رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الميزانية .. الحقبة الاقتصادية

يأتي إخراج الميزانية بعد عدة أسابيع. الأمل أن تكون مختلفة عما عودتنا عليه وزارة المالية في كونها جدول إيرادات ومصروفات وبيانا مقتضبا عن حالة الاقتصاد الكلي. هذه العادة تظهر البعض وتخفي الكثير، ولكن الأهم أسلوب النهج الفكري وطريقة الطرح ومستوى الإفصاح المتناسب مع الاستحقاق الاقتصادي. موضوع عمود اليوم اقتراح للتعامل مع هذه الفجوات المنهجية وإضفاء مزيد من الإفصاح الاقتصادي لدعم الرؤية والوضوح بما يخدم الاقتصاد الوطني.
الميزانية تعبير عن الحالة المالية والاقتصادية ورسم الخيارات الاقتصادية وربط الفترة الزمنية بما سبقها ويعقبها من تسلسل في القرار الاقتصادي في المدى القصير والطويل. لعل السؤال المركزي: هل إخراج الميزانية بهذه المنهجية المعتادة يخدم الهدف العام؟ للإجابة عن هذا السؤال المفصلي لا بد من مراجعة النواقص الأساسية في إعداد الميزانية كي تحقق الأهداف العامة. هناك نواح نظرية وعملية لا بد أن تشملها الميزانية كي تتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الحقيقية. ننطلق من الحاجة الماسة لتحويل اقتصاد المملكة من منظور مالي تعبر عنه منهجية الميزانية الحالية إلى منظور تكون الميزانية أداة للتعبير عن الخيارات الاقتصادية. الفرق بين الاثنين مثل من يعتاش على ما وفره والده من دخل ثابت، وشاب آخر استطاع التعلم والحصول على وظيفة في قطاع خاص منتج يحقق به دخلا مجزيا يستطيع توفير جزء منه للمستقبل. المشترك بين أوضاعنا العامة والتشبيه هو مدى الانكشاف حول الأوضاع الاقتصادية.
للميزانية دور مهم في انكشاف الأوضاع كي يتسنى للجميع ارتقاء سلم التحسن (من خلال الإنتاجية). لن يكون إخراج الميزانية بديلا عن سياسة تنموية/ اقتصادية جديدة ولكن الميزانية فرصة حقيقية لإعادة جدولة الأولويات ماليا واقتصاديا. من هذا المنطلق تأتي عدة عناصر مترابطة كالتالي: تقوم الحكومة بتقديم دعم سخي وكبير للمواطن والمقيم، يصل الدعم طبقا لتقارير عالمية نحو 230 مليار ريال في السنة، إذ يفوق الميزانية قبل سنوات قليلة، ولكن هذا المصروف العالي لا يُذكر في أرقام الميزانية. عدم ذكره يشوه الحقيقة الاقتصادية ويضلل محاسبيا (إذا كان هناك محاذير دولية، فهناك طرق أخرى للانكشاف). كذلك وعلى المنوال نفسه هناك مطلوبات على الحكومة في تزايد أهمها مؤسسة التقاعد التي تعاني عجزا اكتواريا إضافة إلى ضعفها استثماريا. العنصر الآخر يأتي في التعامل مع الاستثمارات الحكومية. لا تفرق الميزانية تحليليا بين المصروفات الجارية والاستثمارات خاصة أن الاستثمارات أهم في المدى المتوسط والبعيد (محدد أساسي للنمو) وأكثر عرضة للتذبذب خاصة أن الاستثمارات قليلة في أغلب السنوات، كما تبرز إشكالية أخرى في عدم ذكر استثمارات أرامكو وسابك ومعادن والاتصالات (المؤسسات المؤثرة)، فهذه مؤسسات حكومية في الجوهر والقرار. بما أن البيان يتحدث عن حالة الاقتصاد الكلي الأحرى أن يخصص بند مستقل للاستثمارات بدرجة من التفصيل والشمولية. هذا يقودنا للفترة الزمنية، بما أن الاستثمارات طويلة الأجل فلا يمكن جدولتها في عام مالي واحد، الأحرى أن تكون الميزانية مبوبة لعامين ماليين وإرشادية لثلاثة أعوام أخرى لربطها بالخطة الخمسية. إخراجا؛ للميزانية دوران، الأول جدول مصروفات ثابتة والآخر جدولة المشاريع فغياب جدولة المشاريع بوضوح نقص كبير.
هذه العناصر مترابطة فيما بينها ولكن الأهم أنها تربط بين الأوضاع المالية والخيارات الاقتصادية. اعتدنا على فصل صناعي حان الوقت لنهج جديد يخدم مراحل أكثر واقعية وتعقيدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي