رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تطوير الألعاب المائية و«تنمية الشباب»

أحد الأصدقاء أبدى عدم ارتياحه في الإجازة الصيفية التي مضت من ندرة البرامج الرياضية بشكل عام وندرة برامج تعليم السباحة على وجه الخصوص التي باتت ضرورية في ظل ظروف التغيرات المناخية وانتشار المسابح في المساكن والاستراحات حيث تتزايد حوادث الغرق، وقال وهو يبحث عن برنامج رياضي لابنه الذي في الثانية عشرة من عمره في أحد الأندية الخاصة رغم تخوفه على ابنه تربوياً أنه يتمنى أن توفر الدولة من خلال أي من أجهزتها المعنية بالأطفال والشباب برامج رياضية للأطفال والشباب، بل حتى كبار السن، تشغل أوقاتهم وتدعمهم صحياً وتربوياً.
وأضفت له حينها أن هذه البرامج باتت أكثر من ضرورية في هذا العصر الذي يقضي فيه الأطفال والشباب ساعات طوال وهم جلوس دون حراك أمام الأجهزة الإلكترونية كافة أو مشاهدة البرامج التلفزيونية أو لعب الورق وهم يستهلكون بشكل شبه متواصل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات والمكسرات، ما رفع من نسبة السمنة واحتمال تعرضهم مبكراً لأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والإجهاد السريع.
تذكرت ما دار بيننا حينما استمعت لأحد المنخرطين في ''المشروع الوطني لتطوير الألعاب المائية'' الذي ستطلقه الرئاسة العامة للشباب الشهر القادم في منشآت السباحة الـ 16 التابعة لها كمرحلة أولى وهو يتحدث بحماس كبير أن المشروع يستهدف ''محو أمية السباحة'' لأكثر من نصف الأطفال والشباب (قرابة 60 في المائة من السعوديين أقل من 21 سنة) حيث أوضحت بعض الدراسات الاستبانية أن أكثر من 50 في المائة منهم لا يجيدونها بأبسط صورها ويرغبون وأولياء أمورهم في ذلك، نعم تذكرت ذلك لأن الشيء بالشيء يذكر فمحدثنا يتكلم عن حراك حقيقي نحو تطوير هذه الألعاب من خلال تطوير عناصرها الأساسية من منشآت سباحة رياضية حكومية وخاصة وكوادر بشرية وبرامج تنفيذية، الأمر الذي سيوفر لأبنائنا فرصة لتعلم السباحة وتنمية مهاراتهم بالألعاب المائية لغاية المتعة والترفيه أو اللياقة والصحة أو التميز الرياضي.
وأعتقد أنه من أهم مظاهر هذا الحراك الحقيقي كما أوضح محدثنا بدء تنفيذ برنامج إدارة منشآت السباحة الرياضية بتدريب نحو 24 مواطنا واعدا اجتاز كل شروط الاختيار والقبول لإدارة هذه المنشآت أو الإشراف عليها وذلك بالتعاون مع هيئة دولية ذات خبرات عريقة في هذا المجال كما قام البرنامج بتدريب نحو 100 معلم سباحة سعودي مع الهيئة ذاتها لتشغيل منشآت السباحة الرياضية الـ 16 التابعة للرئاسة خلال الأشهر الثلاثة القادمة ابتداء من الشهر المقبل. بكل تأكيد انطلاق المشروع ببرنامج تطوير إدارة منشآت السباحة يؤكد جديته وسلامة منهجه لأن الإدارة تعتبر العنصر الحاسم كما يقول المنظرون الإداريون في نجاح أو فشل أي مؤسسة أو برنامج أو مشروع.
وكي أتأكد من مدى رعاية هذا المشروع لعموم الشباب السعودي وليس لنخبه الرياضية سألت محدثي عن نوعية خدمات المشروع، فأوضح لي أن المشروع يستهدف رعاية الأطفال والشباب بشكل عام من خلال برنامج محو أمية السباحة وتحفيزهم لممارستها من خلال عدة منتجات منها ''وقت السباحة'' التي توفر للسباحين من جميع الأعمار فرصة ممارسة السباحة بهدف الترفيه والمتعة وتعزيز الصحة واللياقة تحت إشراف مدربين ومنقذين ووفق شروط السلامة الدولية، ومنها ''سباح المستقبل'' الذي يستهدف تنمية مهارات الأطفال والشباب من خلال خمس مراحل يحصل بها السباح على شهادة عن اجتيازه كل مرحلة، ومن خلال ''بطل المستقبل'' الذي يشمل ثلاث مراحل يحصل فيها السباح عند اجتيازه كل مرحلة على ميدالية برونزية أو فضية أو ذهبية.
بكل تأكيد أنا كأب لعدة أبناء أفرح بمثل هذه المشاريع وأتمنى لها النجاح خصوصاً وأنا أرى معاناتهم من ''الوقت الحر'' والذي عادة ما يتحول لوقت فراغ قاتل لهم صحياً بل اقتصادياً حيث كثيراً ما يلجأون للأسواق ومطاعم الوجبات السريعة لشغل هذه الأوقات خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع ولكن عادة ما يقلقني ويقلق مثلي من الآباء القضايا التربوية وقضية السلامة حيث نخشى على أبنائنا من تعلم أو الوقوع في بعض الأخلاقيات السيئة، أو التعرض لحادثة غرق مميتة أو مضرة صحياً، ولكن ما أسعدني قول محدثنا إن برنامج إدارة منشآت السباحة الرياضية يتمحور بشكل مكثف حول سلامة السباحين وكفاءة إنتاجية المنشأة وكوادرها الإدارية والفنية وما أوضحه بشان الآثار التربوية الإيجابية لتعلم السباحة وتنمية المهارات بالألعاب المائية حيث تتعزز لدى الشباب قيم ومفاهيم الصبر والتحمل والانضباط والاحترام والعمل بروح الفريق الواحد، وكل هذه أهداف تربوية تنعكس على حياة السباح كما لاحظه الكثير من التربويين.
بطبيعة الحال أنا لا أفقه كثيراً في المواسم الرياضية ومنهجيتها وآلياتها رغم قول محدثنا إنها ستكون محفزة للهواة والمحترفين على حد سواء، ولكني بكل تأكيد أفقه في المجال الاقتصادي ولذلك شدني ما ذكره بأن تنمية قطاع الألعاب المائية هدف من أهداف المشروع لتعزيز قوة عناصره لتكوين ماكينة يشكلها ويقويها القطاع الخاص بدعم وتوجيه حكومي تتراكم قوتها بمرور الزمن لتوليد الكثير من الفرص الوظيفية والاستثمارية في هذا القطاع وتفريخ نخب رياضية واعدة بشكل مستمر يقوم المشروع بالاعتناء بها بشكل مكثف من خلال المعسكرات والتدريب العالي للوصول بها إلى منصات التتويج الدولية كما هو معمول به في الغرب.
ختاماً أقول رحم الله الأمير فيصل بن فهد الذي اهتم بإنشاء المدن الرياضية المتكاملة وإنشاء المسابح الأولمبية في معظم مناطق المملكة وكأنه يعلم أنه سيأتي الوقت الذي تمكننا هذه المنشآت من تنفيذ مشاريع تطويرية لاستثمارها في رعاية الأطفال والشباب رياضياً وصحياً وتربوياً واقتصادياً واجتماعياً. الأمل كبير أن يلعب المشروع الوطني لتطوير الألعاب المائية دوراً كبيراً في استثمار هذه المنشآت بالحد الأقصى لتنمية شبابنا في هذه المجالات كافة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي