تأثير خصائص دول الخليج في تمويل الخدمات الصحية

لدول الخليج العربي ثلاث خصائص تميزها عن غيرها من الدول: فهي دول عالية الدخل (حسب تصنيف البنك الدولي)، وترتفع فيها نسبة العمالة الأجنبية من المجموع العام للسكان، كما أن أنظمتها الصحية تحت التطوير بما في ذلك أنظمة تمويل خدماتها الصحية.
هذه الخصائص أثرت في استراتيجية دول الخليج في تمويل خدماتها الصحية عبر ثلاث طرق:
أولا: يشكل الإنفاق الحكومي على الصحة النصيب الأكبر من مجموع الإنفاق العام على الصحة. هذه الحقيقة تشترك فيها دول الخليج العربي مع الدول المتقدمة. لكن دول الخليج تستخدم عدة طرق مختلفة للحد من استخدام العمالة الأجنبية لخدماتها الصحية الحكومية، خصوصا أن دول الخليج تقدم الخدمات الصحية مجانا لمواطنيها. بعض هذه الطرق أدت إلى ارتفاع الدفع المباشر للخدمات الصحية (كاش) من مجمع نفقات القطاع الصحي الخاص. ثانيا: هذا الارتفاع في الدفع (الكاش) تشترك فيه دول الخليج مع الدول محدودة الدخل أو النامية.
ثالثا: نظام تمويل الخدمات الصحية في دول الخليج ما زال تحت النمو. فمثلا تمول دول الخليج العربي خدماتها بما في ذلك الخدمات الصحية من مصدر طبيعي (البترول أو الغاز). على الرغم من أن دول الخليج طبقت خيارات متعددة من أجل دعم تمويل خدماتها الصحية، إلا أنها لم تستقر على طريقة تمويل محددة. فما زالت دول الخليج تستفيد من خبرات بعضها بعضا. كما أن العديد من المؤشرات خصوصا مؤشرات الموارد البشرية ما زالت أقل بكثير من الدول المتقدمة (كعدد الأطباء أو التمريض أو الأسرة لكل عشرة آلاف من السكان).
دول الخليج بحاجة إلى إعادة هيكلة أنظمتها الصحية بما فيها نظام تمويل خدماتها الصحية. فمثلا توزيع النفقات الصحية بين القطاعات الحكومية قد لا يحقق العدالة في التوزيع. فمثلا يتشتت الصرف على الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية بين قطاعات حكومية مختلفة. هذا الاختلاف في توزيع النفقات أو الميزانيات الحكومية على القطاع الصحي ليس مبنيا على معادلات أو آليات واضحة تضمن عدالة توزيع النفقات الحكومية بشكل متزن (إن لم نقل متساويا). فمثلا ما زالت الخدمات الصحية التي تقدمها الجهات الحكومية الأخرى أكثر جودة مما تقدمه مستشفيات وزارة الصحة بسبب الاختلاف الكبير في الصرف على الفرد بين القطاعات الصحية ووزارة الصحة. هذا الاختلاف ناتج عن عدم وجود آلية محددة في اعتماد الميزانيات السنوية. ويمكن تحقيق التوازن في النفقات على الخدمات الصحية بطريقتين:
الطريقة الأولى أن توحد الميزانيات الصحية لكل الجهات الحكومية، بحيث تكون مرجعيتها المالية واحدة كمجلس الخدمات الصحية مثلا.
الطريقة الثانية: أن يكون الصرف من ميزانية الدولة على القطاعات الحكومية المختلفة وفق معادلة الصرف لكل شخص محتاج (need formula per capita ) على أن يؤخذ في الاعتبار الاختلاف في تبني البرامج الصحية المختلفة بين القطاعات الصحية المختلفة.
كما أن صيغة الميزانيات المعتمدة على الصرف المالي الحكومي تعاني عدم الاتزان بين الصرف على الخدمة الصحية والطلب عليها. لا بد لدول الخليج أن تؤسس لعلاقة جديدة بين مشتري الخدمة الصحية ومقدمها. وضوح العلاقة بين مشتري الخدمة ومقدمها سيساعد على المتابعة والتحكم في النفقات الحكومية بشكل كبير. في حقيقة الأمر إن دولا خليجية كقطر عملت على وضع نظام محاسبي يمكنها مستقبلا من تحديد التكلفة العلاجية على المستوى القريب، كما يمكنها من الفصل بشكل واضح بين مشتري الخدمة الصحية ومقدمها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي