القطاع الصحي يا وزارة العمل
المساعي التي تقوم بها وزارة العمل السعودية لتوطين الوظائف في القطاع الخاص من خلال حوافز برنامجها "نطاقات" أمر جميل ويستحق الشكر في بعضه، ولكن ثمة أمر لا يستحق الشكر؛ ألا وهو دفع الشباب السعودي إلى امتهان مهن لا تليق بهم ولا تليق بمدخرات بلدهم وخيراته، وآخر قوى "الدفع" تلك هو حث "المخابز" على توطين الوظائف وتعيين سعوديين على مهنة "خباز".
لا نقلل من أي مهنة "شريفة" يمكن أن يأكل منها المواطن "عيشا" من عرق جبينه ومنها مهنة "الخباز"، ولكن هل المهنة قادرة على منح راتب للسعودي يمكن له فتح منزل والصرف على عائلته؟ وهل يتوافق هذا الراتب الذي يتقاضاه السعودي من تلك مهنة مع اقتصاد بلده؟ وهل لا توجد فرص عمل يمكن أن تدر على السعودي راتبا أكبر من راتب "الخباز" كي ندفعهم إليها "عنوة" يا مسؤولي وزارة العمل؟
قطاعات كثيرة لم تلتفت إليها وزارة العمل بعد، وهي قادرة على منح المواطن فرصة عمل تدر عليه راتبا يمكن من خلاله الصرف على عائلته بسخاء دون الحاجة إلى دفعه إلى مهن أقل في الراتب، ومن تلك فرص العمل في القطاع الصحي، بل إنها لم تستطع بعد توطين وظائف القطاع الحكومي الصحي ولم تحاول أو تسع بجدية في هذا الشأن، فالعاطلون المتخصصون في الصحة بالآلاف والوظائف بالآلاف أيضا، ولكن ما زال "الأجنبي" يستحوذ عليها.
21 ألف خريج وخريجة من المعاهد الصحية، ما زالوا عاطلين عن العمل ولم يجدوا من يدفع بهم في القطاع الصحي الحكومي أو الخاص، ورغم توسلاتهم في الإعلام إلا أن وزارتي الخدمة المدنية والعمل تتعاملان معها بـ "لا أسمع .. لا أرى .. لا أتكلم".
لا ننكر جهود وزارة العمل في توطين الوظائف ولكنها أحيانا تركز على قطاعات لن تجد سعوديا واحدا يمتهنها كما يحدث في المخابز وفي قطاع المقاولات .. فهل يوجد سعودي متخصص في "الخبز" أو "العجن" أو في السباكة والتبليط والتلييس والبناء بشكل عام.
وزارة العمل مطالبة بالتحرك بشكل جدي في توطين وظائف القطاع الصحي، فغير مقبول أبدا أن يكون جُل فرص العمل في القطاع من نصيب الأجانب، بينما السعوديون عاطلون عن العمل على الرغم من أنهم لا يقلون عنهم في الإمكانات.