المصطلح العلمي
حين تقرأ في صدر الإسلام الأول كان المستعمل الاسم اللغوي الذي يقع ضمن سلسلة الكلام في لسان العرب إضافة للاسم الشرعي الذي يعبر به عن حقيقة شرعية أبانتها الشريعة باسم سمتها به, والأول-اللغوي- كان يمثل الواقع لأصحاب اللسان قبل نزول القرآن, ولما جاءت نبوة محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام جاءت الأسماء الشرعية، التي يقع في داخلها أسماء كانت تعبر بها العرب عن معنى كلي مشترك.
وثمة خلاف بين أهل الأصول والفقه والنظر في نظام العلاقة بين الاسم اللغوي والاسم الشرعي على مذاهب أشهرها ستة, وإن كان بعضها ليس مرضياً فإن بعضها شاع الخلاف فيه, لكن لسنا في محل تفريغ المعتبر منها عند المحققين من أهل الأصول واللغة, لكن ثمة قراءة تتصل بعد ذلك بظهور "المصطلح العلمي"، الذي عُني أصحابه برسم الماهيات وتمييزها، أو وضع الحدود وتعيينها, ودخل "المصطلح" بعد ذلك شتى العلوم فشاعت التعاريف التي ترسم أسماء وألقاب العلوم والمعاني التي ينتظمها هذا العلم أو هذا الباب منه, والمقصود بالمعنى هنا ضرورة أن يكون ثمة فقه وضبط لوضع المصطلحات وتفسيرها, فإنه في مراحل من التاريخ اتخذ كثير من النظار "المصطلح العلمي" منهجاً بالتحول ببعض المعاني الشرعية عن حقيقتها الصادقة في كلام الله ورسوله وكلام السابقين الأولين إلى نمط من المعرفة تولد بعد ذلك.
إن تلك الكلمة التي شاعت وقت ذيوع "الاصطلاح" التي تنطق: "لا مشاحة في الاصطلاح" ربما هي مقبولة في الجملة لكنها يجب أن لا تعطي ثقة في تحريك المعاني والتحول بها عن حدودها الشرعية إلى أوجه طارئة من تضاد المعاني, أو ربما اتصل هذا بمعتبرات في الأصول والقواعد, وهذا ترى له مثالات في الأصول والسلوك وغيرها.
يمكن أن نقرأ أن المصطلح جزء من التنظيم والترتيب العلمي لكن يجب أن تكون هناك عناية علمية مدركة لتلك الأسماء وترتيب معانيها وتفسيرها، وضبط العلاقة بين الاصطلاح والاسم اللغوي والشرعي حتى يعطى العلم قدره ويبلغ أثره, والله الهادي.