رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


ما أنا فحمة ولا أنت فرقد

كلما شاعت كلمة السلام في مجتمعاتنا، أصبح فعل السلام أقوى. حالة النكد التي تتلبس المرء، ترتبط بكونه يغدو أسير توحده مع ذاته، يمر من أمام الناس، لا يطرح السلام، ولا يريد أن يرد السلام. هو يعتقد أنه مشغول بما هو أهم. هذا الشخص نفسه، تراه شحيحا بابتسامته، وكأن هذه الابتسامة تكتنفها أشواك تجعل التكشيرة تطغى على تضاريس وجهه.
اللافت أن لفظة السلام وفعل الابتسامة يتسيدان كل الحضارات الإنسانية، والذين يعبرون عن استغرابهم من تصرفات البعض، يستحضرون في الموروث الديني بشارات هذا الفعل. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "أفشوا السلام بينكم...". ويقول عليه السلام "...وتبسمك في وجه أخيك صدقة".
هذا التحفيز والتوجيه النبوي الكريم، على هذا السلوك المتحضر، يقابله شح وبخل يملأ بعض النفوس.
مؤلم أن تقابل من لا يرغب في الرد على السلام ــ وقد سبق أن كتبت عن هذه المسألة.
بعضهم يؤمن بالتعبير الشائع: كثر السلام يقلل المعرفة. والبعض عندما تقول له: السلام عليكم، تكاد الكلمة تقفز من بين شفتيه: تعرفني؟!
قابلت قبل بضعة أيام بالمصادفة، رجلا مهما، كان يتحدث عبر هاتفه في المنشأة التي يتولى إدارتها، أشرت له بيدي مسلما، فبادر برد السلام. أكبرت سلوك هذا الشخص الذي لا يكاد يعرفني. ولولا أن يعد البعض الإشارة إلى الأسماء في معرض المدح نوعا من التزلف، لأفصحت عن الاسم.
في المنشأة نفسها التي دخلتها مراجعا، ألقيت السلام على الموظف الذي أتابع المعاملة عنده فلم يكلف نفسه بالرد. ولعل ذهنه كان مشغولا بأمر آخر.
قلت لصديق كان يشكو لي من مواقف مشابهة: نحن نحتاج إلى تنشيط شفاهنا وتدريبها على السلام والابتسام.
في كل لغات العالم، تبعث كلمة السلام والابتسامة الخفيفة الطمأنينة، وهذا السلوك يشعرك بأنك تتعامل مع كائنات أنيقة وراقية.
العكس صحيح، فغياب الابتسامة وعدم السلام صلف لا يليق ولا مبرر له. لسان حال البعض يلخصه بيت الشاعر المهجري إيليا أبي ماضي:
يا أخي لا تمل بوجهك عني
ما أنا فحمة ولا أنت فرقد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي