هل أنت ابن أبيك؟

سقف طموحاتنا وأمانينا مما يقدمه القطاع الصحي في السعودية لنا يبدو لي أنه تقلص إلى درجة كبيرة، بل يخيل لي أن السقف سقط فوق رؤوسنا ولامس الأرض، فلم نعد نطالب بعناية صحية فائقة تضاهي دول الجوار ولا بأسرة تحتضننا عندما نتعرض لمرض ونتعافى فوقها.
لم تعد تشغلنا قضية الأخطاء الطبية التي تطولنا كمرضى، فلا بأس لو تم استئصال "الكلية" عندما يعاني المريض التهاب "الزائدة" ولا بأس لو نسي الجراح مشرطا داخل بطن المريض، الأهم يا وزارة الصحة "عيالنا" لا تبدلوهم، فوالله إنه أمر مؤلم أن يعيش ابنك لدى عائلة لا "يُعرق" فيها، ويعيش في بيتك طفل ليس من صلبك.
لا أعلم إن كانت ظاهرة "تبديل المواليد" ظاهرة عالمية، أم هي محلية فقط. ولكني لم أسمع بها إلا في السعودية وفي مستشفياتنا الموقرة، وأتمنى أن تضعنا وزارة الصحة في الصورة إن كانت الظاهرة عالمية لتطمئن قلوبنا عندما يكون "الإهمال" موجودا في كل دول العالم لا في القطاع الصحي السعودي.
لم تكن حادثة تبديل المواليد التي حدثت في الجبيل قبل أيام هي الأولى التي تحدث في المستشفيات السعودية، فقد سبقتها حوادث كثيرة لعل من أشهرها حادثة تبديل الطفلين "التركي والسعودي" في أحد مستشفيات نجران، ومضى عليها 11 عاما دون أن يُكشف عنها.
أمر مخجل أن يحدث مثل تلك الأخطاء، وأمر مؤلم ألا تصحح وأن تتكرر، ومن المعيب أن يصل الإهمال والتهاون في قطاع يصرف عليه مليارات الريالات كل عام إلى "تبديل المواليد".
الأمر لا يحتمل، فرداءة القطاع الصحي في البلد لم تكن وليدة اليوم، بل تعود لعقود، وعلى الرغم من تغيير الوزراء وزيرا إثر آخر، إلا أن ما يقدمه القطاع من خدمات ورعاية صحية لا يتوافق مع ما يصرف عليه والأخطاء تتكرر دون حسيب أو رادع.
أجزم أن أي شخص يعاني حالة "نفسية" - وما أكثرهم في البلد – سيبدأ بالتفكير وهو يقرأ ما تنقله وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن حالات الخطأ في "تبديل المواليد"، وسيطرح على نفسه سؤالا "هل أنا ابن أبي"؟ وهل من وجودي معهم الآن هم أهلي أم تم تبديلي وأنا طفل رضيع؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي