إحياء قرية سعودية بالحجارة وجريد النخل
عادت الحياة مجدداً إلى قرية ''قصار فرسان'' في منطقة جازان جنوبي السعودية، بعد الانتهاء من ترميم أكثر من 200 منزل تاريخي تراثي تقبع داخل أكبر واحات النخيل، بعد بنائها بالحجارة وجريد النخل.
وعثر الباحثون في المنطقة على نقوش خطت على بعض حجارتها بالخط الحميري ونقوش أخرى بالحروف اللاتينية القديمة، ونقوش تعود إلى العام 24 قبل الميلاد في منطقة الكدمي الواقعة في قرية القصار، كما وجدت كتابات بخط المسند الجنوبي تعود للعهد الحميري.
كما أن قرية القصار خصبة بالآثار التي تعود إلى العهد الروماني، وفيها بعض الرسومات والكتابات القديمة بعضها تعود للعهد الحميري، إضافة إلى الحصن الأثري الذي يعود إلى الفترة الإسلامية المتأخرة.
وعندما يدلف أبو محمد (60 عاماً) مع الباب الخشبي الخارجي المرمم لقرية القصار التاريخية في جزيرة فرسان، ينتابه الحزن والأنين لحياته البسيطة مع أناس آخرين وأصدقاء طفولته داخل أروقة هذه القرية الصغيرة قبل أكثر من أربعة عقود، والتي رممتها الهيئة ضمن برامجها المتنوعة والطموحة في المحافظة على التراث العمراني الوطني. أبو محمد يطلق لسانه وقد امتلأ بالقصائد والأبيات التي كتب بعضها وحفظ جزءاً آخر منها لهذه القرية العزيزة على نفسه، لزائري القرية من المواطنين زوار جزيرة فرسان أو المقيمين الباحثين عن جمال هذه المنطقة وروعتها الهادئة، كما أنه يؤنس نفسه ويلبي رغبتها اليومية بالزيارة الصباحية الدائمة لهذه القرية على أقل تقدير ثلاث ساعات من كل صباح يوم.
وتعد قرية القصار من المواقع السياحية الجميلة حيث تمثل مبانيها التراثية المحاطة بالنخيل عنصر جذب سياحي، وتعتبر أكبر واحة نخيل فيها، وتم بناؤها من الحجارة وجريد النخل.
وتضمن المشروع تنفيذ ممرات للمشاة، وتنفيذ جلسات مظللة، وإنشاء مركز خدمات مصغر، وترميم الأسوار المطلة على الممرات، وترميم المسجد ودورات المياه، وترميم عدد من المنازل القديمة وتحويلها إلى نزل بيئية ومركز استقبال للزوار، وإنشاء مدخل للقرية ذات طابع تراثي، وتنفيذ وحدات إنارة للممرات ذات طابع تراثي.
ويأتي هذا المشروع ضمن تهيئة المواقع السياحية لتكون جاهزة للزوار والخدمات والفعاليات السياحية، وتبعد القرية عن جزيرة فرسان بنحو خمسة كيلومترات جنوباً، ويمكن للسائح زيارتها من خلال مرسى جنابة، ومرسى الحافة.
وتعود أهمية القرية إلى كونها منتجعا صيفيا يقضي فيها أهالي فرسان ما يزيد على الثلاثة أشهر متزامنة مع موسم يطلقون عليه (العاصف) وهي رياح الشمال الصيفية المعلنة عن موسم استواء رطب نخيلها، وتمتاز بعذوبة مياهها الجوفية وقربها من سطح الأرض، حيث لا يزيد عمقها على سبعة أمتار.
يشار إلى أن فرسان تشتمل على جزر تقترب من نحو 100 جزيرة، فرسان تعتبر هي الأكبر والأم التي تدب فيها الحياة. وتمثل جزر فرسان أهم الموارد السياحية المحتملة في منطقة جازان، حيث يوجد العديد من الجزر والشعب المرجانية والشواطئ ومناطق المياه المحمية، وتتوافر فيها فرص فريدة للغوص والإبحار وغيرها من الرياضات المائية، وفرص الاستجمام والاسترخاء على الشواطئ.
وعلى الرغم من قلة تنوع الحياة المائية والشعب المرجانية والأسماك في هذه المنطقة مقارنة بتنوعها في شمال البحر الأحمر إلا أن الشعب المرجانية المتوافرة في فرسان تتميز بمحافظتها على نقائها وطبيعتها الأصلية، إضافة إلى وجود العديد من المناطق المناسبة لأنشطة الغوص التي بدأت تمارس حديثا في الجزر، إضافة إلى توافر الإمكانات السياحية المتاحة على الشواطئ والسواحل الرئيسة التي تتناسب مع تنمية المنتجعات على الشواطئ وتطويرها.