تطوير دائم وبحث عن كل ما يحمي السائق

تطوير دائم وبحث عن كل ما يحمي السائق

تعتبر السلامة من المتطلبات الأساسية لدى صانعي السيارات في العالم، وتقسم عوامل السلامة في السيارة إلى قسمين: السلامة النشطة التي تساعد السائق على تجنب الحوادث مثل الأنظمة الإلكترونية المتطورة، والقسم الثاني هو السلامة الراكدة التي تعمل على حماية الركاب بعد حصول الحادث مثل أحزمة الأمان والوسائد الهوائية وهيكل السيارة ومدى صلابته.
ومع الارتفاع الهائل في حجم مبيعات السيارات سنوياً فإن عدد قتلى حوادث السير في العالم يزيد على مليون شخص سنوياً، وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، وتؤكد هذه المصادر أن ما يزيد على ثلاثة أرباع هذا الرقم من الضحايا هم من الدول النامية. وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من حوادث السير تعود بالدرجة الأولى إلى العامل البشري إلا أن صانعي السيارات يعملون على تطوير أنظمة تقنية عالية المستوى تعمل على تحقيق أعلى معدلات السلامة لركاب السيارة، وتساعد بالتالي على تخفيض معدلات الحوادث.
ولضمان أقصى درجات السلامة في السيارة يعمد العديد من الصانعين قبل طرح أي طراز في الأسواق إلى إخضاعه لمجموعة واسعة من التجارب القاسية من أجل تطوير قدرات هيكل السيارة على تحمل الصدمات الناتجة عن الحوادث وذلك من خلال اختبارات التصادم التي يتم فيها تحطيم مجموعة كبيرة من السيارات ضمن اصطدامات أمامية وجانبية حيث تتم دراسة هذه الحوادث وتأثيرها على ركاب السيارة من خلال استخدام دمى خاصة تماثل شكل جسم الإنسان ووزنه، وهذه الدمى مزودة بمجسات خاصة تبرز أماكن الإصابات في الجسم وبالتالي تطوير مكونات مقصورة الركاب وتقوية غرفة المحرك.
وسيارات اليوم الحديثة حققت مستويات متقدمة جداً على صعيد توفير السلامة للركاب، وحتى الفئات الصغيرة أو الشعبية أصبحت مزودة ببعض الأنظمة المساعدة، فعلى سبيل المثال أصبح نظام منع غلق المكابح تجهيزاً أساسياً في معظم السيارات كما أن أنظمة توزيع الكبح وتفعيلها تستخدم في الكثير من السيارات، إضافة إلى ذلك تستخدم بعض الشركات تقنيات جديدة في مجال الكبح مثل اعتماد أسطوانات مكابح مصنوعة من السيراميك.
وبعض السيارات الفاخرة تستخدم أنظمة تقنية متطورة في مجال الكبح وهي تتناغم في عملها مع رادارات متطورة تقوم بعملية الكبح عوضاً عن السائق وذلك من خلال قياس المسافة الفاصلة بين السيارة والسيارة التي أمامها وتحديد سرعة كل من السيارتين والعمل على تدخل نظام الكبح عند الاقتراب من السيارة أو العائق.
ومن الشركات الرائدة في هذا المجال نجد مرسيدس التي قدمت مجموعة من الأنظمة الخاصة بالكبح أبرزها نظام يحمل تسمية (الكبح الاستباقي) وهذا النظام مكون من رادار متطور مثبت في شبك التهوية الأمامي وخلف شعار مرسيدس وهذا الرادار يحدد المسافة الفاصلة بين السيارة والسيارة التي تسير في الأمام وكلما قلت المسافة بين السيارتين يتم إعطاء تنبيه صوتي وبصري مما يسمح للسائق بالكبح مباشرة، أما إذا لم يستجب السائق لهذا التنبيه فيقوم نظام المكابح بالتدخل بشكل أوتوماتيكي وبنسبة ضغط معينة على المكابح.
ومن الشركات التي طورت أنظمة مشابهة نذكر "فولفو" التي تعاونت مع شركتي دلفي وفوجيتسو في تطوير نظام يعتمد على رادار متطور يتأقلم مع مثبت السرعة ويقوم بخفض السرعة بشكل تدريجي حتى وإن ضغط السائق على دواسة الوقود. كما أن نظام فولفو يعطي إشارات تنبيه سمعية وبصرية متعددة تزيد من تركيز السائق.
والسيارات الحديثة باتت أيضاً تعتمد على تقنيات جديدة فيما يخص تصميم هيكل السيارة، حيث يتم اعتماد ألواح معدنية قابلة للالتواء مهمتها امتصاص قوة الارتطام، وهذه الألواح المعدنية تعمل على تشتيت الارتطام وتحويله عن مقصورة الركاب من خلال تحطيم مناطق ضعيفة في الهيكل.
كما أن القوانين الجديدة التي تفرضها قوانين الدول تفرض على الصانعين اعتماد طرق تصميم معينة تهدف في الدرجة الأولى إلى حماية ركاب السيارة وحماية المشاة، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال السيارات الحديثة حيث إن بعض السيارات أصبحت مزودة بأغطية أمامية مرتفعة بشكل نسبي لحماية المشاة عند تعرضهم لحوادث صدم مع السيارة حيث تسمح المسافة الفاصلة بين غطاء المحرك والمحرك بتخفيف أثر الصدمة بشكل كبير.
ومن عوامل السلامة المهمة في السيارة تبرز الإطارات التي كثر في الآونة الأخيرة الحديث عنها باعتبارها من أهم عوامل السلامة على الإطلاق، وقد برز خلال السنوات الماضية كيف أن الإطارات كانت في صلب الكثير من المشكلات التي تعرضت لها بعض شركات السيارات وأدت إلى تكبدها خسائر تقدر بعشرات الملايين من الدولارات سواء على شكل تعويضات أو استدعاءات وصيانة.
وعلى هذا الأساس تركز البحث والتطوير على إنتاج نوعية جديدة من الإطارات التي تبقى صالحة للسير بعد انثقابها ضمن مسافات محددة وعلى سرعات ثابتة، ويتم اعتماد هذه الإطارات حالياً في العديد من الطراز المترفة مثل رولز رويس، بنتلي، رولز رويس، مرسيدس، أودي، وبي إم دبليو.
ومن الجديد في مجال الإطارات أيضاً ما يتم تقديمه من أنظمة مراقبة ضغط الهواء، وهذه التقنية تعتمد على وجود مجسات خاصة مثبتة داخل الإطارات ومؤشر مثبت في لوحة القيادة يعطي تنبيهاً صوتياً أو سمعياً عند فقدان ضغط الهواء. كما أن بعض الأنظمة تعتمد على وجود مؤشر مثبت عند الإطار يعطي لونا معيناً يدل على انخفاض ضغط الهواء في الإطار.
ومن أجل القيادة ليلاً بكل سهولة ووضوح طورا صانعو السيارات في العالم بعض الأنظمة المتطورة في هذا المجال ومنهم على سبيل المثال "كاديلاك" التي كانت سباقة في هذا المجال عندما قدمت نظام الرؤية الليلية في بعض سياراتها منذ خمس سنوات.
كما تقدم مرسيدس نظام رؤية ليلية متطور في سيارتها من الفئة إس وهو يعتمد على الأشعة تحت الحمراء ويظهر الصور الخاصة به على شاشة خاصة تأخذ مكان عداد السرعة الرقمي. ويوفر هذا النظام مسافة إضافية من الرؤية تصل إلى 150 متراً. كما أن بي إم دبليو أيضاً تقدم نظاماً مماثلاً يتوافر في طرز الفئة السابعة.
وفي مجال الإضاءة أيضاً فإن بعض السيارات تزود بنظام الإضاءة المتكيفة، وهذا النظام يعمل على توجيه عدسات المصابيح إلى الجهة التي تتوجه إليها السيارة ويبرز هذا النظام في المنعطفات حيث يتم كشف أكبر مساحة ممكنة من الطريق.
كما خضعت أضواء المكابح إلى تطوير ملحوظ خلال الفترة الماضية مع اعتماد بعض الصانعين على نظام إضاءة متكيف للمكابح، بحيث كلما زاد الضغط على دواسة المكابح زاد توهج ضوء المكابح والعكس صحيح حيث تسهم هذه التقنية في زيادة انتباه السائقين الذين يسيرون خلف المركبة وبالتالي يتم تفادي الحادث أو تقليل أضراره بشكل واضح.
ومن الأنظمة المساعدة على تعزيز السلامة في السيارة نجد أكياس الهواء التي أصبحت تجهيزاً أساسياً في كل سيارة وهي تطورت مع الوقت حيث نجد الوسائد الهوائية التي تفتح على مراحل، إضافة إلى ذلك تم تطوير أحزمة الأمان بشكل كبير من خلال اعتماد أنظمة شد وارتخاء للحزام، كما تتفاعل هذه العوامل مع تجهيز بعض السيارات بمساند رأس تتحرك مع حركة رأس الراكب وتعمل على تخفيف أي ردة فعل عكسية قد تسبب مشكلات خطيرة للعنق أو العمود الفقري.
وللأطفال نصيبهم من التقنيات الخاصة بالسلامة، حيث إن الكثير من السيارات أصبحت تزود بنظام (إيزوفيكس) الذي يتيح تركيب مقاعد خاصة بالأطفال بكل سهولة في المقعد الخلفي ضمن نقاط تثبيت متعددة. كما أن بعض الشركات ومنها فولكس فاجن على سبيل المثال تقوم بتجهيز مقاعد خاصة للأطفال تكون مدمجة في المقعد الخلفي وتناسب الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 3 و 12 سنة.
في الختام ينبغي التأكيد على أن العامل البشري هو الأهم في موضوع سلامة السيارات، ومهما تطورت الأجهزة والأنظمة فيجب بالدرجة الأولى أن يكون سائق السيارة متنبهاً إلى الطريق ومخاطره، وأن يعرف بالدرجة الأولى قدرات سيارته ومدى ملاءمتها لظروف القيادة وظروف الطريق.

الأكثر قراءة