رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مخاطر إفلاس المدن في المملكة

إفلاس مدينة ديترويت التي كانت عاصمة لصناعة السيارات في أمريكا قد يكون مفاجأة للكثيرين، ولكن لما تخسر أمريكا القيادة في هذه الصناعة وتبدأ المدينة في خسارة 26 في المائة من سكانها في السنوات العشر الماضية فقط، تبدأ قاعدة الضرائب في التآكل والديون في تزايد والتكاليف المالية في تناقص ولكن بنسبة أقل. النتيجة الإفلاس وليست هذه المرة الأولى في أمريكا.. هذه الحالة جعلتني أفكر في حالة المدن في المملكة على الرغم من الاختلافات العميقة بين أوضاع المملكة والحالة الأمريكية. إحدى الظواهر العالمية حضارياً في العقود وحتى القرون الماضية هي مدى نمو المدن إلى حد أن الاهتمام بها أصبح أكثر من الاهتمام الدول أحياناً. أصبحت المدن مركز الثقل الاقتصادي والثقافي والسياسي، لذالك ليس مبالغة في القول إن النجاح في إدارة المدن يحدّد مدى نجاح أو فشل المشروع التنموي في كل بلد.
طبقاً لإحصائية البنك الدولي، فإن نحو 82 في المائة من سكان المملكة يعيشون في المدن وهذه نسبة عالية مقارنة حتى بالدول النامية. النموذج الاقتصادي ''المالي'' في المملكة هرمي وتوزيعي، فهو بذلك يتبع تطور المدن ويحاول أن يخدمها بقدر الإمكان، فالبلديات ترفع احتياجاتها إلى وزارة البلديات والتي تحاول إقناع وزارة المالية، كما أن هناك وزارات أخرى. ذات علاقة مثل وزارات الخدمات كالمياه والنقل. مصدر تعقيد آخر يأتي في وجود هيئات عليا لبعض المدن دون غيرها وفي هذا تقاطع مع الأمانات واختلاف عن بعض المدن. كذالك تجني الأمانات والبلديات بعض الرسوم والغرامات والتي عادة تذهب إلى وزارة المالية لكي تكون جزءاً من دخل الحكومة الذي يوزع لاحقاً طبقاً للتوزيع الهرمي. الصورة في مجملها غير متوازنة أفقياً ورأسياً، فليس كل المدن تخدم بالمستوى نفسه مما يؤثر سلبا في الهجرة الداخلية والضغط على الخدمات، وليس النموذج قابلاً للاستدامة بحكم الخلل في الرابط بين التكاليف والتشغيل، وإضافة إلى ضعف الرابط الإداري بين النموذج الهرمي وطبيعة القرارات ذات الطابع الخدمي المباشر. وأخيراً ليس من دور واضح للإمارات من حيث العلاقة مع الأمانات والتي من المُفترض أن تكون جزءاً من محاولة المملكة لتعديل منظومة الحكم المحلي، ولكنها بقيت على درجة من الغموض.
في المدى البعيد يحكم نشوء وتطور المدن العوامل الاقتصادية أولاً والسياسات العامة ثانياً. فنجاح المدن في البلد الواحد مدخل لنجاح الجميع، خاصة أن قدراً من المنافسة مطلوبٌ في كل نشاط اقتصادي. إذا لم تنجح المدن، فليس هناك نجاحٌ للبلد بالتالي علينا العمل على نجاح المدن اقتصادياً وتشجيع قدر من المنافسة بين المدن.
ما الحل؟
الطريق طويل وعملية الانتقال من النموذج السائد إلى نموذج جديد تتطلب فكراً جديداً وتعاوناً بين جهات بيروقراطية تعتقد أنها تعرف أكثر من غيرها وتقاوم التغيير في كل فرصة وغير فرصة. نقطة البداية أن تبدأ المدن في إعداد ميزانيات واضحة ومستقبلية وتناقش مع المجالس البلدية والوزارة، على أن تفرق بين الدعم من الحكومة المركزية وبين ما تستطيع أن تحصل عليه من عوائد وجذب استثمارات، تدريجياًً تحفز الوزارة الأمانات والبلديات في زيادة الدخل الذاتي والاقتراب من تكاليف التشغيل. الخطوة التالية في قبول دور الضرائب على العقارات مقابل ما يقدم من خدمات، فمثلاً مواقف السيارات تعد من أهم مصادر الدخل ''مواقف السيارات: الزاوية الاقتصادية عدد 6105 تاريخ 29/6/2010''. في نظري على المجلس الاقتصادي الأعلى تبني الفكرة ودفع السياسة الجديدة لحسم نقاط الاحتكاك بين القبائل البيروقراطية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي