الصرف دون الحاجة إلى الاقتراض حتى لو وصلت أسعار النفط إلى أقل من 20 دولارا، وحتى إذا استمر التراجع – وهو غير متوقع – لسنوات أطول فإن السياسة المالية الناجحة قد خفضت الدين العام إلى أقل من 1.6 في المائة من الناتج الوطني وهذا معناه قدرة كبيرة على الاقتراض حتى تعاود أسعار تصحيح نفسها على المدى الطويل.
نعم لا داعي للقلق، ويمكن للجميع الإبقاء على خططهم المستقبلية كما هي دون تغيير كما يجب أن يستفيد القطاع الخاص من الفرص المواتية له اليوم، وهو يعيش في دولة تعرف كيف تدير ثروتها بنجاح. ومع كل هذه الطمأنينة التي بثتها الموازنة العامة فإن الحاجة إلى ترشيد الإنفاق لم تزل قائمة فالسنة الحالية 2014 قد حققت عجزا نظرا لارتفاع حجم المصروفات حتى عن المستويات المقدرة لها وهذه مشكلة لم نزل نعاني منها وتحتاج إلى ضبط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي