رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما زلنا في انتظار النظام الموحد للإعلام السعودي

يحتكم الإعلام السعودي إلى أربعة أنظمة بعضها صدر في عام 1937، وما زالت هذه الأنظمة قيد التطبيق رغم أن الإعلام السعودي تقدم كثيراً ولم تعد هذه الأنظمة تتلاءم مع المستوى الذي بلغه الإعلام.
والنظم الأربعة التي تحكم الإعلام السعودي هي: نظام المطبوعات والنشر، ونظام المؤسسات الصحفية، ونظام حقوق الملكية الفكرية، والسياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية.
وحينما نقرأ هذه النظم نشعر بأنها تقع في جزر منعزلة عن واقع الإعلام السعودي الذي بلغ شأواً كبيراً من التألق والازدهار في جميع نواحيه المهنية والفنية والإدارية.
وما يتداوله الإعلاميون من أخبار في هذه الأيام هو أن المقام السامي طلب من وزارة الثقافة والإعلام تحديث أنظمة الإعلام القائمة والإتيان بنظام يتناغم مع الإعلام السعودي الجديد، ويستشرف مستقبله الواعد، كما أن مجلس الشورى من ناحيته يتطلع إلى مشروع موحد للإعلام السعودي الجديد، وهو نظام نرجو أن يلعب أدواراً تتناسب مع ما وصلت إليه المملكة من مكانة رفيعة في المجتمع الدولي.
إن الأنظمة التي تنظم الإعلام السعودي هي أربعة أولها نظام المطبوعات والنشر وهو الأب الشرعي لجميع الأنظمة التي صدرت لتقنين وتنظيم الإعلام السعودي، وصدر هذا النظام في عام 1937م، وتم تجديده مرات عديدة في محاولات لمواكبة التطورات في الإعلام المحلي والإقليمي.
وفحوى هذا النظام أن كل ما هو قابل للنشر والإعلام يقع تحت طائلة رقابة وزارة الثقافة والإعلام، وينص النظام على سلسلة من الخطوط الحمراء تقابلها سلسلة من العقوبات لكل من يتجاوز حدود المواد الواجب احترامها.
وكانت الصحف تقع تحت طائلة هذا النظام حتى عام 1963م حينما صدر نظام المؤسسات الأهلية الصحفية، وهذا النظام نقل الصحف من الملكية الفردية (صحافة الأفراد) إلى الملكية الجماعية (صحافة المؤسسات الصحفية)، وهكذا أصبح نظام المؤسسات الصحفية هو الذي يحكم وينظم الصحافة ابتداء من تشكيل المؤسسات الصحفية وحتى إصدارها للصحف التي تأسست من أجل إصدارها.
وحينما صدر نظام المؤسسات الصحفية كانت المملكة تتعرض لهجوم ظالم وشرس من الإعلام الاشتراكي والشيوعي، ولم تكن صحافة الأفراد مؤهلة للدفاع عن الوطن ومكتسباته، فكان لابد من نقلة في الصحافة السعودية كي ترتفع إلى مستوى الدفاع عن القضايا الوطنية العادلة الكبرى.
ولكن ظل نظام المطبوعات والنشر يطل على الصحفيين بين لحظة وأخرى ويقوم بوظيفة الرقابة وتشديد العقوبات ضد الصحفيين المخالفين لنص وروح النظام.
وهكذا فإن نظام المؤسسات الأهلية الصحفية هو النظام الثاني الذي تقع الصحافة في معيته وتحت مظلته وسطوته، وهذا النظام هو الذي أحدث أول تغيير في البنى التحتية للصحافة السعودية، وهو الذي سحب امتيازات الصحف من الأفراد وأعطى حق الملكية لمجموعة من المالكين، وهو أول نظام مستقل يصدر من أجل ترتيب أوضاع الصحافة والصحفيين، وكان الهدف من إصدار نظام مستقل عن الصحافة هو استبعاد شخصنة الصحافة ومنع الأفراد من استخدام الصحافة لتحقيق المآرب الشخصية، كذلك كان النظام يهدف إلى تطوير الصحافة كي ترتفع إلى المستوى الذي يمكنها من الدفاع عن الوطن وتطلعاته الكبرى.
وواضح أن نظام المؤسسات الصحفية الأهلية حينما صدر في عام 1963م كان مناسباً للستينيات الميلادية، ولكنه قطعاً لم يكن مناسباً للقرن الحادي والعشرين، وحتى يعبر النظام عن مرحلة الثورة التكنولوجية الجديدة فإننا نحتاج إلى تغيير جذري في هذا النظام وفي غيره من أنظمة الإعلام.
إن نظام المؤسسات الصحفية صدر من أجل أن يعالج شؤون وشجون الصحافة الورقية، ولكن ونحن في القرن الحادي والعشرين في مواجهة ثورة في المعلومات وثورة أكبر في تكنولوجيا النشر، وواضح إن الصحافة تتجه من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية، وواضح أكثر من ذلك أن الإعلام الجديد أو ما يسمى بإعلام التواصل الاجتماعي يتقدم نحو المجتمع في كل أنحاء العالم لينقل الواقعة الخبرية الفورية بالصوت والصورة.
لنقل مرة أخرى: إن عصر الصحافة الورقية قد ولّى وأفل، ونحن الآن نعيش في عصر نجومية الصحافة الإلكترونية، وإعلام الفضائيات والإنترنت والسماوات المفتوحة.
إذًا: أنظمة الإعلام اعتباراً من نظام المطبوعات والنشر، ونظام المؤسسات الصحفية ونظام حقوق الملكية الفكرية، والسياسة الإعلامية أصبحت تاريخاً، وصحفنا اليوم تغرد خارج سرب هذه الأنظمة، أي أن مطارات هذه الأنظمة لم تعد صالحة لهبوط وإقلاع إعلام من وزن طائراتF-18، ويكفينا القول إن نظام المؤسسات الصحفية صدر لتنظيم أركان الصحافة الورقية في عصرها اليدوي، أما صحافة اليوم فقد أصبحت صحافة إلكترونية لا يناسبها إلا نظام يراعي ثورة إلكترونية جبارة تواصلت وترددت أصداؤها في كل أنحاء العالم.
والخلاصة، الإعلام السعودي في أمس الحاجة إلى نظام إعلامي عصري موحد يعبر عن روح العصر، وأهم ما يجب أن نهتم به في النظام الموحد الجديد هو رفع سقف حرية التعبير، لأن طبيعة الإعلام الجديد ألغت -بتقنياته المذهلة- كل القيود المفروضة وهماً على الإعلام، وأصبح الإعلام يجوب كل أجواز الفضاء دون رقابة معيقة أو مكبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي