الصناعة النفطية .. بحث دؤوب عن زيادة الإنتاج لمقابلة زيادة الطلب

الصناعة النفطية .. بحث دؤوب عن زيادة الإنتاج لمقابلة زيادة الطلب

تواجه الصناعة النفطية تحديات هائلة لكن سجلها عبر التاريخ الممتد لنحو قرن ونصف من الزمان يجعلها في وضع أقدر على الاستجابة. جاء هذا في خطاب لريكس تيلرسون رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة إكسون موبيل، أضخم شركة نفط تتداول أسهمها في العالم.
وقال تيلرسون، الذي كان يتحدث في منتدى لرابطة كامبريدج لأبحاث الطاقة عقد في تكساس أخيرا، إنه رغم عظم التحديات التي تواجه الصناعة النفطية، إلا أنه يشعر بالتفاؤل، لأنها توفر فرصا أكبر يمكن اقتناصها والاستمرار في توفير الإمدادات اللازمة من الطاقة التي يحتاج إليها العالم، وهو ما يتطلب بداية تفهم بعض الحقائق الأساسية التي ترسم مسيرة الصناعة النفطية، وأنه من الضروري أن يشترك الجمهور وصناع القرار في هذه المفاهيم.
وأوضح أن الصناعة النفطية لها سجل ممتاز من الإنجازات يمكنها أن تفخر به، خاصة وهي عملت في ظل أزمات متكررة وصراعات إقليمية وتقلبات في الطقس، لكن ثباتها وشبكتها التوزيعية العاملة والتجديد المستمر مكّن الصناعة من مقابلة هذه التحديات. فعبر التاريخ قامت بتسهيل عمليات التنمية الاقتصادية من خلال توفير الطاقة اللازمة وضخ الاستثمارات والتجديد التقني عبر الترابط مع نظام السوق الحر، الأمر الذي مكن في النهاية من توفير منتجات عالية القيمة عبر قرن من الزمان، مضيفا أن صناعة النفط والغاز لعبت دورا في توفير العديد من المنتجات التي تحدد ملامح الحياة الحديثة من المواصلات، إلى البلاستيك، ألعاب الأطفال، وإلى حد كبير يمكن اعتبار التقدم الإنساني مشابها للتقدم الذي حققته الصناعة عبر مسيرة القرن من تاريخها.
وأضاف تيلرسون أن الصناعة استمرت في توفير الاستثمارات اللازمة وتوظيفها للتوسع في الإنتاج ومقابلة الاحتياجات المتزايدة للسوق. فشركة "إكسون موبيل" وحدها استثمرت خلال السنوات الخمس الماضية 82 مليار دولار في ستة أقطار مختلفة للبحث عن إمدادات جديدة وبناء مرافق حديثة وتوسيع للطاقة التكريرية ووضع تقنيات صديقة للبيئة موضع التطبيق. وبين عامي 1991 و2005 استثمرت "إكسون" مبلغ 210 مليارات دولار، أو ما يماثل نصف قيمتها السوقية.
ومن العلامات البارزة في هذا الصدد، التوسع في ميدان التنقيب عن النفط في المياه العميقة. ففي عقد الستينيات تم حفر أول بئر في المناطق المغمورة على عمق مئات من الأقدام، بينما اليوم يتم الحفر على عمق عشرة آلاف قدم، الأمر الذي يفتح الباب للوصول إلى مكامن نفطية وغازية جديدة. وأضاف أنه بالنسبة لـ "إكسون" فإن الإمدادات من المياه العميقة ستمثل عام 2010 نحو 15 في المائة من إنتاجها.
وبالنسبة للتحديات التي تواجه الصناعة ولا تحظى بكثير فهم، فعلى رأسها أنها تعمل وفق إطار زمني طويل. ففي الوقت الذي يتحرك فيه الساسة وفق دورة انتخابية مثلا لفترة عامين، أو ستة، فإن الصناعة النفطية تتحرك عبر عقود من الزمان، وعدم فهم هذه الحقيقة يؤدي إلى انعكاسات سلبية. وضرب مثلا مشروع سخالين الروسي الذي استغرق نحو ثلاثة أرباع القرن من بداية اكتشافه حتى تدفق النفط منه إلى الأسواق.
وأوضح تيلرسون أن الصناعة تستجيب إلى احتياجات السوق من خلال المؤشرات البعيدة الأمد، وعلى رأس هذه وضع الطلب العالمي على الطاقة الذي يتوقع له أن يزيد بنسبة 40 في المائة عام 2030 مما كان عليه الوضع العام الماضي ليصل إلى 325 برميل نفط مكافئ. ومع أن تشكيلة متباينة من أنواع الطاقة المختلفة ستسهم في توفير الإمدادات المطلوبة، إلا أن الطاقة الأحفورية ستظل هي الأساس خلال فترة ربع القرن المقبل وما بعده، وعليه فالتخطيط المستقبلي ينبغي أن يقوم على هذه الحقيقة.
ومن التحديات التي ستواجه الصناعة، كما يقول تيلرسون، حجم الاستثمارات الضخمة التي ينبغي توافرها وتصل إلى ثمانية تريليونات دولار بين عامي 2005 و 2030 لتطوير مصادر جديدة للطاقة أو للتعويض عن التراجع في الإنتاج في بعض الحقول أو لمقابلة الزيادة في الطلب خاصة في الدول النامية التي يتوقع أن تستوعب ثلثي الاستثمارات الجديدة.
ويتناول تيلرسون نظرية ذروة النفط بصورة غير مباشرة بالقول إن نتائج المسح الجيولوجي المتوافرة تشير إلى وجود ثلاثة تريليونات برميل من النفط التقليدي يضاف إلى تريليون آخر من النفط الثقيل والصخري وغيره، وهو ما يرفع الإجمالي إلى أربعة تريليونات برميل، علما أن البشرية استخدمت عبر التاريخ وحتى الآن نحو تريليون برميل فقط، الأمر الذي يجعل المستقبل يبدو واعدا فيما يتعلق بتوافر المخزون ومن ثم الإمدادات.

الأكثر قراءة