تايلاند: بوذي يروج للمصرفية الإسلامية وسط الانفصاليين الإسلاميين
ينطوي الوصف الوظيفي لرئيس المصرف الإسلامي "الوحيد" والمكافح في تايلاند على وصف فريد: العمل في أكثر المناطق خطورة في آسيا والذهاب إلى المساجد لتحفيز العمل وأن تصبح خبيراً في تربية الدجاج.
إن المعرفة الإسلامية تعد أمرا جوهريا بغض النظر عن كونك غير مسلم.
قال دهيراساك سوانايوس، رئيس مجلس إدارة "البنك الإسلامي التايلاندي"، الذي يتحدث بلهجة هادئة، لوكالة "رويترز" على هامش ندوة التمويل الإسلامي المنعقدة في سنغافورة هذا الأسبوع: "أنا شخصياً لست مسلماً".
أما سوانايوس (56 عاما) فهو بوذي من شمال تايلاند، ويرأس مشروعاً تدعمه الدولة لتحسين حياة المسلمين في جنوب البلاد، والتي أشعلت فيها عوامل الفقر والبطالة موجة التمرد الدموي الذي قام به الانفصاليون المسلمون في بداية 2004 والمستمر حتى الآن. والذي بسببه نبعت فكرة إنشاء هذا المصرف ليكون بمثابة "أداة التصالح" والتقدير لنحو 5 ـ 8 ملايين مسلم تايلاندي (يشكلون 18 في المائة من إجمالي السكان) تنشط به منذ عشرات السنين حركة إسلامية قوية تدعو لإنشاء دولة إسلامية.
قتل أكثر من ألفي شخص خلال السنوات الثلاث الماضية في الإقليم المسلم الذي يرتبط بروابط ثقافية ودينية وثيقة مع جارتها ذات الأغلبية المسلمة، ماليزيا، مقارنه مع بقية المملكة البوذية.
وتحدث تقريبا في تايلاند يوميا هجمات بالبنادق والقنابل. ويتم فيها إحراق المدارس، وقطع رؤوس عدد من القرويين البوذيين.
وتم في آب (أغسطس) الماضي تفجير بنكين من فروع "البنك الإسلامي التايلاندي" خلال هجمات متزامنة على 22 بنكاً. وقتل أحد المارة، وتم جرح أكثر من 20 شخصاً يوم حدوث الهجمات.
وتعترف الحكومة التايلاندية المعينة عسكرياً أن جهود إحلال السلام التي تبذلها لا تحقق أية نتائج.
غير أن "بنك تايلاند الإسلامي" يصر على أن بإمكانه أن يحدث اختلافاً موضعيا.
يستخدم البنك نوع تمويل المشاريع الصغيرة نفسها الذي أشهره البنك الحائز على جائزة نوبل بنك جرامين Grameen Bank في بنجلادش الذي يملكه محمد يونس.
يقرض البنك ما بين 20 ألف إلى 50 ألف باهت (600 إلى 1500 دولار) إلى القرويين المسلمين، معظمهم من النساء، يستخدمون النقود لتأسيس مشاريع صغيرة. وغالباً ما يشترون آلات خياطة وأقمشة لصنع الملابس وبيعها في السوق.
ولدى البنك, الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى أربعة أعوام مضت، 50 ألف زبون، ومبلغ 100 مليون باهت كقروض إسلامية معلقة لم تدفع في الجنوب. ويهدف إلى التوسع ليصبح عدد زبائنه 300 ألف زبون، وتقديم ما يصل إلى 500 مليون باهت كقروض للمسلمين بحلول عام 2008.
الجبهة الأمامية للمصرفية: المسجد
وعليه, كيف انتهى الأمر برجل بوذي أن يدير بنكاً إسلامياً وسط الانفصاليين الإسلاميين؟
قال سوانايوس، الذي كان سابقاً يرأس الوحدة الإسلامية في بنك كرونج التايلاندي: "قبل خمس سنوات، أراد مني الدكتور سومكيد جاتوسريبيتاك, عندما كان وزيراً للمالية، أن أساعد المسلمين في الجنوب. وأنا شخصياً تخرجت في "جامعة كراتشي"، لذا فأنا مطلع على التقاليد الإسلامية".
يتمركز سوانايوس في بانكوك، ولكنه يسوق البنك بالذهاب إلى مكان ما في الجنوب يخشى الكثير من البوذيين الذهاب إليه - - المساجد.
حيث قال: "عادة، عندما نذهب إلى الجنوب، نعمل إلى جانب علماء الدين، ونجمع نحو 100 إلى 500 شخص في كل مدينة، ونخبرهم ما الذي ينبغي فعله إذا أردوا تمويل مشروع صغير. ومن ثم نذهب إلى المسجد أو إلى الفنادق".
وفند من جهته الشائعات المتداولة أن بنكه الحكومي كان هدفاً لتفجيرات العام الماضي بسبب النظرة العامة عليه أنه بمثابة الذراع المالية للدولة البوذية. وقال إن المسلمين احتضنوا البنك: "لقد دهشنا عندما فجروا بنكنا، وتحدثنا إلى العديد من الأشخاص المتدينين.. لقد كانوا يفجرون البنوك كافة".
قبل تأسيس "البنك الإسلامي التايلاندي"، كان العديد من المسلمين الجنوبيين يخفون الأموال تحت أسرتهم، أو الأرضيات، أو يدفنونها، بحسب قوله.
دجاج، وماعز، واكتتاب عام أولي
من أجل مساعدة المسلمين الذين يريدون البدء بمشروع، يروج البنك لبرنامج تربية الدجاج في مقاطعة ناراثيوات الجنوبية.
وقال سوانايوس، الذي أصبح لديه الآن خبرة من نوع ما في الدواجن، أن البنك خطط لتدريب وتمويل 300 عائلة للعمل في قطاع تربية الدجاج، ورعاية ما مجموعة 4.5 مليون طير – وهو ما يكفي لإبقاء مسلخ الدجاج عاملاً لمدة 100 ألف يوم.
وقال: "هنالك قرابة ألف شخص عامل"، مضيفاً أن الهدف من التدريب كان التأكد من إنشاء المزارع، وحمايتها من تهديد مرض إنفلونزا الطيور.
وأضاف أن المشروع التالي للبنك هو تمويل العائلات المسلمة لتربية الماعز، لتتمكن من بيع هذا الحليب في الأسواق.
وفي نهاية المطاف, فإن طموح "البنك الإسلامي التايلاندي" هو إدراجه – في بورصة تايلاند SET– وجمع عوائد الاكتتاب لتمويل توسعه ليصبح مقرضاً إسلامياً إقليمياً.
وقال سوانايوس: "نأمل بحلول نهاية هذا العام، أن نخرج دون أن نتكبد أية خسارة، وفي العامين المقبلين سندرج البنك في البورصة." مضيفاً أنه خطط للتنحي بعد ذلك.
فهل يحين الوقت عندها لتسليمه إلى شخص مسلم؟ أجاب "ليس بالضرورة، يمكن أن يكون أي شخص شريطة قدرته على إدارة البنك".