سرقات بطاقات الائتمان تكبّد البريطانيين 59 مليون استرليني
هل تخطط لزيارة لندن هذا العام؟ هل ستستخدم بطاقة الصراف الآلي والبطاقة الائتمانية لسحب أموال أو دفع قيمة مشترياتك؟ هل تنوي القيام بالتبضع عبر مواقع الشبكة العنكبوتية خلال تواجدك في لندن؟ إذا كنت ستفعل فكن حذرا إذا.
هذه باختصار الرسالة الأهم بعدما كشفت السلطات البريطانية عن أن عمليات النصب والاحتيال عن طريق بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية المسروقة وصل لأعلى مستوى له منذ عام 2006، حيث تشير البيانات إلى أن نسبة الزيادة في عمليات الاحتيال والنصب عن طريق بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية زاد بنسبة 7 في المائة العام الماضي مقارنة بعام 2012، بينما بلغت القيمة الإجمالية للأموال المسروقة 58.9 مليون استرليني.
إلا أن هذا الرقم يقفز إلى حدود 450.4 مليون استرليني إذا تم تضمين جرائم مثل سرقة بطاقات الهوية، والبطاقات المستنسخة، وفيروسات الكومبيوتر، وشراء سلع وخدمات من مواقع إنترنت مزيفة، فقد زادت نسبة هذه الجرائم في المملكة المتحدة بما يعادل 16 في المائة في العام الماضي مقارنة بالعام الذي سبقه، أما الخسائر المالية الناجمة عما يعرف بإتمام المعاملات البنكية عن طريق الإنترنت فقد بلغت العام الماضي نحو 41 مليون استرليني بزيادة قدرت بـ 3 في المائة.
وحول المخاطر الاقتصادية لتنامي هذا النوع من الجرائم تعلق الدكتورة جين كويل أستاذة الأساليب والأنماط التجارية الحديثة في جامعة بولتن لـ "الاقتصادية"، بأن السنوات الأخيرة شهدت تناميا واضحا لهذه الجرائم، وهي جرائم مرتبطة بالاعتداء على الأنماط والأساليب الحديثة لتسهيل النشاط الاقتصادي، ولا تقف خطورة هذه الجرائم عند حدود عشرات ومئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية التي يتم السطو عليها، بل إن الخطورة الأكبر تتمثل في خلق حالة من الشك لدى المستهلك من درجة الأمان المتوافر في الأساليب المتطورة من التعاملات المالية، ولكي يضمن المستهلك حماية أمواله فإنه يفضل في هذه الحالة أساليب معتادة وتقليدية مثل الشراء نقدا أو عدم استخدام الإنترنت للتبضع، وهذا يعني عدم قدرة الاقتصاد على النمو وتبني أشكال أكثر حداثة وربحية للنشاط التجاري.
وأضافت جين كويل أن الخطورة تكمن في أن الدراسات التي أجريت كشفت أن ذلك يخلق مستويين مختلفين ومتباينين من التعامل الاقتصادي داخل الدولة الواحدة، فهناك الأشخاص والأنشطة التجارية التي تحتم عليها تعاملاتها سواء لضخامتها المالية أو لطبيعتها الدولية الاعتماد على الأنماط الحديثة من التعامل الاقتصادي أيا كان حجم المخاطر المالية، والدائرة الأخرى وينتمي إليها أبناء الطبقات الدنيا والمتوسطة وتلك الطبقة تحجم عن التعامل ببطاقات الصراف الآلي أو بطاقات الائتمان لمخاطرها، والمشكلة أن الاقتصاد الحديث يتطلب توحيد لأنماط التعامل وأساليبها لضمان التدفق المالي وانسيابه بسهولة في آليات الاقتصاد الوطني.
إدوارد كامبينو رئيس سابق لوحدة مكافحة النصب والاحتيال في الشرطة البريطانية وحاليا المدير العام لشركة (إل . بي) لمكافحة الجرائم الإلكترونية يؤكد لـ "الاقتصادية"، أنه مع دخول فصل الصيف وتدفق السائحين على لندن فإن هناك أنواعاً معينة من الجرائم تنتشر ومن أبرزها الاحتيال وسرقة بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية، فغالبا عندما يقوم السائح على سبيل المثال بسحب مبلغ نقدي يتقدم إليه شخص يحمل ورقة ليسأل على عنوان ما، ونظرا لاختلاف اللغة فإن من يقوم باستخدام بطاقات الصراف الآلي يتطلب منه الأمر دقائق ليفهم السؤال، وهذه الدقائق كفيلة بسرقة بطاقته، وغالبا عندما يعود إليها فإنه يظن أن الماكينة قد سحبتها.
وأضاف كامبينو أن أبرز الجرائم الاقتصادية الحديثة الآخذة في التصاعد هي جرائم الاحتيال عبر الهاتف والإنترنت والتي قفزت العام الماضي بنحو 22 في المائة لتصل إلى 30.1 مليون استرليني العام الماضي، وتمثل الآن ثلاثة أرباع السرقات التي تتم لبيانات البطاقات التي تستخدم في إنهاء المعاملات المالية التجارية كبطاقات الصراف الآلي أو البطاقات الائتمانية.
ويعود انتشار هذا النوع من الجرائم في عاصمة الضباب لمجموعة من العوامل أهمها أن لندن مركز سياحي عالمي وخاصة في موسم الصيف، ولا يقل أهمية عن هذا العامل تراجع التعاملات النقدية المباشرة في الاقتصاد البريطاني، واعتماد المستهلكين والسائحين على تفادي حمل مبالغ نقدية لإنهاء معاملاتهم المالية، إضافة إلى أن لندن تشهد نمواً كبيراً في التبضع عبر الإنترنت إذ تعد المملكة المتحدة الدولة الأوروبية الرائدة في مجال الشراء عبر الإنترنت.
ويحذر البعض من التداعيات الخطيرة لتنامي هذه الظاهرة على الاقتصاد البريطاني وخاصة بالنسبة لأصحاب الأعمال التجارية الصغيرة، ويذهب البعض في تحليله لهذه الظاهرة للقول بإنها جزء من الجريمة الاقتصادية المنظمة التي تستهدف بريطانيا عمدا. ولـ "الاقتصادية" يشير جيف كاتفورس رجل الأعمال وعضو منظمة العمل ضد الاحتيال المالي في بريطانيا، إلى أن كل التحريات التي قمنا بها تؤكد أن معظم عمليات الاحتيال عبر سرقة بطاقات الائتمان أو الصراف الآلي لرجال أعمال بريطانيين مصدرها روسيا وبلدان أوروبا الشرقية، وهذا الأمر لا يتم بمحض المصادفة، ونعتقد أنه يتم بشكل منظم.
وأضاف لا أستطيع القول أو المبالغة بأن هذا يؤدي إلى إفلاس صغار رجال الأعمال البريطانيين، وإنما يؤدي لخسائر مالية ملحوظة، مما يعني انخفاض معدلات الربحية لديهم، ومن ثم لا يعد النشاط الاقتصادي الذي يمارسونه مربحا بصورة تدفعهم لمواصلته أو تطويره.