رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


معجزة نهر الهان المدهشة

يُطلق على كوريا الجنوبية ''معجزة نهر الهان''، فبعد أن كانت تحت الاحتلال الياباني الذي استمر قرابة 40 سنة، وبعد أن كانت تصدر العمالة إلى دول العالم ومنها الدول الخليجية، شأنها في ذلك شأن دول جنوب شرق آسيا، وبعد أن كان يعاني عدد كبير من سكانها الفقر والمجاعة، تمكنت من تحقيق إنجازات تنموية وصناعية هائلة خلال خمسة عقود فقط، فأصبحت في الوقت الحاضر تملأ أسواق العالم بالتقنيات المتقدمة والسيارات والأجهزة المنزلية، وكذلك تميزت بإنجازات كبيرة في مجال العلوم والتقنية والبحث العلمي والديمقراطية والتنمية البشرية، إذ احتلت المرتبة (12) في مؤشر التنمية البشرية، متجاوزة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
لا بد أن يشعر الزائر لكوريا بدهشة وإعجاب لهذا الإنجاز التي ينعكس في جميع مناحي الحياة. وهذا التقدم والتطور والرقي الحضاري الذي يلمسه الزائر من خلال الاستمتاع بالأمن، وكذلك مشاهدة السيارات الكورية تملأ الشوارع وتتفوق على المستوردة عدداً، ومن خلال استخدام وسائل النقل المتقدمة، أو طلب خدمة من الخدمات، أو الاستعانة بأحد المارة، أو ملاحظة سلوكيات الناس وتعاملهم مع الآخرين.
الشعب الكوري شعب يتسم بالهدوء والطيبة، ويبتعد عن التوتر والعنف في تعامله مع الآخرين، على عكس ما نشاهده في شوارعنا العربية، كما يتسم بالأناقة والنظافة في الملبس، والرشاقة (رجالاً ونساء)، فقلما تشاهد إنساناً يعاني السمنة المفرطة التي ابتلينا بها في بلداننا العربية عموماً والخليجية خصوصاً، ويعود سبب رشاقة الكوريين – كما علمت – إلى أن الشعب الكوري ينظر إلى ''البدين'' على أنه إنسان كسول لا يتحرك كثيراً، ما يحفز الإنسان الكوري لممارسة الرياضة والعناية بالصحة، وفوق كل ذلك يتمتع المجتمع الكوري بالأمن الذي يفوق ما عهدنا في كثير من دول الشرق الأوسط والدول الغربية.
ختاماً.. لا بد من الاعتراف بأنه ليس هناك وجه مقارنة بين كوريا الجنوبية وأي دولة عربية في الوقت الحاضر، لأن كوريا أصبحت في مصاف الدول المتقدمة، أما الدول العربية، فبعضها يتقهقر والبعض الآخر لم يحقق تقدماً يضمن الاستدامة والتنافسية، لكن بما أن كوريا حققت هذا التقدم العلمي والتقني والتنموي خلال خمسة عقود فقط، فهل هذا يعطينا الأمل بأن تتمكن الدول العربية من الاستفادة من هذه التجربة الرائدة، ومن ثم تحقيق نهضة تنموية مماثلة خلال العقود القادمة؟ نعم، لكن يستلزم ذلك رؤية وإخلاصا في وضع خطة جادة وشاملة، تشتمل على مقومات النجاح، وفي مقدمتها الحد من الفساد، وتحقيق العدالة والمساواة، وتطوير التعليم، وإتاحة الفرصة للمشاركة في التنمية، والاهتمام بالبحث العلمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي