المصارف الإسلامية تحتاج إلى مزيد من الوقت لتطبيق "بازل 2"

المصارف الإسلامية تحتاج إلى مزيد من الوقت لتطبيق "بازل 2"

وفي وسط التغييرات الكبيرة، تمر صناعة المصرفية والمالية الإسلامية الآن بمرحلة حرجة من التطور والتنامي، تدار بفعل مؤثرات خارجية وداخلية. وحتى نستطيع الارتقاء إلى احتياجات المستثمرين المعقدة، فإن مؤسسات المصرفية والمالية الإسلامية تنشط حالياً في إدخال أنظمة جديدة لشحذ المهارات التنافسية، وقياس المخاطر بدقة أكبر. كما أنها تنظر إلى عملياتها التجارية خلال عين مبتكرة لم يسبق وجودها من قبل.
وتفرض هذه التغيرات أيضاً بفعل مؤثرات خارجية، حيث تظهر السلطات التنظيمية العالمية والهيئات المصرفية قدراً أكبر من التشدد في قضايا الالتزام والشفافية في عملياتها. وهذه الضغوط الخارجية شائعة بالنسبة لصناعة المصرفية والمالية الإسلامية مثلما هي شائعة بالنسبة للمؤسسات المصرفية التقليدية، خصوصاً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وربما يتافر مزيد من الوقت أمام صناعة المصرفية الإسلامية للالتزام بمتطلبات بازل 2، ولكن لا بد، بالتأكيد، من بذل المزيد في السنوات المقبلة إذا أرادت هذه المؤسسات البقاء جزءاً متكاملاً ضمن عالم الأعمال.

الوضع العالمي
على خلاف الأعمال المصرفية والمالية التقليدية، لا يوجد هيكل متكامل عالمي لصناعة المصرفية الإسلامية. وهناك بالتأكيد عملية تجري الآن لربط المؤسسات المالية الإسلامية في إطار متكامل عالمياً، وسينتج عنها منافع عملية وحيوية من التعاون بين اللاعبين في الصناعة. وهناك حاجة إلى إدخال تغييرات على المستوى الجزئي والمستوى الكلي للمحافظة على وتيرة النمو. فعلى المستوى الجزئي، تجري حالياً عمليات التنظيم على نطاق واسع، بما في ذلك تصميم أنظمة لإدارة المخاطر لا يخر منها الماء، ومقاييس للعمليات المحاسبية المتكاملة والمفتوحة وخيارات السيولة.
إن المؤسسات المتخصصة في معايير الأداء المهني والمتميز، من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ومركز إدارة السيولة المالية، والمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، تتصدر الجهود لإجراء إصلاحات شاملة ستعمل على تغيير المشهد بأكمله. إن العالم يتحرك بسرعة، وفي صناعة تتميز بتزايد التكامل العالمي، لم يعد بوسع صناعة المصرفية والمالية الإسلامية أن تظل بمعزل عن التطورات العالمية.

الضغوط
إن الضغوط لفرض التكامل والترابط بين المؤسسات في عصر العولمة ينبغي ألا تؤدي إلى تذويب روح الفقه الإسلامي. وينطبق هذا بشكل خاص على الحجج الأساسية التي تقول إن البنوك الإسلامية تقلد الصكوك والتعاملات البنكية وتكيفها وفقاً لأحكام الفقه الإسلامي. إن الجوانب الجديدة التي يدخلها الاقتصاد الإسلامي بصورة متزايدة في مختلف أنحاء العالم يجب أن تكون متميزة وتعلو على الممارسات الأخرى في تميزها.
وحين تتمكن مؤسسات الصناعة من تحقيق النمو والتنافس القوي، يكون لزاماً أن يتم في الوقت نفسه تطوير هيكل عالمي للنظام المالي الإسلامي بما يتمشى مع أفضل الممارسات الدولية. وهذا يقتضي النظر في الممارسات المحاسبية للمؤسسات المالية الإسلامية بهدف تكامل المعايير والنظم.
ويجب أن تتم هذه المعايير بقدر من الحصافة يؤهلها للصمود في وجه التمحيص الذي ستقوم به السلطات التنظيمية العالمية. وبمرور الزمن سيتم تطوير آلية تنظيمية عالمية للمالية الإسلامية. ذلك أن وجود نظام مالي إسلامي متطور هو أمر لا بد منه لدعم نمو الصناعة. ذلك أنه باتباع نظام قياسي مقبول، يمكن تسريع وتيرة التقدم في أسواق المال والأسواق الرأسمالية الإسلامية. ولا تستطيع صناعة المصرفية والمالية الإسلامية أن تظل بمعزل عن ضغوط العولمة.
هناك حاجة لتطوير نظم مبتكرة لإدارة المخاطر، على اعتبار أن التعاملات البنكية العالمية تتبنى بصورة متزايدة منهجاً تنظيمياً يركز على إدارة المخاطر. كما أن الضرورة تدعو إلى إعطاء الأولوية لتطوير مجموعة من الباحثين والدارسين والمفكرين تتمتع بأحدث المهارات وقاعدة المعرفة التنافسية، وذلك للبقاء على قدم وساق مع نمو صناعة المالية الإسلامية.

وهناك ضغوط متزايدة لوضع وتشغيل أنظمة تتحمل ضغط المعايير التنظيمية الحصيفة العالمية.

التطور
سيتعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تتطور بصورة سريعة لمواجهة العالم الجديد الذي تزداد فيه قيمة المعرفة التكنولوجية، ويزداد فيه التركيز على العملاء والترابط العالمي بين المؤسسات. والمصرفية الإسلامية ما تزال محدودة من حيث نطاق عملياتها، ويتعين عليها أن تسعى لتطوير المؤسسات المالية المساندة. وسيكون من المناسب البدء بمؤسسات وساطة مالية غير مصرفية، مثل مؤسسات الادخار ومؤسسات قروض الإسكان، التي يغلب عليها طابع التجزئة.
إن تطور صناعة المصرفية والمالية الإسلامية هو تطور سريع، حيث استطاعت تأسيس سوق متخصصة لنفسها في عالم تنافسي بصورة متزايدة. وهذا النمو علامة واضحة على القبول المتزايد للاقتصاد الإسلامي، بصرف النظر عن الموقع الجغرافي والديانة وسيكون على صناعة المصرفية والمالية الإسلامية كذلك أن ترتقي إلى مستوى التحديات التنظيمية، بحيث تسهم في تكامل النظام المالي العالمي.

* الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة في بيت التمويل الخليجي في البحرين.

حق النشر حصري لجريدة "الاقتصادية" بناء على اتفاق بين "الاقتصادية" و"إسلاميك بانكنق آند فينانس" المجلة البريطانية المتخصصة في المصرفية الإسلامية.
www.islamicbankingandfinance.com

الأكثر قراءة