«طُرفة» زيارة السفير الماليزي

بعض الأخبار التي تنشرها الصحف المحلية حتى وإن كانت رسمية وصيغت بطريقة جادة، وغُلفت بحدة في "النبرة"، إلا أن الابتسامة لا بد أن تكون حاضرة عند قراءتها، ولو رغبت في الإفراط في الضحك "حد الاستلقاء على ظهرك" فلن يلومك أحد.
ومن تلك الأخبار المضحكة التي لا يمكن التعامل معها إلا كـ "طرفة" غير مقصودة، هو خبر استقبال الدكتور شويش بن سعود الضويحي وزير الإسكان السعودي في مكتبه بمقر الوزارة الثلاثاء الماضي سيد عمر السقاف السفير الماليزي لدى المملكة، ولم تكن الطرفة في الاستقبال، بل في ما نشر حول الغاية منه؛ ألا وهي رغبة السفير في الاطلاع على مشاريع وزارة الإسكان الحالية والمستقبلية، والتعرّف على تجربة السعودية في المجال الإسكاني.
لا أدري عن أي مشاريع يمكن أن يطلع عليها الضيف، أو عن أي خطط إسكانية سعودية يمكن لماليزيا الاستفادة منها! هل هناك منتج واحد جاهز يمكن أن يطلع عليه السفير الماليزي؟ هل سلمت وزارة الإسكان وحدة سكنية واحدة يمكن أن تكون "أنموذج" تبني عليه ماليزيا خططها المستقبلية؟!
هل كان السفير الماليزي وهو يسعى للاستفادة من التجربة السعودية في مجال الإسكان يعلم أن "الوزارة" تسلمت من الحكومة السعودية 250 مليون ريال منذ عام 2011 لتوفير 500 ألف وحدة سكنية لم تسلم منها مسكنا واحدا؟ هل كان السفير الماليزي يعلم وهو يزور الرجل الأول المسؤول عن توفير المساكن للسعوديين أن نسبة تملكهم للمساكن لا تتجاوز 30 في المائة كأقل معدلات التملك في العالم، وأن 70 في المائة من السعوديين بلا مسكن ملك وأنهم يعانون ارتفاعا "مسعورا" لأسعار الإيجارات، وأن الوزير الذي أمامه لم يجد حلا واحدا يوقف فيه ارتفاع الأسعار؟!
أي تجربة جاء السفير الماليزي ليطلع عليها يا من صغت الخبر ووزعته على الصحف التي بدورها لم تتعامل معه إلا بـ "القص واللزق"، أي خطط جاء الضيف الماليزي ليطلع عليها؟
لا يمكن التعامل مع الخبر بجدية إلا عندما يكشف الضيف الماليزي أنه قدم إلى مكتب الوزير للاطلاع على التجارب الفاشلة، وتزويد بلاده بها كي تتجنبها، فالفشل الذريع لوزارة الإسكان على مدى السنوات الماضية منذ أن كانت هيئة مرورا بتحويلها لوزارة يعد "تجربة" يمكن الاطلاع عليها من أجل عدم الوقوع فيها، فمن خلال تجارب الفاشلين يمكن أن تبنى خطط النجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي