ليت كل طلابنا «مصطفى»
“مصطفى” اسم رمزي للطالب المصري المجتهد والحريص على التعليم وتطوير قدراته والمتفوق دائما على أقرانه السعوديين.. وأي طالب مجتهد ومتعلق بالدراسة والتعليم يُسخر منه ويُطلق عليه هذا الاسم وأحيانا يكنى بـ “الدافور”.
تطلق النكات على مصطفى والسخرية من تعلقه بالدراسة وكأنه على خطأ وهم ــ أي الساخرون ــ على صواب، بينما ما يفترض هو العكس، فمصطفى هو من يجب أن يسخر منهم، وهم من يجعلونه قدوة.
لا ينقص الطالب السعودي الذكاء، ولكن ما الذي يمنعه من أن يكون كـ “مصطفى”؟ ما الذي يجعله يسخر منه ويطلق عليه النكات، هل هو يداري خيبته؟ وإن كان يداري الخيبة فعلا، فما الذي يمنعه من الاجتهاد رغم أن كل شيء مسخر له وكل سبل التفوق مهيأة له، لماذا يتصدر “مصطفى” غالبية لوحات الشرف في مدارسنا ويغيب عنها “مناحي” و”دحيم”..؟
بالأمس وفي حوار في “الاقتصادية” حمل الأمير الدكتور فيصل بن عبدالله المشاري رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم “قياس”، الأسرة والمجتمع مسؤولية تدني مستوى الطالب السعودي، وقال “لن ينجح تطوير التعليم ما لم يواكبه تغيير في نظرة المجتمع السعودي عنه، مستشهدا بتفوق الطالب الأجنبي في مدارسنا على نظيره السعودي بالرغم من أنهما يتلقيان التعليم نفسه الذي يتلقاه أبناؤنا، مشيرا إلى أن المسألة ليست مسألة قدرات أو اختلاف في تركيبة عقل الطرفين، بل يعود إلى نظرة ذويهم للتعليم.
الأمير الدكتور فيصل المشاري كان محقا في وصف الداء والدواء، فرغم أن كل رب أسرة يتمنى أن يكون كل أبنائه “مصطفى”، إلا أنه لا يعمل لذلك ولا ينمي في دواخلهم حب التعليم وغرس أهميته للشخص وللبلد أيضا، بل يزيد ويزرع فيه الاتكالية لدرجة أن الأب والأم أحيانا هم من يحلون الواجبات المدرسية عن أبنائهم، في حين أن الابن يمارس هوايته في لعب البلايستيشن ومشاهدة أفلام الكرتون.
لا نعمم ونقول إن كل الطلاب السعوديين مستوياتهم التعليمية متدنية، وإن كل الأسر لا تهتم بالتحصيل العلمي لأبنائها، بل هناك طلاب يشرفون ومتفوقون، وأصبح بعضهم مخترعين يشار لهم بالبنان، ولكن الغالبية العظمى من الطلاب والأسر بالفعل كما وصفهم فيصل المشاري “التعليم في آخر اهتماماتهم وغدا أمرا ثانويا في حياتهم”.
مصطفى ليس محلا للسخرية كما يتوهم البعض بل هو قدوة ويجب أن نغير تلك النظرة في دواخل طلابنا عنه، ويجب أن نزرع فيهم أن مصطفى هو الصح وهم الخطأ، ونطالبهم بالاقتداء به.. يكفي يا مناحي ويا دحيم سخرية منه فهو من يفترض أن يسخر منكم.