الهند تواجه مصاعب تطوير البنية التحتيّة
رئيس وزراء الهند الجديد، ناريندرا مودي، لا يُخفي رغبته في قيادة طفرة بنية تحتية على غرار الصين، مع بناء طرق سريعة، وقطارات سريعة و"مدن ذكية"، تعمل على تحفيز النمو الاقتصادي المتسارع.
لتحقيق هذه الطموحات، يجب على الهند أن تجاوز الفوضى التي تركها حكم حزب المؤتمر خلال العقد السابق، عندما تم تعطيل عديد من مشاريع البنية التحتية، أو حتى إلغائها، وسط معارك بشأن الأراضي والبيئة.
معظم شركات تطوير البنية التحتية التي تملك قدرة على تنفيذ مشاريع واسعة النطاق، تعاني ديونا كثيرة ولا تستطيع أن تلتزم بعمل جديد، في حين إن المصارف التي أقرضت القطاع، شهدت عدداً كبيراً من القروض التي أصبحت متعثرة. يقول راجيف لال، وهو رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة تمويل تنمية البنية التحتية القائمة في مومباي، التي تمول مشاريع البنية التحتية "لديك شركات تتمتع برفع مالي مفرط غير قادرة على سداد ديونها، كما لديك صورة طبق الأصل لمصارف أقرضت كثيرا من الأموال لمشاريع البنية التحتية، وهي تواجه صعوبة في استعادة ديونها: كلاهما يحتاج إلى الإصلاح إذا كانا سيستعيدان الرغبة لدعم المرحلة التالية من تطوير البنية التحتية".
من عام 2007 حتى العام الماضي، ووفقاً لبنك جيه بي مورجان، أقرضت المصارف الهندية وشركات التمويل المتخصصة شركات القطاع الخاص ما يُقدّر بـ 153 مليار دولار، وذلك لأجل مشاريع تطوير البنية التحتية، من ضمنها الطُرق والموانئ والطاقة والاتصالات والسكك الحديدية.
الخلافات الداخلية في حكومة حزب المؤتمر السابقة حول مزايا التصنيع السريع مقابل حماية أساليب الحياة الزراعية التقليدية، أدت إلى عرقلة وتعطيل كثير من المشاريع.
مع توقّف العمل، أدى ارتفاع معدل التضخم وانخفاض قيمة الروبية إلى زيادات في تكاليف المواد الخام، كما زادت الضغوط على الميزانيات العمومية للشركات.
في استطلاعها الاقتصادي الأخير، قدّرت الحكومة أن نحو 239 مشروعاً كبيراً للبنية التحيتة كان من المفترض أن يكون إجمالي تكلفتها في الأساس 123 مليار دولار، ستصبح الآن نحو 150 مليار دولار - أي بزيادة نحو 21 في المائة.
اعتباراً من شباط (فبراير)، لم يتم سوى 46 في المائة من إجمالي الاستثمارات الضرورية لإنهاء هذه المشاريع - وجميعها يرتبط بوكالات حكومية مركزية مختلفة. هناك نحو 100 مشروع منها قد تأخر لمدة ترواح بين شهر وعامين.
كذلك فإن الشركات التي تمكنت من إنهاء المشاريع تضررت من التباطؤ الاقتصادي في الهند، في حين إن مشاريع الطاقة كانت تعاني بسبب نقص الفحم.
يقول جاهانجير عزيز، كبير الاقتصاديين في بنك جيه بي مورجان، عن شركات إنشاء البنية التحتية في الهند "إنه تم حساب تكاليف وأسعار خططهم التوسّعية، والمشاريع التي تعهدوا بها، على افتراض أن الاقتصاد سينمو في الهند بنسبة 8 إلى 9 في المائة، والتضخم سيكون بنسبة 4 إلى 5 في المائة وأن الروبية ستكون 45 مقابل الدولار".
بدلاً من ذلك، انخفض النمو - إلى أقل من 5 في المائة خلال العامين السابقين؛ وكان متوسط معدل التضخم السنوي 10 في المائة منذ عام 2009، كما انخفضت الروبية العام الماضي إلى نحو 69 مقابل الدولار، قبل أن تتعافى إلى نحو 60 روبية.
وفقاً للبنك الاحتياطي الهندي - البنك المركزي - أعادت المصارف الهندية جدولة ديون بقيمة 22 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية والبناء والحديد والصُلب التي تمت إعادة هيكلتها بالفعل، بسبب عدم قدرة المُقترضين السابقة على سدادها.
نحو 20 في المائة من قروض النظام المصرفي الهندي المتعثرة - أو 8.5 مليار دولار أخرى - تدين بها أيضاً شركات البنية التحية، وذلك وفقاً لبنك الاحتياطي الهندي "المركزي"، حيث يبلغ إجمالي ديون المصارف الهندية نحو 980 مليار دولار.
معالجة هذا الأمر ستتطلب العمل على جبهات متعددة.
بعض الشركات الكبيرة مثل مجموعة ريلاينس للاتصالات برئاسة أنيل أمباني استفادت من التفاؤل المتجدد حول الهند لجمع الأموال لتعزيز ميزانياتها العمومية، ومن المرجح أن تحذو شركات أخرى حذوها.
يقول لال "إن شركات تطوير البنية التحتية قد تكون قادرة على تغيير الهيكلة المالية من خلال أسواق الأسهم الخاصة، إذا بقي المستثمرون متفائلين بأن حكومة مودي بإمكانها تجنّب المشاكل التي أوقفت تطوير البنية التحتية في الماضي".
إدارة مودي، على الرغم من مجال المناورة المالية المحدود، تحاول فرض نفوذها على مشاريع البنية التحتية مع عمليات الإنفاق الخاصة بها، لا سيما في مجال الطُرق، حيث خصصت 6.3 مليار دولار لمدة 12 شهراً في نهاية آذار (مارس) 2014، وتعرض خطط لزيادتها أكثر من ذلك.
كما تحاول الحكومة أيضاً فتح مصادر رأس المال طويل الأجل، مع تدابير ضريبية لتخفيض تكاليف الوصول لأسواق السندات العالمية، وتشجيع الاستثمار الداخل من خلال صناديق الاستثمار في البنية التحتية.
بنك الاحتياطي الهندي أصدر قوانين جديدة أيضاً هذا الأسبوع لتشجيع المصارف الهندية على إصدار سندات طويلة الأجل، بالعملة المحلية للبنية التحتية.
يقول عزيز "إن إمكانية النمو الحقيقي للقطاع يمكن أن تنطلق عندما يكون النظام المصرفي الهندي قوياً بما فيه الكفاية، لاستيعاب الخسائر الناجمة عن الديون المتعثرة، التي لا يمكن قط رجاء التعافي منها".