ضعف الشفافية يحجب استثمارات أجنبية بـ 5 مليارات درهم من سوق الأسهم الإماراتية
كشف مسؤول حكومي إماراتي رفيع المستوي عن هروب استثمارات أجنبية من أسواق الأسهم الإماراتية تقدر قيمتها بنحو خمسة مليارات درهم بدءا من كانون الأول (ديسمبر) الماضي وحتى الآن بسبب ضعف مبادئ الشفافية والإفصاح وأنظمة الرقابة والتشريعات.
ورفض الدكتور حبيب الملا رئيس سلطة دبي للخدمات المالية الجهة الرقابية على أنشطة مركز دبي المالي العالمي الكشف عن أسماء وهوية من سماهم "مستثمرين مؤسساتيين كبارا" دخلوا الأسواق قرب نهاية العام الماضي وساهموا في دعمها، حيث سجلت الأسعار تحسنا ملموسا غير أنهم سرعان ما قاموا بتسييل محافظهم الاستثمارية بعدما اكتشفوا غياب مبادئ الشفافية والإفصاح وضعف الرقابة على الأسواق.
ولا تكشف جهات الرقابة في الأسواق عن هوية المتعاملين سواء كانوا محليين أو أجانب عند البيع أو الشراء إلا أن هناك إشارات على السنة المحللين الماليين إلى أسماء مستثمرين عالميين مثل سورس دخلوا أسواق الإمارات في الفترة الأخيرة من خلال صناديق استثمار دولية معروفة, وساهمت مشترياتهم في دعم الأسواق خلال أشهر تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) الماضية وتسببوا خلال الفترة الأخيرة نتيجة عمليات تسييل ضخمة في تراجع الأسواق بمعدلات كبيرة.
وفقدت أسواق المال في الإمارات 40 مليار درهم من قيمتها السوقية على مدى أسبوعين من التداولات من جراء الهبوط الحاد الذي بدد كامل المكاسب التي تحققت منذ بداية العام الجاري وحتى 11 آذار (مارس) إقرار توزيعات أرباح شركة إعمار العقارية التي تسببت في دخول الأسواق في مسلسل الهبوط المتواصل, وسجلت حصة المستثمرين الأجانب ارتفاعا غير مسبوق وصل إلى 60 في المائة من إجمالي تعاملات سوق دبي يوم الخميس الماضي البالغة 1.2 مليار درهم ونصف إجمالي تعاملات أول أمس الأحد،
وأكد الملا الذي يتولى الدفاع عن قضايا هيئة الأوراق المالية والسلع بصفته محاميا لها ردا على سؤال لـ"الاقتصادية" عقب كلمته أمام قمة الاكتتابات الأولية التي انطلقت أعمالها أمس في دبي أن التشريعات الحاكمة لأسواق المال في الإمارات ضعيفة, وتحتاج إلى تطوير وكذلك الحال بالنسبة لأنظمة الرقابة ومبادئ الحوكمة، مضيفا أنه حسب دراسة البنك الدولي فإن سوق الإمارات أقل أسواق العالم من حيث درجات الإفصاح والحوكمة ومقاضاة الشركات، فقد حصلت على 4 في المائة في حين أن الحد الأدنى 6 في المائة وهو ما يعني أن المستثمر لا يحس بالأمان عند الاستثمار في سوق الإمارات،
وأرجع الهبوط الحاد الذي شهدته الأسواق الأسبوعين الماضيين إلى استمرار هروب الاستثمارات الأجنبية، داعيا إلى تعديلات جذرية على القوانين والتشريعات واعتماد معايير دولية تحكم الشفافية والإفصاح وتطبيقها على جميع الشركات وليس بطريقة انتقائية كما دعا السلطات وكافة الأطراف العاملة في الأسواق للتعاون لزيادة ثقة المستثمرين في المنطقة، قائلاً: "إنهم بحاجة لتبني أعلى المعايير التنظيمية والتفوق عليها كلما سنحت الفرصة لذلك لتحسين مبدأ الشفافية، وتعزيز الإفصاح والحوكمة الرشيدة".
ومن المتوقع أن تثير تصريحات الملا جدلا في الإمارات التي يؤكد مسؤولوها على اقتصادها يتسم بالمرونة وبأعلى درجات التحرر وتطبيق مبادئ الشفافية والإفصاح وهو ما ساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
ووصف الدكتور الملا سلطة دبي للخدمات المالية بالجهة التنظيمية والرقابية القوية التي ينصب اهتمامها بالدرجة الأولى على "الثقة والحماية"، حيث قال في هذا الصدد: "تعد ثقة المستثمرين أحد المكونات الأساسية لأي سوق مالية سليمة، ويستتبع ذلك الحاجة لضمان حماية أولئك المستثمرين. فهناك العديد من الأسواق التي تتكلم كثيراً حول حماية المستثمرين، إلا أن ذلك لم يصل بعد إلى مرحلة الأداء الفعلي وأصبحت الهوة تتزايد عند المقارنة مع أفضل الممارسات التي تتبناها المراكز المالية الرئيسية
وتوقع د. هنري عزام الرئيس التنفيذي لشركة أموال إنفست في كلمته أمام القمة استمرار حالة التذبذب في أسواق المال في المنطقة عادا ذلك حالة طبيعية لا تختلف عن التجربة التي مرت بها أسواق المال العالمية مستبعدا عودة الأسواق إلي طبيعتها خلال فترة قريبة.
وقال لـ "الاقتصادية " إن عملية إعادة الثقة للمستثمرين بعد انفجار الفقاعة يستغرق وقتا طويلا, وبعد 4 سنوات من انفجار الفقاعة في السوق الأمريكية لم تستعد السوق طبيعتها حتى الآن غير أنه قال إن غالبية أسواق المنطقة وصلت بالفعل إلى القاع, وستظل بين ارتفاع وهبوط لفترة حتى يتأكد المستثمرون من أن ربحية الشركات في تحسن بعدما شهدت تراجعا في معدلات نموها في الفترة الماضية.
وأوضح أن الاكتتابات العامة لم تعد بنفس درجات الزخم التي كانت عليها قبل عام بسبب ظروف التراجع في الأسواق كما لن تعد معدلات تغطية الشركات الجديدة بمعدلات التغطية نفسها التي كنا نشاهدها في السابق وهو ما لوحظ في 8 اكتتابات جديدة طرحت في السوقين السعودية والإماراتية.