جامعة جدة .. جوهرة في عقل جدة
ونحن على طريق مجتمع المعرفة فإن التعليم يعتبر العدة والعتاد الذي يأخذنا إلى مجتمع المعرفة، وبعد التعليم تأتي المعلومات التي تعتبر الأرض الخصبة التي تقوم عليها عمليات الابتكار والإبداع.
ولقد كان التعليم في شباط (فبراير) 2014 على موعد مع ولادة ثلاث جامعات جديدة حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمراً ملكياً بتحويل مجموعة من الكليات في ثلاث مناطق من مناطق المملكة إلى ثلاث جامعات أولها جامعة جدة.
والواقع أن خادم الحرمين الشريفين بدأ رحلة بناء مجتمع المعرفة السعودي حينما أطلق مشروع الابتعاث إلى الجامعات في الدول المتقدمة، ثم عزز مشاريعه على طريق مجتمع المعرفة السعودي في عام 2011 حينما أمر بتشكيل لجنة يرأسها وزير الاقتصاد والتخطيط ويشترك في عضويتها رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ورئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة المتجددة، وثلة من مديري الجامعات السعودية.
وأساس عمل هذه اللجنة هو وضع خطة استراتيجية لتحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي بحلول عام 2020.
وآخر التصريحات التي أدلى بها رئيس اللجنة الدكتور محمد الجاسر هو أن اللجنة على وشك الانتهاء من الخطة الاستراتيجية لمجتمع المعرفة السعودي، وستكون البداية مع انطلاقة خطة التنمية العاشرة 2015/2020.
إذن جامعة جدة تعتبر الجامعة (4) في المدينة الفسفورية، جدة الجوهرة اللامعة بالطموح والابتكار والإبداع، وإجمالاً فإن الموقع العام لجامعة جدة يقع على مساحة خمسة ملايين وأربعمائة ألف متر مربع تمثل المساحة الإجمالية للجامعة، ويبلغ طول السور الخارجي مسبق الصنع 5400م طولي وسور الشبك 7847م طولي.
وهذا يعني أن منشآت جامعة جدة سوف تقوم على مساحة تمكنها من تحقيق طموحاتها المستقبلية.
وتشير خطط بناء جامعة جدة إلى أن المشاريع الجاري تنفيذها هي مبنى للإدارة العليا ويحتوي على مكتب مدير الجامعة وقاعتين للاجتماعات وقاعة خاصة بالمؤتمرات تحتوي على نظام توزيع الصوت والصورة داخل القاعة وخارجها إضافة إلى مكاتب خاصة بوكلاء الكليات والإداريين التابعين لهم، ويقع المشروع على مساحة 5.640م2، كذلك مبنى الإدارة العامة ويحتوي على مكاتب إدارية للموظفين وغرف اجتماعات ومسجد، ويقع المشروع على مساحة 5.640م2 وهو حاليا جاهز للتشغيل، وفي الشق الآخر من الحرم الجامعي يجرى تنفيذ مشروع كلية العلوم والمعامل التابعة لها، كذلك يحتوي المشروع على ملعب كبير لكرة قدم.
وفي ظل الطموحات المتواكبة، فإن مشاريع المستقبل لن تتوقف، بل سوف تستمر حتى تحقيق الأهداف المتوخاة.
وما يبعث على الارتياح أن جامعة جدة انتهت من مراحل التأسيس ودخلت في طور الأداء والتطوير، وهناك العديد من الكليات التي بدأت في تخريج الكوادر التي يتعطش إليها سوق العمل، ونذكر على سبيل المثال مبنى كلية الهندسة ويتكون من 60 فصلا دراسيا بطاقة 1970 طالبا، ويتكون المشروع من عدة معامل منها معمل الإنشاءات والهيدروليك ومعمل الضغط العالي ومعمل للورش ومعمل الديناميكا.
إن الطاقة الاستيعابية للجامعة ستصل إلى 60 ألف طالب كما هو مخطط لها، وسيكون عدد الكليات الجامعية 28 كلية للطلاب والطالبات، إضافة إلى مستشفى جامعي وسكن لأعضاء هيئة التدريس والطلاب والطالبات ومدينة رياضية وفندق وناد للفروسية، كذلك يحتوي المشروع على 36 معملا ومسرحا طلابيا (قاعة مؤتمرات مصغرة) تتسع لـ 250 طالبا وهو مؤلف من ثلاثة طوابق بمساحة 28.400م2.
إن جامعة جدة ستكون رافدا معرفيا مهما وسيشكل هذا القرار بإنشاء الجامعة نقلة نوعية كبيرة لسكان جدة والمناطق القريبة منها.
إننا لا نذيع سراً إذا قلنا إن اقتصاد جدة يشكو من مخرجات التعليم، حيث تتسابق الكليات إلى تخريج الكوادر ذات التخصصات التي لا يطلبها ولا يقبلها سوق العمل، ولذلك فإن جدة تتوجع من أمراض البطالة ومن تكدس العمالة الأجنبية.
وإذا كانت جدة تشكو من عدم تناغم مخرجات التعليم مع احتياجاتها، فإننا نتمنى على المسؤولين في جامعة جدة أن يعمدوا إلى فتح كليات ذات تخصصات مطلوبة في سوق العمل الجداوي خاصة وسوق العمل السعودي عامة.
ومسألة كليات لا يخطبها سوق العمل مسألة مرفوضة وغير مقبولة الآن، والصحيح أن الجامعات تؤسس لتخريج المواهب ذوي المهارات، وإذا سلمنا بأهم المسؤوليات التي تضطلع بها الجامعات، فإن افتتاح كليات تتناغم مع ما يطلبه سوق العمل هو الهدف الرئيس من التعليم الجامعي، لأن التعليم الجامعي لم يعد مجرد صيت وسمعة، بل الجامعات هي الجهة الحكومية المسؤولة عن توفير الكوادر الوطنية المتخصصة، ولا يمكن أن تنجح خطط وبرامج التنمية إلا إذا تأسست الجامعات على أساس تخريج الكوادر ذات التخصصات والمهارات العالية والمطلوبة في السوق المحلي.
إن أهم ما يجب أن تهتم به جامعة جدة هو تخريج طلاب في الآثار، وفي السياحة، وفي الحاسبات، وفي الاستثمار، وفي اللغات الشرقية، وبالذات اللغات الصينية واليابانية والكورية، وهي تخصصات لم تفطن لها جامعاتنا رغم أن الدولة تتجه بكل ثقلها نحو تنمية مورد السياحة انطلاقاً من أن أراضي المملكة العربية السعودية هي الأراضي التي شهدت قيام الحضارات القديمة وآخرها وأهمها الحضارة الإسلامية التي شع نورها من بطاح مكة المكرمة ومن مهاد المدينة المنورة وسائر الأراضي المقدسة التي شهدت بزوغ الدين الإسلامي الأعظم.
إذن نحن نبرك على كنز من الآثار التي تحتاج إلى مشاريع وبرامج استثمارية هائلة، ولذلك فإن التعليم هو حجر الأساس في استثمار هذه الكنوز من الآثار الجليلة والفريدة.
وعلى جامعة جدة مثلها مثل أمها جامعة الملك عبد العزيز دور مهم في تزويد سوق العمل بالكوادر المعرفية ذات الحلول غير التقليدية حتى تستمر عجلة التنمية المستدامة في تنفيذ برامجها ومشاريعها.