رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«قياس وقدرات».. تسلط القلة على مصائر أجيال

1. هل يجوز لوزارة أن تستلم أبناء المواطنين لمدة 12 عاما. تفرض عليهم تعليما يستغرق النهار مجمله وأكثره بين تدريس ومراجعة وتحضير، ثم تختزل عمره وكل سنوات تعليمه تلك في شيء اسمه ''قياس'' وآخر اسمه ''قدرات''؟!
2. هل من وضع هذه الحيلة.. لحرمان أبناء المواطنين من حقهم المكفول في تأمين فرص التعليم للجميع، دون قيد أو شرط حتى لذوي الاحتياجات الخاصة، والقصور العقلي، يجب على الدولة أن تؤمن لهم المقدمات المساندة لتعليمهم كافة، هل هذه الفئة ''من القائمين على هذه الفكرة'' هل هم خضعوا ''لقياس ولقدرات''؟! وبذا جاز لهم رهن مصائر الأجيال عندهم وبأيديهم.
3. هل الأجيال التي حازت مستوى متواضعا في الثانوية العامة، لأسباب نفسية عارضة، أو أزمة عائلية أو مرارة فقد، أو أزمة عاطفية. أو مراهقة منفلتة. ثم عبروا هذا كله.. وحازوا أعلى الدرجات، وأرفع أوسمة الشرف في الداخل والخارج.. هل كان الفشل في قياس أو قدرات عائقا؟! وهل قياس وقدرات سيكون القائمون عليه سعداء لو عطلوهم وجعلوهم في هامش الفرص ومرذولها!
4. هل قدرات وقياس هذا الذي لا يطبق في كثير من دول العالم هل رفع مستوى التعليم الجامعي لدينا؟ أم هل هو شهادة على فشل التعليم لما قبل التعليم العالي؟
5. في إطار أي عنوان شرعي من فقه المعاملات يجوز لوزارة أو جهة ما.. أن ترتهن مستقبل طالبا متفوقا في كل مراحل تعلمه لدى مؤسسات الدولة التعليمية الرسمية باختبار وضعه بشر، ليجعل منه مقياسا وسببا للحكم على مصيره ومستقبله. ثم لا تقبله الجامعات بعد ذلك؟ هل هذا جائز شرعا؟ هل يجوز أن يجعل إنسان من نفسه حاكما على مستقبل غيره، ويعطي نفسه الحق في إعاقة حقه في التعليم؟
6. إن هذه الأنماط من الاختبارات ليست مقياسا صحيحا، وإن آلاف المشاهير في الطب، والهندسة، وفي الفلسفة.. وعباقرة التاريخ.. كانوا بحسب التصنيف الأولي لهم ''ضعافا''، وقسم آخر منهم ''من ذوي الاحتياجات الخاصة''، وآخرون شبه معاقين. وقسم كبير تم تصنيفه من ذوي ''صعوبات التعلم''. ورغم ذلك حققوا للبشرية ما عجزت أجيال من الأسوياء والعباقرة أن يحققوه، والدليل على ذلك أن عددا من الطالبات والطلاب الذين فشلوا في اختبارات قياس وقدرات. ونالوا نسبا متواضعة.. قد حازوا شهادات تفوق أقرانهم في الولايات المتحدة وأوروبا. حين تعلموا على حسابهم الخاص!
7. قياس وقدرات! هل كان مخرجا مشرفا، لمن عجز عن تأمين مقاعد جامعية تتسع للمتخرجين من الثانوية العامة، مع تنامي معدلات النسب المرتفعة، وفي كل مرة ترفع الجامعات نسب القبول تجد الأبناء قد حققوها ونالوها، بما يحرجهم أكثر، حيث يفتضح العجز. وعدم القدرة بشكل لا يمكن ستره! إن قياس وقدرات.. ينسب عدم توفير مقعد جامعي للطالب. يوصمه بالعجز العقلي؟ بالعجز عن استحقاق فرصة تعليم جامعي. فقد كانت نسبته في ''هذين الاختبارين'' متواضعة رغم كونه قد حقق النسبة الكاملة أو أنقص منها قليلا في كل المراحل التعليمية السابقة.
8. لا يوجد في العالم كله.. شيء اسمه قياس للعقل البشري، إنه كائن فريد قائم بنفسه، بشكل لا يمكن تصور ما ينتج عنه. أميون يتحولون إلى شعراء عباقرة كالنابغة الذبياني، الذي تجاوز الأربعين، وبدأ يتعلم.. وإذا ذاك العقل الخامل الكسول الغائب قد حضر، حضورا لقبته العرب بالنابغة. ولم تلقب غيره. الجاحظ الذي يئس منه أستاذه يأس من حرص على أن يفهمه ''إن كنت في شيء لا تحسنه.. دعه لما تحسنه'' حياء من طرده من الدرس.. ولكن الجاحظ.. فهم الدرس جيدا.. وثار عقله انتصارا لكرامته.. وإذا هو بحر اللغة ومحيط ومدرك لكل ما فات زمانه وأهله.
9. سيأتي يوم ثقيل.. على من يجعل من نفسه وصيا يقدر مصائر عباد الله، ويحرمهم من فرص التعلم، وهي مكفولة للجميع، إن تخرج من مؤسسة تعليمية معتبرة بشروط التعليم، ولديه شهادة معترف بها، تؤهله للتعلم أن الضعف والقوة في العقل عوارض. وإن الطالب في مرحلة عمرية تمثل الموج في الصعود والهبوط وإن مركبات النفس والعقل تتفاوت بين الانفعالات النفسية وتأثيرها على القدرات العقلية. وإن كثيرا من النوابغ يفشلون في قدرات وقياس لشدة الخوف والرهبة من كونه بين يدي اختبارين يملكان الحكم على مستقبله، بما يتناقض مع شريعة العقول والبصائر.
هل نسعى في تحقيق مشيئة الملك الصالح لشعبه! ونزيل أكبر إعاقة مصطنعة للتعليم الجامعي من أمام مستقبلنا وحاضرنا وأبنائنا؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي