روحاني يخفق في الارتقاء إلى طموحات الإصلاحيين
قبل ساعة واحدة فقط من الموعد المقرر لبداية احتفال سنوي تقيمه المجلة الإصلاحية الأسبوعية "تشلتشراج"، تسلم المنظمون أمرا قضائيا بمنع الحفل. وهكذا تعين على الصحافيين والعازفين ومخرجي الأفلام والرياضيين الموجودة أسماؤهم على قائمة الضيوف الألفين، أن يعودوا إلى منازلهم.
قرر الجهاز القضائي المحافظ في إيران إلغاء حفل الأسبوع الماضي. وقال أحد الحضور: "ما إن تلقينا الخبر، حتى تحولت كل الإثارة إلى اكتئاب. شعرنا بأن الموجودين في مراكز السلطة الرئيسة لم يخففوا أبداً قبضتهم على السلطة ولم يفسحوا أي مجال للإصلاحيين".
وقالت "كيهان"، وهي صحيفة ناطقة باسم المتشددين، إن الفنانين والرياضيين كانوا هناك فقط لتقديم الغطاء لاجتماع سياسي كان من المقرر أن يتحدث فيه محمد خاتمي، الرئيس الإصلاحي الأسبق.
وأثارت وتيرة التغير البطيئة في الجوانب الثقافية والسياسية في عهد الرئيس الوسطي، حسن روحاني، غضب الإصلاحيين، الذين يتوقعون المزيد من رجل دعموه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في حزيران (يونيو) الماضي، حتى في الوقت الذي ألقوا فيه باللائمة على الأصوليين في عرقلة قرارات الحكومة لتخفيف الرقابة والقمع.
وروحاني مَدين في فوزه غير المتوقع إلى الجماعات والزعماء المؤيدين للإصلاح الذين حشدوا الناس للتصويت له. وفي المقابل، وعد الرئيس بالتصالح مع العالم من خلال حل الأزمة النووية وتحقيق أوقات أفضل لاقتصاد يعاني منذ فترة طويلة من العقوبات الدولية.
منذ ذلك الحين، اتفقت إيران مع القوى الكبرى الست- الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين ألمانيا- على تقليص برنامجها النووي مقابل إعفاء متواضع من العقوبات. وكانت هناك بعض المكاسب الاقتصادية أيضاً، إذ تراجع التضخم من 40 إلى 39.3 في المائة، واستقر سعر الريال مقابل الدولار.
لكن آمال الإصلاحيين بالازدهار الثقافي وتخفيف الرقابة على الإنترنت لم يتم الوفاء بها. ومنذ أن جاء روحاني إلى السلطة، لم يقم الجهاز القضائي فقط بإلغاء احتفال الأسبوع الماضي، وإنما منع الصحافيين الإصلاحيين من إصدار صحف جديدة. ولا تزال المواقع الاجتماعية، مثل فيسبوك وتويتر – وكذلك موقع VChat اعتباراً من الشهر الماضي – مغلقة.
وقال روحاني في الأسبوع الماضي إنه ليس خائفاً من "البطاقات الصفراء" – أي التحذيرات البرلمانية الرسمية إلى وزيري الفنون والثقافة، التي يمكن أن تمهد الطريق لمحاكمتهما. وقال: "حين نقيد الفن والفنانين، فنحن في الواقع نمهد بذلك لهبوط طائرات الأعداء".
مع ذلك يظل الإصلاحيون يشعرون بالإحباط. وعلى الرغم من تعيين بعض السياسيين المعتدلين لشغل منصب المحافظ في عدد من المناطق، إلا أنه لا يوجد عدد كبير من الإصلاحيين البارزين في إدارة روحاني، وهي حقيقة تجعل الذين دعموه يشعرون بالسخط في داخلهم.
وفي الوقت نفسه، لا تزال الإقامة الجبرية مفروضة على زعيمي المعارضة، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وهما من الشخصيات المهمة في احتجاجات الشوارع المناهضة للنظام التي اندلعت بعد الاختلاف على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009.
وقال محلل من ذوي العقلية الإصلاحية: "باستثناء السياسة الخارجية والمفاوضات النووية – وإلى حد ما الاقتصاد – من الصعب أن تكتشف ما هي سياسات الحكومة في المجالات الثقافية والسياسية. لا يجوز أن نقول إن الوقت لا يزال مبكراً، لكن ربما نظراً لحالة الدمار الهائل التي ورثتها الحكومة في جميع المجالات، قررت التركيز على السياسة الخارجية والاقتصاد".
ووتيرة التغير أكثر بطئا في المناطق. ففي منطقة خوزستان الواقعة في الجنوب، لم يكن هناك تغير يذكر، إلى درجة أن المعلقين يقولون إن الأمر كما لو أن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لا يزال في السلطة. وقال أحد الصحافيين المحليين: "كنا نتوقع بعض النشاط والحركة، لكننا نشعر بخيبة أمل من أنه ربما لن يحدث شيء في مقاطعة خوزستان".
وكل هذا دلالة على أن مهمة روحاني بحاجة إلى توازن يتطلب حذقاً ومهارة، كما يقول المحللون. فإذا تم تنفيذ قدر من الإصلاح يفوق الحد، فمن الممكن أن يغضب ذلك الأصوليين ويعرض المفاوضات النووية للخطر. قال أحد السياسيين الإصلاحيين: "يبدو أن روحاني يبتعد عن الإصلاحيين من أجل تخفيف الضغط الواقع من الأصوليين".
وتصميم المتشددين على منع الإصلاحيين من تحقيق مكاسب في انتخابات العام المقبل واضح في إشارتهم المستمرة إلى احتجاجات الشوارع في 2009. وقال محمد جواد لارينجاني، وهو مسؤول قضائي، إن البلدان الغربية "تأمل في إحياء أولئك الذين كانوا ضالعين في التمرد بشكل آخر في المستقبل".
وحين يتم التوصل إلى اتفاق نووي مستدام، ربما يشعر روحاني بالجرأة للوقوف في وجه الأصوليين. وبحسب سياسي إصلاحي: "إذا خرجت الحكومة منتصرة من الأزمة النووية وعملت على تخفيف الآلام الاقتصادية، عندها ستكون يدَا روحاني أكثر انطلاقاً في السياسة المحلية. لكن إذا فشل في المحادثات النووية وخسر الانتخابات النيابية، فسيكون في وضع عصيب حتى بالنسبة لإعادة انتخابه هو نفسه".