رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


براءة الوزارة

كلنا يطالب بحرية الرأي, وما زلنا ننتقد أجهزة الدولة على تقصيرها أو سوء بعض الخدمات التي تقدمها, أو نقترح ما نراه من مطالب أو تعديلات في الأنظمة. ومعظم المسؤولين يتقبلون النقد البناء ويقدرون طرح الأفكار الجديدة التي تساعدهم على تسهيل أعمالهم في زيادة خدمة قطاعهم، ولكن تصفية الحسابات أو رمي الاتهامات وعدم فهم الواقع وأسبابه وعدم البحث عن المعلومات كاملة يقلب النقد إلى هجوم واعتداء.
لقد أساءني أن أقرأ مقالة في "الوطن" 14/1/2007 فيها اتهام صريح لوزارة التجارة والصناعة بتواطئها مع التجار على المستهلك, وأنه "اليوم لا أحد أمامنا يتابع السوق.. لا أحد أمامنا يراقب الأسعار.. " "اليوم التجار يضربون بكل القوانين عرض الحائط دون خوف من رقابة وزارة التجارة مع بالغ الأسف.. ألا تعزز هذه الشكوك من علاقة التجار بالتجارة"؟
إن وزارة التجارة والصناعة مسؤولة عن أكبر قسم في الاقتصاد غير الحكومي, وهو التجارة وكذلك المستهلك وحمايته ولديها من المسؤوليات المتعددة التي يعلمها الجميع. إن مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية يعمل مباشرة مع الوزارة، ولكن أن نتهم الوزارة والتجار بالتواطؤ مع بعض، فهذا اتهام غير مسؤول ولا يقبل. التاجر الوحيد الذي لا يخاف من كسره الأنظمة ويرمي بها عرض الحائط دون خوف سارق ومحتال وليس بتاجر.
قبل أن نلوم أي قصور للوزارة علينا أن نتطلع للمسؤوليات الملقاة على عاتقها ونرى ما حجم ميزانيتها . إن الوزارة وملحقاتها تأتي في آخر قائمة الميزانية العامة للدولة ولا تلام إلا وزارة المالية. نعم أستطيع أن أكتب 20 مقالة فيما نحتاج إليه من الوزارة وأماكن تقصيرها، ولكن كثيرا من التقصير يرجع إما إلى نقص كوادرها وخبراتهم أو تعقيداتهم أو للأنظمة القائمة والصادرة سابقا التي تعوق الوزارة على تنفيذ مهامها. ولا يخفى على الجميع أن التجار والصناع مرت عليهم سنون وهم مستاؤون من بعض قرارات الوزارة أو أنظمتها ومازال البعض يعاني ذلك.
ليس من الإنصاف أن تتهم الوزارة بعدم متابعة الأسواق ومراقبة الأسعار. قد تكون الوزارة مقصرة فيما يتمناه البعض من تخفيض للأسعار لأنها ترتفع تدريجيا على جميع المنتجات ولكن وإن كانت الوزارة مسؤولة بالنظام عن جميع شؤون التجارة وجودتها وتوفير المواد التموينية إلا أنها لا دخل لها بالأسعار إلا إذا كان هناك احتكار لسلعة ما أو مادة تموينية أو ارتفاع غير مسبب بالثوابت أو تخفيضات سنوية.
إن تنظيمات التموين والرقابة على أسعار السلع تختص بصفة خاصة بالمواد التموينية في الحالات غير العادية من حالات الطوارئ أو الكوارث أو نقص في المعروض من المواد التموينية والحيوية الأخرى أو وجود ارتفاع بيِن في أسعار أي سلعة تموينية مثل السكر والزيوت النباتية والدقيق الأبيض والبر واللحوم بأنواعها المحلية والمستوردة والحليب المجفف وغيرها من المواد التي يرى الوزير أو اللجنة المختصة إضافتها إلى هذه القائمة مثل الحديد والأسمنت. أما في الحالات العادية فإن أسعار المواد التموينية وجميع المواد تخضع للمنافسة الحرة بين التجار المتعاملين فيها وذلك لأننا لسنا في بلد اشتراكي, واقتصاد المنافسة الحرة أثبت نجاحه، ولذلك هي سياسة المملكة الاقتصادية المعتمدة.
إن قواعد تنظيم التموين أعطى الوزارة - إدارة التموين - إشرافا كليا على التعامل في المواد التموينية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة وجعلها مسؤولة عن تقدير احتياجات المملكة والتعرف على مصادرها طوال العام, ويدخل في ذلك المواسم مثل فترة شعبان ورمضان أو فترة ذي القعدة وذي الحجة. والحمد لله لم نسمع عن نقص في المواد التموينية لأن الإدارة لا تشرف فقط بل تطارد تجار هذه المواد كما وضح لي بعض التجار وذهلت من تفاصيل التقارير المطلوب إرسالها للإدارة من تقدير المخزون وأحجامه وما هو تحت الطلب وماهو مشحون في الطريق ومصادر السلعة وأسعار كل صنف ومقارنة ذلك بالأسعار السابقة مع دفع الفواتير التي تثبت التكلفة من مصدرها إلى التاجر ثم الربح ثم سعر البيع للمستهلك وهوامش الربح، لذلك من الصعب التلاعب بالأسعار لأن كل سلعة لها عشرات المستوردين من بلدان مختلفة لذلك سيظهر التاجر المتلاعب في الفواتير أو في التسعير وعليه إثبات الفوارق وإلا سيعاقب حسب قرارات مجلس الوزراء. كذلك أعطى التنظيم الإدارة مسؤولية متابعة الأسعار المحلية يوميا وكذلك متابعة الأسعار العالمية لهذه المواد بقصد معرفة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر في الأسعار المحلية وكذلك تقدير الكميات المتوقع وصولها للمملكة من هذه المواد لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. كذلك مسؤولية متابعة حجم المحصول العالمي السنوي وحجم المخزون العالمي والاتفاقيات الثنائية والجماعية المتعلقة بالتجارة في المواد التموينية لتقرير مدى تأثير هذه الأحداث في الأسواق المحلية وأسعارها.
وكلفت الإدارة بإصدار نشرة إخبارية تجارية توزعها على جميع المستوردين وتتضمن معلومات عن أوضاع المواد التموينية المحلية والعالمية الحالية منها والمستقبلية ليستطيعوا في ضوئها تنظيم استيرادهم وتنسيقهم مع إدارة التموين. لذلك لم نفاجأ بنقص في المواد التموينية لسنوات وهذا دليل على نجاح الإدارة والوزارة والحكومة في هذا المجال. أما الأسعار فإنها أسعار عالمية واضحة لكل مطلع ومتابع للأسعار العالمية والمحلية وأسعار الشحن وظروف الإنتاج وخلافه وارتفاع معدلات التضخم، لذلك ليس من العدل اتهام التجارة بالتواطؤ مع التجار وعدم القيام بمسؤولياتها عن المواد التموينية وعلينا التدقيق فيما نكتبه دون خلط ورمي الاتهامات لنملأ العمود بأي كلام تحت عناوين مضللة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي