رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تناقضات عصرية

في الماضي كان هناك هاتف وحيد في المنزل يستخدمه جميع أفراد الأسرة، ورغم ذلك كان التواصل الأسري والاجتماعي والسؤال اليومي عن الأهل والأقارب والجيران لا ينقطع من خلاله، واليوم كل فرد من الأسرة في يده هاتف جوال حتى أطفال الابتدائي، ورغم ذلك أصبح التواصل الأسري والسؤال عن الأقارب والجيران نادرا إلا في المناسبات والأعياد وحالات المرض والحوادث!
في الماضي كان الزواج تقليديا، فالرجل لا يرى زوجته إلا "ليلة الدخلة"، ورغم ذلك يتقبلها وتتقبله وتصبر عليه ويصبر عليها ومشكلاتهما لا تخرج للأهل والأقارب، رغم أنهما في الأغلب يعيشان في منزل أهل الزوج، واليوم يراها وتراه وتحدثه ويحدثها الساعات الطوال على الهاتف، وفي الخطوبة يقيمان حفل "شبكة" فخما يتم التحضير قبله بأيام وليال وتضع صور حفلتها في "الإنستاجرام" وتتفاخر بالفندق والبوفيه وخاتم الخطوبة، ويختاران بيت الزوجية معا ويؤثثانه معا ويحددان موعد الزواج ورحلة شهر العسل معا، وبعد شهور من الزواج تصرخ: هو ليس فارس أحلامي الذي تمنيته، ويصرخ: هي ليست فتاة أحلامي التي تمنيتها.
في الماضي كانت أغلبية البيوت ضيقة وصغيرة ولا يوجد فيها سوى "مجلس الرجال" للضيوف و"غرفة الحريم" للضيفات ورغم ذلك كانت الزيارات و"المسايير" من دون مواعيد مسبقة لا تنقطع ولم يكن هناك تكلف، فيكفي صحن "قدوع" مع القهوة وصحن "فصفص" وكليجا مع الشاي، واليوم المنازل واسعة وفسيحة وعلى أحدث طراز وديكور، فهناك مجلس رسمي للرجال ومجلس صغير "مودرن" ومقلط وملحق خارجي، ومجلس كلاسيكي للنساء وصالة استقبال، إضافة إلى وجود خادمة على الأقل، ورغم ذلك الضيف يجب أن يحجز للزيارة قبلها بوقت كاف، وإن كان محظوظا تم استقباله في المنزل وإلا فإن العادة الآن أن تكون "المسايير" بالكافيهات والمطاعم والمولات والاستراحات، طبعا مع التكلف الشديد بالضيافة لأن نفوس بعض الضيوف الآن لم تعد تحسن الظن كثيرا!
في الماضي لم يكن الناس يعرفون القنوات الفضائية ولا شاشات البلازما الكبيرة، ورغم ذلك كان أفراد العائلة يتحلقون بدفء وحميمية أمام تلفزيون بالكاد ألوانه واضحة لا يبث سوى قناة واحدة، واليوم في كل "ربعة" في المنزل هناك شاشة بلازما ضخمة ومئات القنوات، لكن ــ مع الأسف ــ بلا دفء بلا حميمية بلا إحساس بجمال العائلة الواحدة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي