رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إلى المؤتمر الأول لكليات إدارة الأعمال

تنظم كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود ''المؤتمر الأول لكليات إدارة الأعمال في جامعات دول مجلس التعاون الخليجي'' خلال الفترة من 16 إلى17 ربيع الآخر 1435هـ، برعاية كريمة من الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين.
ويأتي المؤتمر استجابةً لتوصية اجتماع عمداء كليات إدارة الأعمال بجامعات دول مجلس التعاون الخليجي، المنعقد في الرياض بتاريخ 1 ذو القعدة 1433هـ، بإقامة مؤتمر دولي كل سنتين تحت اسم ''مؤتمر كليات إدارة الأعمال بجامعات دول مجلس التعاون الخليجي''.
وفكرة عقد مؤتمر يناقش تحديات المال والأعمال في دول مجلس التعاون تعد فكرة نيرة وخطوة مباركة. فنحن بالفعل نحتاج إلى مثل هذه اللقاءات العلمية، إلا أننا لا نريد أن يكون كبقية ندواتنا ومؤتمراتنا التي تعد فيها التوصيات قبل انتهاء فعاليات المؤتمر، ولا نريد له أن يأخذ شكلا دعائيا، أو أن يكون على هيئة ورش عمل، ونقاشات، واجتماعات هدفها إضاعة الوقت، وتبدد الجهود، وهدر الأموال، بل نريد مؤتمرا علميا يليق بعراقة كلية الأعمال في جامعة الملك سعود، يبحث محاور بعينها، ويخرج بتوصيات وآليات تفيد مجال المال والأعمال في دول المجلس، وتعين كليات الأعمال في الارتقاء ببرامجها وصقل مواهبها واتضاح رؤيتها، فكثير من كليات الأعمال تسير بدون رؤية، وليس لها رسالة، ولا تعرف بالضبط ما الهدف من إنشائها.
ورغم أن عقد مؤتمر يهتم بكليات الأعمال يعد عملا جبارا وتحولا جوهريا في الفكر الإداري، إلا أنه يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن تطوير كليات الأعمال في دول المجلس ليست بالمهمة السهلة، فقد علق بها الكثير من السلبيات والتشوهات عبر سنين من الضياع والتخبط؛ نتيجة التدمير المتعمد من قبل بعض القائمين على هذه الكليات في فترات غابرة. فقد ضلت الطريق، وتاهت في الغياهب حتى تكوَّنت بداخلها قيم وأعراف وعادات يصعب تغييرها، وليس هناك حل سوى التكيف معها أو هدمها ومن ثم إعادة بنائها، إلا أنني أرى أن مؤتمرا كهذا سيضع النقاط على الحروف إذا أخذ الموضوع بجدية، وتمت مناقشة الأفكار بحيادية، وتحديد الأسباب الجوهرية لإخفاقات كليات الأعمال في الجامعات الخليجية. من الأسباب الجوهرية التي أراها وراء تخلف كليات الأعمال في دول المجلس ولوج بعض التخصصات واستقرارها في بيئة كليات الأعمال منذ عقود، حتى أصبح فكر الأعمال يشوبه الغموض، وهو بالفعل غير واضح لكثير من منسوبي تلك الكليات؛ لذا يجب أولا العمل بجد على تخليص كليات الأعمال من القيم الدخيلة التي ورثتها من تخصصات متباينة في أزمنة ماضية، ولا أريد هنا أن أدرج تخصصا بعينه حتى لا يساء فهمى، أو ينظر إلى مقالي على أنه تصفية حسابات؛ لذا سأكتفي بالتلميح دون التصريح.
ذكرت في مقالات سابقة ووضحت وجهة نظري حيال الواقع المرير لكليات الأعمال في الجامعات الخليجية وخصوصا الجامعات السعودية، حيث بينت الأثر الذي أحدثه تطفل بعض التخصصات ودخولها إلى بيئة الأعمال في غفلة من التاريخ. عندها واجهت الكثير من النقد والقدح والهمز واللمز، ولهذا لا أريد أن أفقد الكثير من الأحباب، أو أخسر البعض من الأصحاب، ولكن وعلى الرغم من كل هذا فإنني ما زلت مصرا على أن السبب الجوهري لبطء سير كليات الأعمال في دول مجلس التعاون وبقائها في مكانها هو انضمام تخصصات لا تمت للأعمال بصلة؛ نتيجة تشابه في الأسماء، وسوء ترجمة بعض المصطلحات من الإنجليزية إلى العربية.
ومن الآليات المبدئية لوقوف كليات الأعمال على أقدامها تغيير اسم كليات الأعمال التي ما زالت تحمل الاسم القديم بما يتفق والمحتوى العلمي والتوجه العالمي. فبعض كليات الأعمال في مؤسسات التعليم العالي في دول المجلس تحمل أسماء هجينة تصيبك بالتقيؤ مثل ''كلية العلوم الإدارية والمالية'' أو ''كلية الاقتصاد والإدارة'' وكليات أخرى تحمل اسم ''كلية العلوم الإدارية''. وهنا نتوقف ونسأل: لماذا يطلق على كليات الأعمال مثل هذه الأسماء التي لا تعكس نماذج ونظريات وبرامج الأعمال؟ لذا أرى أن من تعمد إطلاق مثل هذه الأسماء على كليات أعمال هو الجاني الحقيقي والمتسبب الفعلي في ضياعها وتشوه مخرجاتها.
ليت الموضوع بقي في حدود الأسماء، بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد زاد من تعمد تشويه كليات الأعمال أن تم اختزالها في قسم هزيل أو شعبة يتيمة تندرج تحت مظلة كلية العلوم الاجتماعية أو كلية العلوم الإنسانية. وقد يكون هناك أسباب في تعمد تشويه كليات الأعمال ودمجها في العلوم الاجتماعية، أو إطلاق أسماء مضحكة عليها لا تعكس محتواها، من أبرزها الرغبة في استيعاب التخصصات الرمادية. والتخصصات الرمادية هو ذلك النوع من التخصصات التي يصعب تصنيفها، فلا تستطيع أن تدرجها تحت مظلة العلوم البحتة، ولا يمكن النظر إليها على أنها تخصصات نظرية بحتة؛ لهذا لجأت بعض الجامعات إلى تبني أسماء مثل كليات العلوم الإدارية كي تضم بين جنباتها من لم يجد له كلية تستضيفه من أعضاء هيئة التدريس، وبهذا يمكن القول إن الكليات التي تحمل اسم ''العلوم الإدارية والمالية'' أو ''العلوم الإدارية'' تعد كلية من لا كلية له؛ لذا نتمنى من مؤتمر كلية الأعمال في جامعة الملك سعود أن يرفع إلى وزارات التعليم العالي في الدول المعنية بطلب توحيد أسماء الكليات المهتمة بدراسة فكر الأعمال ويطلق عليها ''كليات الأعمال'' بدلا من ''العلوم الإدارية'' أو ''العلوم الإدارية والمالية''، فعندما يتضح الاسم تتضح الوظائف، وتصبح كليات الأعمال مؤسسات أكاديمية مستقلة لها هويتها ورسالتها، وستبدأ خطواتها ولو أنها تأخرت كثيرا.
نتمنى من مؤتمر الأعمال الذي سيعقد في رحاب كلية الأعمال في جامعة الملك سعود أن يناقش وضع كليات الأعمال بكل وضوح، وأن يضع على الطاولة الأسباب الجوهرية لتخلفها دون مجاملات أو إملاءات، حتى يخطو بنا إلى الأمام، فنزيل الغبار عن كليات الأعمال؛ كي تأخذ رونقها، وتبدأ مهمتها، وتحمي نفسها من الدخيلين عليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي