رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التشغيل الذاتي والتعاقدي للمستشفيات ..الطبيب الإداري في كفة الميزان (2/2)

[email protected]

إن تعيينات وزراء الصحة من قبل المقام السامي لم تشترط أن يكون الوزير طبيبا. فوزارة الصحة تعاقب عليها مديرون من ذوي الكفاءات العالية وتركوا بصمات لا يستطيع أن ينكرها أحد ومع ذلك لم يكونوا أطباء. بل إن قرابة 50 في المائة من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصحة لم يكونوا أطباء. فإذا لم يشترط في الوصول إلى أعلى سلطة في المجال الصحي أن يكون طبيبا فلماذا يا معالي الوزير تصر الوزارة على اقتصار تعيين مديري المستشفيات على الأطباء؟ ولماذا يا معالي الوزير النظرة للمدير الإداري في القطاع الصحي الخاص مختلفة عن نظرة وزارة الصحة؟ وهل حققت يا معالي الوزير وزارتكم نتائج أكثر إيجابية من القطاع الصحي الخاص عندما اتجهت إلى تعيين مديري المستشفيات فقط من الأطباء؟
للأسف يا معالي الوزير إن وزارة الصحة تتجه للتعارض بين وضع الأنظمة من أجل المريض وبين وضعها لأجل الطبيب. فمثلا أصدرت وزارة الصحة نظاما يلزم المستثمر في القطاع الصحي الخاص بمشاركة طبيب في تأسيس أي مستشفى! وهو قرار ليس له وجهة نظر سواء من الناحية العلمية أو الإدارية أو المنطقية. بل إن تبعات هذا التوجه تجبرنا على أنه لا بد من مشاركة الصيدلي في تأسيس أي شركة أدوية، ومشاركة مهندس الأجهزة الطبية في تأسيس أي شركة أجهزة طبية، ومشاركة المهندس الزراعي عند تأسيس شركة زراعية، وهكذا. فمقتضى هذا التوجه أن على رجال الأعمال ألا يستثمروا إلا في التخصصات التي درسوها وتخصصوا فيها!!
وفي هذا السياق، فإنه من حقي كما من حق غيري أن أتساءل كيف تزعم وزارة الصحة أنها تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الصحي، خصوصا بعد تطبيق الضمان الصحي التعاوني في الوقت الذي تضع العراقيل في وجه المستثمر السعودي، وذلك باشتراط شريك يكون طبيبا؟
بل إن تبعات هذا القرار الإداري "غير المدروس" تفرض على هيئة الاستثمار أن تلزم المستثمرين الأجانب في القطاع الصحي أن يشاركهم أطباء عند طلب تأسيس مستشفيات خاصة وإلا لن يقبل طلبهم!!. وهو شرط لم يقل أحد به. أم أن هذا الشرط خاص بالمستثمر السعودي، أما المستثمر الأجنبي فلا ينطبق عليه هذا الشرط!
كما أنني في الحقيقية أتعجب بأن يقر مثل هذا القرار ويقبل من قبل أعضاء مجلس الشورى! وفي مصلحة مَن يقر مثل هذا القرار؟ للمريض أم للطبيب؟.
التاريخ يخبرنا أن نماذج المديرين الإداريين الناجحين من غير الأطباء متعددة. فمثلا معالي الدكتور غازي القصيبي من ضمن قائمة الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصحة وكانت له أيادٍ بيضاء في تطوير هذا القطاع الحيوي ومع ذلك لم يكن طبيبا. كما أن قطاعات أخرى ليست صحية ومتخصصة كالنفط والكهرباء تعاقب عليها مديرون ليسوا مهندسين. فمثلا شركة أرامكو السعودية وهي من كبرى شركات النفط العالمية يعتلي الهرم الإداري فيها سعادة الأستاذ عبد الله بن صالح بن جمعة، هو ليس مهندسا والحال نفسه على شركة الكهرباء. لا يعني كلامي أن كل المتخصصين في الإدارة هم أهل للمسؤولية لأن الإدارة علم وفن. فهناك من يكون لديه العلم الإداري لكن فنون الإدارة غائبة عنه لأسباب ليس المجال لشرحها والتفصيل في ذكرها.
كما أن التاريخ والواقع أيضا يخبرانا بوجود نماذج مشرفة لأطباء نجحوا إداريا كمعالي الدكتور فهد العبد الجبار والدكتور عبد الله الربيعة وغيرهما. فالنماذج المشرقة من الطرفين ليست محور النقاش لكننا نتحفظ كثيرا على توجه وزارة الصحة إلى أن يكون مديرو مستشفياتها من الأطباء دون خلفية إدارية أو تأهيل علمي واقتصار تعيين مديري المستشفيات على الأطباء فقط.
لا شك أن أحد أهم أسباب فشل التشغيل الذاتي في مستشفيات وزارة الصحة يرجع لغياب رواد الإدارة عن تولي زمام المسؤولية، وتشتيت العدد المحدود من الأطباء السعوديين لمتابعة قضايا إدارية ليست من اختصاصهم، مما أفقد مستشفيات وزارة الصحة قدرتها على استثمار مواردها المالية والبشرية والتموينية بالشكل الأمثل.
أرى ضرورة مراجعة وزارة الصحة أنظمتها وجعل أولوية القيادة لمن لديهم قدرة إدارية سواء كانوا أطباء أو غيرهم بدلا من إسقاط أسباب المشكلات الصحية فقط لضعف الميزانيات .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي