70 % من الغاز في المملكة "مصاحب" .. وارتفاع استهلاكه 60 % في 10 سنوات

70 % من الغاز في المملكة "مصاحب" .. وارتفاع استهلاكه 60 % في 10 سنوات

تكون الغاز الطبيعي مثله مثل باقي مصادر الطاقة الأحفورية الأخرى (الفحم الحجري والنفط) منذ ملايين السنين تحت الأرض وفي أعماق المحيطات من بقايا الكائنات الحية كالنباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة. هناك العديد من النظريات التي تحاول أن تفسر وجود وتكون الغاز الطبيعي تحت الأرض، ولكن أكثرها قبولاً تلك التي تقول إن الغاز الطبيعي تكون بفعل ضغط بقايا الكائنات الحية (العضوية المتكونة أساساً من الهيدروجين والكربون) تحت الأرض لملايين السنين عند درجة حرارة عالية في قاع الأرض، هذه الظروف الصعبة من حرارة عالية وضغط عال من شأنها أن تكسر الروابط الكربونية المكونة للكائنات الحية العضوية ونتيجة لذلك تكون الغاز الطبيعي.
وكما هو معلوم أنه كلما زاد العمق تحت سطح الأرض زادت درجة الحرارة سخونة ومن ثم زادت الظروف قسوة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تسارع وزيادة نسبة تكون الغاز الطبيعي. لكن في الأعماق الضحلة نجد أن النفط يتكون أكثر من الغاز الطبيعي، ولعل هذا هو سبب تكون الغاز سويا مع النفط (فيما يسمى بالغاز المصاحب) تحت أعماق من 2 إلى 4 كيلو مترات من سطح الأرض، وعند أعماق أعلى من ذلك حيث درجة الحرارة والضغط العاليين يتكون فقط الغاز وتحديداً الميثان.
نحو 70 في المائة من غاز المملكة الثابت وجوده هو غاز مصاحب (جدول 1 يعرض مكونات الغازات المختلفة) أي مرتبط مباشرة بحقول النفط وعملية استخراجه. وأود أن أشير هنا إلى أن معظم إنتاج المملكة من الغاز المصاحب يأتي من حقل الغوار (يشكل إنتاج حقل الغوار من الغاز ما نسبته 30 في المائة من إجمالي إنتاج المملكة) وحقلي السفانية وزلف المغمورين، ويقدر المختصون أن نحو 90 في المائة من إنتاج المملكة للغاز المصاحب يأتي من ثمانية حقول.
وتختلف كمية الغاز المستخرجة من حقل لحقل فمثلاً تبلغ كمية الغاز المستخرجة من حقل الغوار (أكبر حقول المملكة على اليابسة) 530 قدما مكعبا لكل برميل من الخام المستخرج، بينما تبلغ كمية الغاز المستخرجة من حقل السفانية (أكبر حقول المملكة المغمورة) 920 قدما مكعبا لكل برميل من الخام المستخرج.
وتشكل نسبة استغلال الغاز المصاحب الآن أكثر من 99 في المائة بعد أن أنشأت شركة أرامكو السعودية شبكة رائعة ورئيسية لتجميع الغاز ومعالجته ونقله بعد أن كان جزءاً كبيراً من هذه الغازات يحرق في الهواء في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. ومن المعلوم أن معظم حقول المملكة النفطية تقع في المنطقة الشرقية، ما يعنى أن معظم الغاز موجود في هذه الحقول، الأمر الذي جعل عملية نقله إلى باقي مدن وقرى المملكة عملية صعبة ومكلفة وتحتاج إلى مد آلاف الكيلومترات من الأنابيب.
وتتراوح استعمالات الغاز المختلفة في المملكة بين توليد الطاقة والصناعات البتروكيماوية وصناعة النفط والصناعات الأخرى، مثل صناعة الأسمنت والألمنيوم، وأخيراً الاستخدامات المنزلية كغاز الطهي.
ويعرض الجدول رقم (2) الاستهلاك السعودي اليومي للغاز وأهم طرق استخدامه. ويستطيع القارئ الكريم أن يرى أن التوقعات تشير إلى أن استهلاك المملكة اليومي للغاز سيزيد بنحو 60 في المائة في الفترة ما بين 2004 إلى 2014 (بحسب ورقة الدكتور خالد العقيل التي ألقيت في المؤتمر العربي الثامن المنعقد في الأردن عام 2006). والواضح من الجدول أن نسبة استخدام الغاز لتوليد الكهرباء سوف تتناقص لحساب الصناعات، وهذا التوقع يدعو إلى القلق، حيث يعد الغاز من أهم المصادر النظيفة لتوليد الطاقة الكهربائية والحرارية.
طبعاً المملكة لا تصدر ولا تستورد الغاز الطبيعي، أي أنها تستهلك ما تنتجه من الغاز، لذلك فالمملكة غير معنية بأسعار الغاز الطبيعي العالمية وتأرجحها. أما فيما يخص هذه الأسعار العالمية، فحقيقة الأمر أنه لا توجد منظمة عالمية ترعى مصالح الدول المصدرة للغاز وتحافظ على تماسك الأسعار كمنظمة أوبك بالنسبة إلى الدول المصدرة للنفط الخام. وقد يتساءل أحد: هل هناك علاقة بين أسعار النفط وأسعار الغاز الطبيعي؟ فلا يخفى على أحد أن هاتين المادتين الاستراتيجيتين مترابطتان لتشابه استعمالهما كوقود لتوليد الطاقة، وأيضاً كوقود لوسائل النقل المختلفة (انظر شكل 1). ولأن النفط والغاز الطبيعي مادتان متنافستان ورئيستان لتوليد الطاقة، بقيت أسعارهما مترابطة صعوداً وهبوطاً إلى حد كبير لكن ليس بالمطلق. فمثلاً زيادة أسعار النفط تغري المستهلكين باستخدام الغاز بدلاً من النفط (خصوصاً إذا علم أن الكثير من مولدات الكهرباء يمكنها التحول بسهولة من النفط إلى الغاز) ما يزيد في الطلب على الغاز، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي. ولكن وجدت أوقات عندما كانت أسعار الغاز والنفط لا تربطهما أي علاقة، أي أن سعر كل منهما مستقل عن الآخر. وأما طبيعة هذه الأسعار فهي متغيرة بحسب الزمان والمكان، والجدول رقم 3 يعرض للقارئ الكريم ملخص أسعار الغاز الطبيعي في أمريكا وبريطانيا وكندا، ويبدو أن الأسعار في أمريكا الأعلى من بين هذه الدول وتتبعها كندا. وأيضا نستطيع ملاحظة أن أسعار الغاز الطبيعي قد قفزت مرتين في الماضي القريب، مرة عام 2000 والثانية عام 2005، حيث اقتربت أسعار الغاز من حاجز تسعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية في الولايات المتحدة.

[email protected]

الأكثر قراءة