صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية لن تغرق الأسواق الآسيوية
مع انخفاض معروض الغاز الطبيعي المسال المتاح للتداول عالميا، تشددت أسواق الغاز الطبيعي المسال الآسيوية على خلفية ارتفاع الطلب من اليابان عقب إغلاق محطاتها النووية بعد حادثة فوكوشيما. في هذا الجانب توقعت دراسة صدرت حديثا أن يستمر التشدد الحالي في أسواق الغاز الطبيعي المسال الآسيوية حتى بعد عام 2020 نظرا لعدم اليقين في سياسات حكومات المنطقة، ولا سيما مستقبل محطات الطاقة النووية في كوريا الجنوبية واليابان، تأتي هذه التوقعات خلافا لمعظم التوقعات السابقة التي أشارت إلى احتمال تراخي أسواق المنطقة بحلول عام 2018، مدعومة بتوقع بدء تدفق شحنات الغاز الطبيعي المسال من أمريكا الشمالية بحلول عام 2016.
وفي الوقت نفسه حذر التقرير من أن عدم اليقين في سياسات حكومات المنطقة قد يؤدي إلى انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي المسال التي يجري تطويرها وفي الوقت نفسه إدامة الأسعار العالية نسبيا في الأسواق الفورية للغاز الطبيعي المسال في آسيا بعد عام 2020. في الوقت الحاضر هناك عدم يقين كبير بخصوص الطلب المستقبلي على الغاز الطبيعي المسال للمنطقة، حيث إن لاعبي الأسواق التقليديين في كوريا الجنوبية واليابان يتعاملون بحذر ويشترون فقط الغاز الطبيعي المسال الذي هم متأكدون أنهم سيحتاجون إليه، في حين أن اللاعبين الجدد في قطاعات الغاز وتوليد الطاقة يسعون إلى وضوح في القوانين والتشريعات قبل الالتزام بأي تعاقدات.
لقد تسببت محدودية طاقات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في السنوات الأخيرة في تشدد الأسواق، تشير معظم التوقعات في الوقت الحاضر إلى احتمالية تراخي الأسواق بحلول عام 2018 عندما يبدأ تشغيل الموجة المقبلة من المشاريع الجديدة في أستراليا والولايات المتحدة، إلا أن المؤشرات على الأرض تشير إلى أن هذه التوقعات متفائلة.
إن تحرير أسواق الطاقة في آسيا يمكن أن يؤدي إلى تآكل احتكارات شركات الطاقة التقليدية في المنطقة ويفتح الباب أمام لاعبين جدد مثل مرافق الغاز، قطاع الصناعة وغيرها من الشركات الصغيرة لدخول الأسواق. إلا أن عدم اليقين بشأن التشريعات المستقبلية الجديدة وطبيعة المنافسة في الأسواق قد تؤدي إلى تأخير قرارات الشراء النهائية للغاز الطبيعي المسال لجميع الأطراف.
تتطلع الحكومة اليابانية حاليا إلى التحرير الكامل لقطاعات توليد الطاقة الكهربائية وقطاع الغاز في المدن بحلول عام 2016، وذلك بهدف تشجيع المنافسة للمساعدة على خفض الأسعار. لكن، مع ذلك، توجد هناك شكوك حول ما إذا كان بالإمكان تحقيق الجدول الزمني الطموح للحكومة. في الوقت نفسه، لا يزال يجب على الحكومة الجديدة التي تولت المهام أخيرا صياغة سياسات جديدة للطاقة لما بعد كارثة فوكوشيما، حيث تعهدت الحكومة الجديدة بإجراء مراجعة شاملة لسياسة عدم استخدام المحطات النووية نهائيا التي اقترحت من قبل الإدارة السابقة. في الوقت الحاضر هناك توقعات أن تقوم لجنة حكومية بوضع الخطوط العريضة لسياسة جديدة للطاقة في نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل، لكن من دون تحديد أرقام وأهداف معينة.
ينطبق هذا الحال أيضا على كوريا الجنوبية، حيث إن تحرير أسواق الغاز، إعادة التفاوض على العقود القديمة، وإمكانية اللاعبين الجدد على شراء الغاز الطبيعي المسال بأسعار أقل من متوسط تكلفة الغاز المورد إلى كوريا يقيد من قدرة الشركات على إبرام عقود شراء طويلة جديدة. علاوة على ذلك، التوقعات الحكومية المتفائلة بخصوص مستقبل استخدام الفحم في محطات توليد الطاقة الكهربائية وبناء محطات توليد الطاقة النووية من بين قضايا أخرى عديدة يقلل باستمرار من تقدير الاحتياجات الفعلية من إمدادات الغاز الطبيعي المسال للبلاد.
في الوقت الراهن شركة الغاز الكورية الحكومية هي المشتري الوحيد للغاز المسموح لها إعادة بيع الغاز الطبيعي المسال المستورد، لكن شركات الغاز الخاصة تضغط على الحكومة منذ مدة لتحرير قطاع تجارة الغاز بالجملة بحيث يمكنهم أيضا إعادة بيع الغاز إلى الأسواق المحلية. واحدة من هذه الشركات الخاصة وقعت أخيرا اتفاقا طويل الأجل لشراء 2.2 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال من إحدى شركات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية.
تشير بعض الدراسات الأخيرة إلى أن احتياجات اليابان وكوريا الجنوبية من الغاز الطبيعي المسال، إضافة إلى الكميات المتعاقد عليها بالفعل حاليا، قد تصل إلى أكثر من 30 مليون طن سنويا في عام 2020، لكن الكميات المتعاقد على شرائها الآن لا تمثل سوى جزء صغير من هذه الكمية. إن إقبال شركات الغاز الطبيعي المسال على التعاقد هو أقل مقارنة بتوقعات الطلب المستقبلية. هذا النقص المحتمل في الطلب على الغاز الطبيعي المسال من المرجح أن يتم تعويضه من الأسواق الفورية، من قطر أو من مجموعة موردين آخرين.
بما أن الشركات الاستثمارية لا يمكنها أن تلتزم بتطوير مشاريع جديدة من دون ضمان الطلب على الغاز الطبيعي المسال، هذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تأخير إنجاز المشاريع، في المقابل قد يحفز هذا بعض الشركات الموردة إلى إطلاق إمدادات جديدة بسرعة لملء هذه الفجوة، ما قد يؤدي إلى تراجع الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المسال في أسواق المحيط الهادئ، لكن ليس من الواضح حتى الآن مدى حجم المخاطرة التي مستعدة أن تأخذها هذه الشركات في هذا الجانب، خصوصا أن مشاريع الغاز الطبيعي المسال تحتاج إلى استثمارات ضخمة قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.