هي مسيرة متواصلة (2)

المحددات الرئيسة لتمكين المرأة متعددة، وقد قطعنا شوطا طويلا منذ بداية تعليم المرأة في المملكة. ووفقا للأمم المتحدة فإن أولها هو اجتثاث الفقر المدقع والجوع والمقصود توفير البنية والضرورات الرئيسة من وسائل نقل وطاقة (كهرباء) لهذه الفئة من السكان. أيضا الاستثمار في مقومات صحة المرأة بتوفير التغذية السليمة لقمع الجوع مما يعزز صحتها وسلامتها الجسدية.
ثانيا:
تعليم الفتيات والنساء بشكل ملائم وفرض التعليم الابتدائي والمتوسط على الأقل على النشء إناثا وذكورا، وإلغاء تزويج القاصرات بتاتا خاصة أن هذه الفئة لم تملك الفكر المناسب لتنشئة أسرة بالأطر الحديثة وتنظيم النسل بشكل يتناسب مع قدراتها المالية. ووفقا للإحصاءات فهناك علاقة طردية بين مستوى تعليم الأم ونسبة اجتياز أبنائها المراحل الدراسية وتحصيلهم العلمي وصحتهم الجسدية.
ثالثا:
دعم المساواة بين الجنسين، والمقصود دعم الحصول على الحقوق مثل ما عليها من واجبات وجزاءات. والأمثلة كثيرة بداية من الأسرة التي تختلف تفرّق بقوة بين أبنائها وبناتها وما يلي تلك المرحلة من تعقد التمييز بين دور الجنسين في المجتمع.
هذه البنود في بلادنا تحققت إلى حد كبير وأصبحت ربما جزءا من الماضي، لكنها جاءت بعد مطالبات وكفاح وتضحيات لكل من آمن بأهمية دور المرأة في المجتمع والاقتصاد.
من يومين نشرت “النيويورك تايمز” تقريرا في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عن استعانة وزارة العمل السعودية بمجموعة أكاديميين بارزين من “هارفارد” وغيرها للمساعدة في قراءة العقبات التي تعرقل مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية. ويذكر التقرير أن عدد السعوديات العاملات بلغ 680 ألفا فقط، الذي يشكل 11 في المائة فقط من إجمالي النساء البالغات. وذكرت مها طيبة المستشارة في وزارة العمل أن الدولة تأمل مضاعفة هذا العدد خلال السنوات القليلة المقبلة، وتعلق بأن المرأة السعودية ما زالت تعتبر أن العمل هو خيار بينما أن الأصل هو البقاء في المنزل وكما ذكرت في مقالي السابق، فإن لهذا أصلا موروثا دينيا، لكن الظروف الاقتصادية تغيرت وأصبح من الصعب على رجل واحد تحمل تكاليف عائلة بمتوسط خمسة أفراد وحده. وتأمل الوزارة أن يساعدها الفريق على إيجاد منافذ أخرى لعمل المرأة، وأنه من المتوقع حدوث تغيرات مجتمعية مصاحبة لهذا التوجه.وذكر التقرير أن ثلث حاملات البكالوريوس عاطلات ويبحثن عن وظيفة تلائم قدراتهن. ومن الواضح أن تعليمهن ربما يفوق تعليم الرجال لكن الفجوة بين التعليم وسوق العمل واسعة، وأن النساء لا يعرفن كيفية التقديم وسبل الحصول على الوظيفة، إضافة طبعا إلى العائق الأكبر وهو المواصلات وصعوبة الوصول إلى مكان العمل.
لن أتطرق إلى ما دفع وزارة العمل لإجراء الدراسة أصلا لأنه من الواضح أنها عجزت عن الدفع بالمزيد من النساء لسوق العمل رغم التسهيلات التي أجرتها بداية من إقرار تأنيث المحال عام 2011، مرورا بانخراط النساء في مزيد من قطاعات العمل، لكني أتساءل هل فعلا الأمر بهذا القدر من التعقيد؟ أكثر المحللين يعرفون الأسباب وعلى رأسها صعوبة المواصلات، وعدم تمكن المرأة من قيادة مركبتها وبالتالي إقحام رجل في حياتها بوظيفة سائق خاص، أصبح مكلفا جدا هذه الأيام. أيضا حاضنات الأطفال في الشركات الخاصة تم إقرارها منذ أكثر من سنتين ولم تفعّل! ماذا بعد؟ في رأيي أن وزارة العمل لن تتمكن من حل المشكلة بمعزل عن وزارتي النقل والداخلية وربما من الأجدى أن تبذل مزيدا من الجهد في تذليل العقبات مع هاتين الوزارتين بدلا من إنفاق مبالغ باهظة على دراسات مكلفة, تشخيصها ونتائجها شبه معروفة مسبقا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي