هي مسيرة متواصلة
هل تعرفون قيمة ومعنى خروج المرأة للعمل؟ هل تدركون أهمية عمل المرأة اليوم؟ في مطلع عام 2015 أتذكر مرور أربعة أعوام على إعلان وزارة العمل فتح الباب أمام السيدات للعمل في قطاع التجزئة الذي يعتبر برأيي أضخم نقطة تحول في تاريخ عمل المرأة السعودية المعاصرة الذي لا يقل أهمية عن مشروع إصدار بطاقة الأحوال والتعليم العام الذي جاء في الستينيات من القرن الماضي.
وبجانب قرار وزارة العمل سأحتفل شخصيا بمرور سبعة أعوام على حملة الملابس النسائية التي انطلقت عام 2008 وكانت تهدف بإصرار إلى تفعيل قرار مجلس الوزراء في مادته الثامنة التي تنص على عمل النساء في قطاع التجزئة الخاص بالنساء.
بالطبع عملت الحملة على توعية المجتمع بوجود القرار منذ عام 1425 بالرغم من عدم تفعيله وأن المرأة يحق لها العمل بكرامة وأن غالبية المستهلكين في هذا القطاع من النساء وبالتالي من حق النساء العيش بكرامة والعمل الشريف بعيدا عن الاستجداء وطلب الحاجة من المحسنين. أيضا من حق المستهلكات التمتع بخصوصيتهن أثناء التبضع والتعامل مع البائعة بشكل طبيعي.
اليوم تحدثت مع سيدة تعمل محاسبة في سوبر ماركت. علامات الفقر والحياة المتواضعة واضحة من يديها وأصابعها، لم تعرف قط معنى الرفاهية، بل ربما لم تتوفر لها ضرورات الحياة الكريمة قبل أن تعمل.
ماذا تفعل لتأكل ثلاث وجبات؟ أو تتعالج في مستشفى (بكرامتها)؟ أو تركب سيارة أجرة وتخرج من بيتها لشراء حاجياتها؟ أو تدفع فواتير كهرباء أو تمتلك جوالا؟
أنا أقول لكم،. في السابق كانت المرأة السعودية الفقيرة لديها بعض الخيارات: 1) تتزوج رجلا (أيّ رجل) ينفق عليها (لو حالفها الحظ).
2) تتجه للتسول أو الاستجداء أو مساعدات المحسنين. 2) تعيش بعفة في بيتها إلى أن يلتهمها المرض أو العجز. كل هذه الخيارات لا تليق بالسيدة لا سابقا ولا لاحقا، لكن لكل زمان ظروفه وملابساته.
اليوم، أمامها خيار رابع أفضل يقيها جميع الخيارات المؤلمة: العمل بكرامة لتحصل على تأمين صحي وتأمينات للتقاعد ودخل شهري، القدرة على أن تخرج من بيتها لترى النور وتتعايش مع المجتمع وتخطط لمستقبل أكثر إشراقا. وكثيرا ما يحتج المعارضون ويدافعون عن تكفل الرجل بجميع شؤون عائلته وبالرغم من أن لهذا الهيكل أصلا في الإسلام لكن الحياة تتطور ومتطلباتها تختلف من عصر لآخر، فلنعترف بهذا ونترك الدفاع المستميت عن نماذج يستحيل تطبيقها بحذافيرها في القرن الحادي والعشرين، ولنتذكر أن الشرع مرن وسمح وليس جامدا أو متصلبا. برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث هو تأكيد على مشاركة المرأة في الحياة العلمية والاقتصادية. وجودها في الشورى هو تأكيد مشاركتها في الحياة السياسية ومواقع التشريع.
قد تقولون: إن التطوير بطيء والوقت يمر بسرعة وهذا رأيي أيضا لكننا اليوم أمام وضع راهن يتسم بالانقسام المجتمعي حول وضع المرأة وما يجب أن تكون عليه ودورها في الحياة أصلا ويكثر الجدل والنقاش ونعود أحيانا لنقطة الصفر وهكذا، لكن ما يحسم الأمر حقيقة هو الإرادة السياسية لخادم الحرمين الشريفين الذي قال جملته الشهيرة عن رأيه ونظرته للمرأة.
هل ما زالت أمامنا تحديات؟ نعم
وهي كثيرة لكنها لن تزول بالأحلام، بل بالعمل الدؤوب والتطور التدريجي وانخراط المرأة في العمل والحياة الاقتصادية حتى لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال، وفي هذه الأثناء سيكثر الجدل عبر مواقع التواصل وفي الإعلام وخلف الكواليس وفي الشارع، والمهم ألا نفقد الرؤية والهدف في منتصف الطريق. وفي المقال المقبل سأتحدث إن شاء الله عن وضع معايير رقمية لتطوير دور المرأة بشكل فاعل وملموس.